فلسطين أون لاين

مجازر نسفت ادعاءات الاحتلال..

"المناطق الآمنة" .. استدراج مخادع لتحقيق "الإبادة الجماعية"

...
"المناطق الآمنة" .. استدراج مخادع لتحقيق "الإبادة الجماعية"
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تتصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في المناطق التي صنفها على أنها مناطق "آمنة" ومناطق "خدمات إنسانية" كما أدعى، بعدما طلب من النازحين والمواطنين التوجه إليها.

وشهدت الآونة الأخيرة ارتكاب مجازر في المناطق التي صنفها على أنها "آمنة" وفي مدارس الإيواء، فارتكب مجزرتين وحشيتين الأولى في مدرسة الرازي التابعة للأونروا بالنصيرات (وسط قطاع غزة) راح ضحيتها 23 شهيداً و73 مصاباً، والثانية في منطقة العطار بمواصي خانيونس (جنوب قطاع غزة) راح ضحيتها 17 شهيداً و26 مصاباً أمس.

وقبل المجزرتين وفي صبيحة 13 من يوليو/ تموز الجاري دوت أصوات ثلاثة انفجارات ضخمة في منطقة المواصي بالقرب من شارع (النص) غرب خان يونس الذي يعد مركز تسوق للنازحين هناك توجد بقربه آبار مياه ومحطات تحلية جعلت المنطقة وجهة للنازحين، نتج عن المجزرة التي استهدفت خيام النازحين نحو 90 شهيدا ومئات الجرحى.

ونسفت المجزرة كل الادعاءات التي روجها الاحتلال عن مناطق الخدمات الإنسانية والتي حاول وفق حقوقيين خداع العالم وتجميل صورته، وكشفت هذه الجرائم عن مزيد من دموية الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

تصعيد متعمد

في بيئة تفتقر لأدنى مقومات الحياة استوعبت تلك المناطق مئات الآلاف من النازحين، يعيشون حياة قاسية في الخيام ويواجهون صعوبات شديدة في طهي الطعام وتوفير المياه الصالحة للشرب أو مياه الآبار للاستعمال المنزلي، ورغم ذلك صعد الاحتلال جرائمه في الآونة الأخيرة ووضع منطقة "المواصي" على مجهر الاستهدافات.

كان الشاب محمد (25 عاما) متوجها إلى عمله لحظة حدوث القصف أثناء مجزرة المواصي، فبعد تجاوز الشاب لمفترق شارع (النص) المستهدف بنحو 200 متر استقل خلالها سيارة أجرى، وقع الانفجار العنيف، فنزل من السيارة لتوثيق المجزرة بعدسة هاتفه.

محمد الذي فضل عدم الكشف عن اسمه كاملا لموقع "فلسطين أون لاين" بات يشعر كغيره من عشرات آلاف النازحين بمناطق المواصي بالخوف من الذهاب لمراكز التسوق إذ ارتكب الاحتلال مجزرتين في المنطقة في أقل من أسبوع استهدفت مفترقين حيويين، بلغت حصيلة الشهداء فيهن نحو 107 شهداء.

مع كل يوم عمل جديد يلقي الشاب نظرات وداع على أطفاله وعائلته يخشى أن لا يعود إليهم، "لم تعد الطرق آمنة، والاحتلال يركز على منطقة المواصي بالتالي تذهب إلى عملك وأنت خائف، لكن نحن مجبرون أن نذهب للعمل ونعود بقوت يومنا، فلا مفر من ذلك" هذه الهواجس باتت تسيطر عليه.

وليس الطريق وحده الذي لا يستطيع محمد تغييره حتى ذلك الذي شاهد فيه مجزرة وقعت بشارع "النص" بل لا يستطيع مغادرة المنطقة رغم صعوبة العيش فيها نظرا "لعدم وجود بديل له" ولعائلته إلى الخيمة التي يصفها بأنها "فرن حارق تكويه هو وأطفاله".

