بعد أكثر من 10 أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية الجماعية يكافح غالبية الفلسطينيين في قطاع غزة، للحصول على مصدر دخل، كما يكافحون للصمود والبقاء في وجه أعتى آلة حربية تستبيح كل شيء.
الصيدلي محمد نصار (٣٤ عامًا) نزح من بيت حانون شمالي القطاع إلى خان يونس أواخر نوفمبر الماضي، بعد أن فقد صيدليته، وبات يلتقط رزقه من خلال البيع في الأسواق.
يوضح نصار لـ "فلسطين أون لاين"، أنه من اليوم الأول للعدوان نزح من منزله في بيت حانون وتنقل في الشمال في أكثر من مكان قبل أن يصل للمستشفى الإندونيسي وينزح عنه نهاية نوفمبر إلى رفح جنوبًا ثم منها إلى خان يونس.
في كل رحلة نزوح قسرًا كان نصار يدفع الثمن من روحه ومقدرات الصمود التي لديها وفي كل مرة يضطر أن يبدأ من جديد من الصفر.
أسس نصار صيدليته وسط بيت حانون قبل الحرب بأشهر قليلة بتكلفة تقارب ٣٣ ألف دولار، وتوقع أن تنجو الصيدلية من القصف والدمار، فإذا به يتلقى خبر تعرضها للحرق الكامل بقنابل الاحتلال، ليضيع جهد وكد العمر في لحظات نتيجة إجرام الاحتلال.
كلما لاحت فرصة عمل مناسبة في الصيدلة في جنوب القطاع لم يتأخر نصار، إلا أن العروض الأخيرة للعمل الجزئي في تخصصه لا توفر له دخلاً مناسبا ما اضطره للعمل في غير تخصصه.
يقول: اضطررت للعمل في أسواق خان يونس والوسطي، وخصوصًا في بيع النايلون والبلاستيك، مشددًا على أن البيع في السوق أفضل كثيرا من العمل براتب محدود.
"لا عيب في التجارة والبيع بالسوق".. هذا الحال أفضل من العمل الجزئي بمقابل زهيد أو انتظار عمل مناسب .
ويشير الى أن زملاء كثر يعملون في السوق، لا ضير يقول نصار لكن الصعب على النفس أن يلجأ دكتور جامعي يحمل الدكتوراه في تخصص نوعي لدفع أطفاله للعمل في بيع المشروبات الباردة لتوفير عدة شواقل تقيه ذل السؤال.
يتساءل محمد بغضب: لماذا يترك أستاذ جامعي دون راتب يحفظ كرامته أمام أسرته والمجتمع.
ودمرت قوات الاحتلال غالبية الجامعات، وعطلت عملها، كما دمرت غالبية المنشآت الصناعية والاقتصادية ما حول جميع من فيها إلى البطالة التي كانت تزيد تصل إلى قرابة 70 % في صفوف خريجي الجامعات قبل الحرب.
محمد نصار دمر الاحتلال منزله إلى جانب حرق صيدليته ويعيش حاليًا في خيمة بالية متحملا الحرارة الحارقة والبيئة القاسية يكافح من خلال العمل في الأسواق ليوفر قوت أطفاله وتعزيز صمودهم بانتظار لحظة الفرج.
غير بعيد عن محمد يقف رائد على بسطة لبيع المنظفات على شاطئ بحر خان يونس.
رائد طالب طب سنة خامسة، تعطلت حياته الدراسية وأرغمه الاحتلال على النزوح عدة مرات وفقد منزل عائلته ومصادر دخل ذويه ما اضطره إلى الوقوف على بسطة صغيرة لبيع المنظفات التي تصنع محليا بعدما فقدت من السوق.
وقال: الأصل يكون مكاني في المشافي والمرافق الصحية لكن الظروف القاهرة ترغمك على ما لا تتمناه.
ويشير إلى، أن عمله يجبره للاحتكاك بواقع صعب جدا، فالتجارة في هذا الواقع قاسية تضطرك للتعامل مع مواقف خشنة لم تعتدها من قبل.