فلسطين أون لاين

سياسيُّون يجيبون ..

"رسائل ثوريَّة بالرَّصاص".. ما تبعات تغريدة أبو عبيدة عن مقتل أسير "إسرائيليّ" على ملف "صفقة التبادل"؟

...
"رسائل ثورية بالرصاص".. ما تبعات تغريدة أبو عبيدة حول مقتل أسير "إسرائيلي"؟ سياسيون يجيبون
غزة/ فلسطين أون لاين

أثار إعلان "أبو عبيدة" الناطق العسكري باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الاثنين، عن مقتل أسير إسرائيلي وإصابة اثنتين برصاص مجندين مكلفين بحراستهم في حادثتين منفصلتين في قطاع غزة، الكثير من الجدل حول تبعاتها على صعيد الشارع "الإسرائيلي" وأهالي الأسرى إلى جانب ملف إنهاء "صفقة التبادل".

خاصةً وأنه هذه المرة الأولى التي تعلن فيها كتائب القسام أو أي من فصائل المقاومة في قطاع غزة عن مقتل أسرى على يد حراسها، وهو حادث غير عادي في ظل محاولة الفصائل الدائمة لحفظ أرواحهم لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين. ويبدو أن المجازر المرتبكة بحق الفلسطينيين يومياً أدت لهذا التصرف، الذي يُنتظر من كتائب القسام إعلاناً آخر عن تفاصيل أكثر عنه.

على الصعيد العسكري، أكد الخبير الاستراتيجي اللواء فايز الدويري، أن الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسّام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، بعث رسالة إنذار للاحتلال بعدما أقدم مجندان مكلفان بالحراسة على قتل أسير إسرائيلي وإصابة أسيرتين بجراح خطيرة.

وقال الدويري، إن رسالة أبو عبيدة تعني "أننا قد نفقد السيطرة على المجندين المكلفين بحراسة الأسرى "الإسرائيليين" في غزة، في  ظل ارتفاع وتيرة الجرائم والمجازر "الإسرائيلية" والتمادي فيها بالأسابيع الأخيرة.

وأشار إلى أن قيادة القسام لن تستطيع ضبط التصرفات الفردية للمجندين المكلفين بالحراسة، وعلى الاحتلال أن يرى نتيجة إجرامه وكيف ينعكس على أسراه.

وأوضح أن بلاغ أبو عبيدة صيغ بدقة ومفردات معبرة، مشيرًا إلى أن ما حدث ليس بتعليمات من قيادة القسام وإنما هو تصرف فردي من مجندين أوصلهما الاحتلال إلى نقطة احتقان قاتلة.

وشدد على أن أبو عبيدة سجل خطوة سابقة لن تسمح "لإسرائيل" لاحقًا بتسويق مزاعم كاذبة، مشيرًا إلى أن الأخيرة متقدمة في مجال الكشف عن آلية القتل وطريقتها بعد تشريح الجثث بحال جرى تبادل لها أيضا.

ولفت الدويري إلى أن الواقعتين قد تكونا قد جاءتا كردة فعل بعد مجزرة مدرسة التابعين بحي الدرج شرقي مدينة غزة، والتي قتل فيها الاحتلال أكثر من 100 شهيد أثناء صلاة الفجر بدم بارد.

وأشار إلى أن إجرام الاحتلال أفضى إلى غل شديد لدى الحراس وأخرجهم عن طورهم لارتكاب هذه الحادثة.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، إنّ القسام نقلت واقعة حقيقية لتضع الجمهور أمام مسؤولياته، حيث حدثت حالات غضب شديدة من جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي وعمليات القتل واستهداف الآمنين والمساجد والمدارس ومراكز الإيواء ما سبّب حالات "تفلت" أدت لمقتل أسرى.

وأشار المدهون إلى أن "حماس" وضعت الرأي العام أمام هذه الحوادث، وهي غير راغبة في أن تتكرر وغير معنية بها ولذلك فتحت لجان تحقيق من أجل الحيلولة دون أن تتكرر، غير أنه لفت إلى أن "جرائم الاحتلال تجعل الجميع يخرج عن طوره".

وبين كذلك أنّ "هناك رفضاً لمثل هذه الأفعال من حماس نفسها"، مشيراً إلى أن الرسالة التي يحملها إعلان أبو عبيدة واضحة بأن "الاحتلال بجرائمه يُدخل الجميع في منطقة مُظلمة، ويضر الأسرى الذين يدعي سعيه لتحريرهم، بهذا السلوك العدواني".