قبل المجزرة بأسبوعين قدم أبو محمد صلاح وعائلته لمنطقة المواصي هو وآلاف النازحين من المناطق الشرقية لمحافظة خان يونس والتي تلقت أوامر إخلاء لم يتبعها أي هجوم بري على تلك المناطق فبقيت العائلة معلقة بين العودة لبلدة عبسان الكبيرة أم البقاء في المواصي.

تعرض ثلاثة أفراد من العائلة للإصابة لحظة المجزرة، عندما انهالت الخيمة القماشية المحملة بالتراب الناتج عن الانفجار فضلا عن تطاير ألواح الزينكو عليهم، وبعد انسحاب العائلة من المكان حدثت انفجارات أخرى استهدفت طواقم الانقاذ.

"قالوا منطقة المواصي آمنة فتوجهنا إليها، فارتكب فيها مجزرة لم أرَ أبشع منها في حياتي ولا في أي حرب من الحروب العدوانية التي شنها الاحتلال على القطاع بالتالي سأموت في منزلي بعبسان" دفعت المجزرة العائلة للعودة لشرق خان يونس بعدما أدركت أنها لا بقعة آمنة في القطاع.

ولا يختلف  حال الشاب محمد طوطح عن سابقيه فبات تحركه بمنطقة المواصي حذرا، وحسب المتطلبات الضرورية وهذا الشعور "يتملك غالبية سكان المواصي حاليا" كما يعتقد.

يقول طوطح لموقع "فلسطين أون لاين" إن "النازحين أصبحوا متخوفين من تكرار الاحتلال لمجازره في المناطق التي صنفها أنها آمنة وإنسانية، وهذا ما دفع الناس للتوجه لأماكن أخرى قريبة يصنفها الاحتلال أنها خطيرة بعدما أدركوا أنه لا توجد بقعة آمنة".

طوطح الذي نزح من مدينة غزة لمواصي رفح وعاش معاناة صعبة منذ بداية الحرب، ثم توجه لمواصي خان يونس، يعتقد أن الاحتلال جمع الناس في مناطق معينة لإحداث التكدس والتهجير ومن ثم الاستدراج لاستهدافهم.

ورغم الحذر الشديد إلا أن "متطلبات الحياة تجبر الشاب على الخروج من خيمته" لتوفير المياه أو الاحتياجات المنزلية، كما أنه لا يستطيع الانتقال لمنطقة أخرى لعدم وجود بديل في ظل تدمير الاحتلال لمعظم المنازل بمحافظة خان يونس.

إبادة جماعية

من جانبه، يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة: إن "جيش الاحتلال يركز بشكل كبير على إيقاع أكبر قدر ممكن من الشهداء والضحايا عبر استهداف مراكز الإيواء ومناطق المواصي".

وأضاف الثوابتة لموقع "فلسطين أون لاين" بأن الاحتلال ومن ضمن أهدافه غير المعلنة هي الإبادة الجماعية "فنتحدث عن أكثر من 150 ألف ضحية من شهداء ومصابين ومفقودين ومعتقلين بالتالي يهدف إلى تحقيق مبدأ جريمة الإبادة الجماعية".

ووفق الثوابتة، يركز الاحتلال على استهداف المراكز المكتظة وهذا شيء مكرر، لافتا إلى أن الاحتلال نشر أوامر إخلاء نحو محافظة رفح منذ بداية الحرب وبعدما استوعبت المحافظة مليون و300 ألف نازح من كافة المحافظة، قام بتشريدهم واجتياح المحافظة.

ونبه إلى أن الاحتلال يقوم بنشر خرائط باللون الأخضر لمنطقة "المواصي" على أنها آمنة التي توجه إليها عشرات الآلاف من النازحين لكنه استهدفها.

وتتصاعد المجازر في وقت يستهدف فيه المنظومة الصحية المنهكة، التي أخرجها عن الخدمة حتى يضمن تحقيق الإبادة الجماعية بعد تدمير المستشفيات التي لم يتبق منها إلا مستشفى شهداء الأقصى التي تعمل بأقل من 30%.