من جانبه، قال الباحث الفلسطيني محمد الرنتيسي، إن "رسالة القسام عن مقتل أسير مجند وإصابة أسيرتين على أيدي آسريهم رداً على المجازر المتكررة من العدو ورداً على التعدي وقتل أسرى فلسطينيين، هي رسالة قوية للعالم".

وأضاف في تغريدة نشرها عبر منصة "إكس" أن الرسالة تؤكد أنه "إن كنا نضبط أنفسنا كحركة رغم المجازر، فإننا لن نستطيع ضبط الأفراد ومشاعرهم أمام استمرار قتل عائلاتهم"، مشددا على أنه "رسالة مبطنة سيفهمها العدو قبل الصديق"، وفق قوله.

وبهذا الصدد، قال الكاتب يوسف الدموكي في تغريدة عبر منصة "إكس" إن "فكرة مقتل أسير في غزة على يد أحد حراسه وإصابة أسيرتين بجراح خطيرة، وربطها كرد فعل على مجازر الاحتلال، هي فكرة ثورية ونوعية".

وأوضح الدموكي أن الحادثتين "تغيّر تفاعل المجتمع الإسرائيلي تمامًا مع محارق البشر في المدارس والخيام، لأنهم يعلمون أن ثمة ثمنًا مباشرًا سيدفع، وأي اندفاع من نتنياهو لإثبات عناده بمجازر أبشع لإنهاء أوراق الضغط بيد "المراغمة" سيكون معناها مدمرا داخليا لدى مستوطنيه".

وتابع: " تجعل جيش الاحتلال وقطعانه يفكرون أكثر من مرة باختبار صبر شباننا العالي منقطع النظير بتعاملهم الرفيع مع الأسرى، وفق أخلاقيات لا توجد إلا لدى الطرف الوحيد النظيف من أطراف الحرب الوحشية. هؤلاء من لحم ودم".

وأكد أن إعلان القسام من شأنه "تحييد جهود الاحتلال في تفتيت الحاضنة الشعبية، وبدلا من ذلك ترسيخ أن هؤلاء الشبان لهم عائلات وأهل يقتلون على مرأى العالم كل يوم، فهم جزء من هذا الشعب ومن فلذات أكباده".

وذكر أن "وقوع حادثين منفصلين للسلوك ذاته، يعني أن ذلك ليس فعلا فرديا طائشا، وإنما شعور جماعي مكبوح بقوة، لكن حدوثه بذلك الشكل والتوقيت والتوازي يعني أن فعلا جماعيا أقرب للحدوث، وأن فعلا واحدا أنتج ردات فعل متقاربة ومتجانسة".

ولفت إلى أن إعلان أنه "سيكون هناك تحقيق في الحادثة، فيه عدة زوايا؛ أن آلية عمل "المقاومة" متماسكة حتى في هذه الظروف ويمكن "تشكيل لجنة تحقيق"، ثم إن العمل يمشي بالمسطرة فلا يمكن البناء على تصرفات فردية، وثالثًا أن نتائج التحقيق بحد ذاتها تتحول إلى إرباك للعدو، وورقة مساومة".

وبيّن الدموكي أن "المقاومة" تملك ما يكفي من الدهاء للتعامل مع عدو مراوغ كهذا، لكنها تتعامل بتحفظ وتعقل وكياسة بأكبر قدر ممكن، لكن ذلك لا يعني أنها تتعامل "بدروشة" مع ذلك الكم من الخداع، وقادرة على كيّ قلوب الإسرائيليين، مع طمأنة شعبها العزيز.

ونوه إلى أن "حدوث ذلك بعد أيام قليلة من تولي قيادة جديدة، لم تكن غائبة بالطبع عن القيادة السابقة والقرارات، يرسل رسائل أن ذلك ليس تغييرا "شكليا"، وإنما هناك طرق يمكن سلوكها باختلاف مذاهب التعامل بين القادة، وأن "إسرائيل" تتعامل مع متغيرات جديدة على أعلى مستوى، بينما تتعامل المقاومة مع قيادة واحدة لم تتغير حتى حُفظ أداؤها، وعُرفت طريقتها الناتجة من جمود وأنانية".

على صعيد الشارع الإسرائيلي

على الجانب المقابل،  قال المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن خبر مقتل أسير "إسرائيلي" وإصابة آخرين أثار اهتمام كبير في الساحة "الإسرائيلية" رغم النفي العلني والظاهري من قبل الناطق باسم جيش الاحتلال.

وأكد منصور، أن هذا الحدث أثار ضجة وأسئلة حول مصير الجنود الأسرى لدى المقاومة، لافتًا إلى أن أهالي الأسرى باتوا يتسألون بصوت مرتفع، متى تبقى المراهنة على بقاء الأسرى أحياء في ظل الوضع الصعب الذي يعيشونه في غزة؟.

وأوضح أن تغريدة الناطق باسم القسام جاءت في وقت حرج وحساس في ظل مماطلة نتنياهو قبل أيام من عقد لقاء الوسطاء لإتمام الصفقة.

وأضاف المختص منصور، أن التغريدة التي صدرت من القسام بغض النظر عن المعلومة ودقتها هل هي معلومة رسمية أم جزء من الحرب النفسية، سيكون لها تداعيات خطيرة على أهالي الأسرى بشكل كبير.

وبين أن وزير الأمن اتهم نتنياهو ضمنًا أن هو من يعطل الصفقة، موضحًا أن هذا التصريح يظهر لأهالي الأسرى أن أبنائهم ليسوا بأيدي أمنية.

وقال المختص بالشأن الإسرائيلي، إن نتنياهو لن يفعل شيئاً لقضية الأسرى، ويتمنى بقرارة نفسه أن يموتوا جميعًا من أجل عدم إبرام صفقة.

وأكد أنه على مستوى الإعلام والرأي العام وأهالي الأسرى هذا الخبر والحدث سيرفع منسوب الخوف والقلق لديهم حول مصير الأسرى.

وشدد منصور أن تغريدة أبو عبيدة ستساهم بتحريك ملف الأسرى، وتساهم في تحريك المخاوف لدى أهالي الأسرى عن مصير أبنائهم، مؤكدًا أن أوضاع أهالي غزة صعبة جدًا فما بالك في الأسرى لدى المقاومة، فهم يعانون مثلهم مثل الأهالي وربما أصعب.

كما يأتي هذا الإعلان في ظل تقديرات إسرائيلية بوجود 120 أسيرا بغزة، حيث سبق وأعلنت حماس عن مقتل أكثر من 70 منهم في غارات عشوائية شنتها إسرائيل على مناطق مختلفة من القطاع.

وعلق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، حول التغريدة، بالقول إنه لا تتوفر لديهم أية معلومات استخباراتية تدعم ما جاء في بيان المتحدث العسكري باسم القسام الأخيرة عن قتل أسير إسرائيلي وإصابة آخرين.

وتسود حالة من التوتر العلاقات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وقادة المنظومة الأمنية، على خلفية التوصل لصفقة لإنهاء الحرب وتبادل أسرى، حيث ما زال نتنياهو يتعنت ويضع المزيد من الشروط التي يعتبرها المستوى الأمني "مُعيقة".

آخر خلافاتهما كانت الاثنين، حينما وجه وزير الدفاع يوآف غالانت انتقادات حادة لنتنياهو، خلال جلسة أمنية مغلقة في مكتبه، وفق "هيئة البث الرسمية"، اتهم خلالها غالانت حكومة نتنياهو بعرقلة الصفقة مع حركة حماس.

وقال وزير الدفاع بشكل واضح: "إسرائيل من بين أمور أخرى، هي السبب وراء عرقلة صفقة المختطفين (المحتجزين في غزة)".

والخميس، دعت الوساطة الثلاثية، مصر وقطر والولايات المتحدة، إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في القاهرة أو الدوحة الأربعاء أو الخميس.

وبينما أعلنت تل أبيب اعتزامها إرسال وفد، دعت حماس الوسطاء إلى تقديم خطة لتنفيذ ما عرضوه عليها في 2 يوليو/ تموز الماضي، استنادا إلى رؤية تقدم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن بداية يونيو/ حزيران الماضي.

واعتبر مكتب نتنياهو أنه "ليس أمام إسرائيل إلا خيار واحد: تحقيق النصر المطلق، وهو ما يعني القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.. وهذا النصر سيتحقق"، وفق ادعائه.

وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربا على غزة خلّفت أكثر من 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وللمطالبة بإنهاء هذه الحرب، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر الماضي قصفا يوميا أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم في الجانب اللبناني.