"بينما يتجهز الحجاج لارتداء ملابس الإحرام يلبس أبناء غزة الأكفان"، بأسى تعبر كلمات الغزية "جوري سلامة" عن وجع أهالي القطاع الذي تعمق بحرمانهم من أداء فريضة الحج لهذا العام.
و"نزفت" مشاعر جوري كمئات الآلاف من المواطنين، معبرة عن ذلك على موقع "فيسبوك": "بكل ثانية حسبنا الله ونعم الوكيل.. لبيك إنا متعبون فاجبرنا يا الله".
ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية على غزة للشهر التاسع تواليًا واحتلال معبر رفح البري، الشريان الوحيد للغزيين نحو العالم، تبخرت آمال مئات المواطنين الذين كانوا يتجهزون لأداء فريضة الحج بعد انتظار طويل.
وأودى عدوان الاحتلال على القطاع بحياة 36801 مواطن فيما أصيب 83680 آخرون منذ السابع من أكتوبر.
وبعبارات ملتهبة خطها "محمود السبوع"، عكست جرحا غائرا بداخله، يقول: "قوافل الحجاج إلى بيت الله الحرام أما حجاج غزة فقد حجوا إلى ربهم مبكرين محرمين بأكفان الشـهادة البيضاء.. هنيئًا لهم فقد فازوا فوزا عظيما".
ويضيف عبر حسابه في "فيسبوك": "سيحج المسلمون لبيت الله يطلبون الغفران وحجت أرواح الشهداء لرب البيت يشكون مرارة الخذلان..
تقبل الله من حجاجنا و رحم الله شهداءنا".
ومن "مرارة الخذلان" تبدأ "Nejla Dheouadi" منشورا تقول فيه: "حجاج غزة هذا العام نزحوا بين المدن المدمرة سبعة أشواط، وسعوا بين الخيام، وقبلوا جباه الشهداء وصعدوا فوق الركام".
وتلوم حكام الأمتين العربية والإسلامية بقولها: "أنتم غير محتاجين للتضحية في العيد، أنتم فعلا ضحيتم بنا"، وفق تعبيرها.
ويوافق الأحد المقبل أول أيام عيد الأضحى المبارك.
*"قلوب منكسرة"*
ويبدي "محمود الغزاوي" ألمه، قائلا: "الفلسطينيون يتوافدون إلى مكة المكرمة لأول مرة بدون حجاج غزة".
وينكأ حرمان الغزيين من الحج جراح "عمر ابو العبد" الذي يستذكر سفر الغزيين العام الماضي للحج، وحرمانهم منه هذا العام بسبب العدوان.
لكن عمر يواسي نفسه في منشور، قائلا: "صحيح أن قلوبنا مكسورة، وأرواحنا عطشى، ولا شيء يجبرها سوى رؤية الكعبة المشرفة، والسجود أمامها سجدة طويلة، تحط أثقال الهموم من على ظهورنا المثقلة، لكن عزاؤنا أن ما نحن فيه من صبر وبلاء، هو من أعظم العبادات أجرا".
ويرجو الله أن يكتب للغزيين أجر من حج واعتمر.
كذلك تتشارك "Rafeef Aziz" بشعور الحزن مع سابقيها، قائلة: "قوافل الحجاج تغادر مدن الضفة الغربية لأداء مناسك الحج (...) حجاج غزة أعظم الله أجوركم بما صبرتم، اعقدوال النية وعسى الله أن يكتبها لكم برحمته".
وتتوجه "Om Anas" برسالة عبر فيسبوك إلى الحجاج: "اقرؤوا السلام على الكعبة المشرفة واذهبوا إلى قبر وروضة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وأخبروه أن غزة هاشم تباد والسودان يباد والعروبة ماتت والحكام ظلموا.. أخبروه أن غزة صامدة وأن أهل فلسطين على العهد
وأن دماءهم تسيل في الطرقات نصرا للمسجد الاقصى".
وتتابع: "أخبروا النبي عن صرخات أخواتنا في غزة وجوع أطفالنا وقتلهم".
وبنداء يوجهه "محمد عبدالله" أيضا إلى الحجاج يقول: "حجاج غزة يٌحرمون من موسم الحج هذا العام..
فلا تحرموهم يا حجاج العالم من الدعاء بأن ينصرهم الله ويثبت أقدامهم ويرفع هذه الغمة عنهم".
وبطريقة مشابهة يطلب "Naeem Abuzaid" من حجاج بيت الله الحرام أن "يوصلوا سلام أهل غزة على الكعبة، فوالله ما غابوا إلا لأنهم يذبحون".
أما "Kamal Jabr" فاختار أن ينبه إلى معاناة غزة بمخاطبة الحجاج بكلمات: "يا حجاج العالم.. الحج إلى غزة والطواف في المسجد الأقصى".
وتربط "Om Doaa" بين الأحداث التي يعيشها الغزيون بمنشور تقول فيه: "انتهى العام الدراسي لكن بدون تجهيز شهادات السنة الدراسية ولا توزيعها فقد حصل طلابنا على أعلى الدرجات إما باستشهادهم أو تفوقهم في اختبارات القبول عند الله بصبرهم وصمودهم (...) ويدخل علينا شهر ذو الحجة لكن لاحجاج لنا، ستفتقد مكة حجاج غزة".
وتضيف: "اقترب عيد الأضحى لكن لا أضاحي فنحن الأضحية، اقتربت اختبارات الثانوية العامة لكن لا أحد سيتقدم لها فطلابنا قد تقدموا لاختبار الثبات والصدق والصبر".
"قوافل الحجاج تغادر مدن الضفة الغربية، وقوافل حجاج غزة غادرت الى الرفيق الأعلى، حسبنا الله ونعم الوكيل"، وهذه المرة المنشور للغزية "دعاء جواد".
بينما تشير "سحر بركات" إلى استشهاد نحو 210 مواطنين وإصابة أكثر من 400 آخرين في مخيم النصيرات وسط القطاع السبت، في وقت يتجهز فيه الحجاج لأداء مناسك الحج.
وتدعو الله قائلة: "يارب أنا لم أقِف على عرفات، ولا رميت الجمار،
ولا طُفت ولا سعيت، لكنني ياربٍ أنا كل عام قلبي يُلبّيك، لبّيكَ اللهم لبّيك".
وبتأثر تواصل دعاءها: "لبيك اللهم إنا متعبون فاجبرنا، لبيك اللهم غزة تباد فانصرها، لبيك اللهم إنا جرحى فاشفنا، ارحم واغفر لشهدائنا
لبيك اللهم عليك باليهود وأعدائنا".
"تيسير أبو عودة" يرى بدوره أنه "لو تبرع الحجاج بمصاريف الحج لأهل غزة لكان أولى من الحج وأكل دجاج ماكدونالدز"، وفق وصفه.
ويعبر علي صيام عن حسرته، قائلا: "غزة بدون حجاج! لبيك ربي وإن لم نكن بين الحجيج ملبين".
من ناحيتها تشير شركة حنيف للحج والعمرة في منشور إلى أن "عدد الحجاج المسلمين من كافة أنحاء العالم المقرر أن يقفوا هذا العام على صعيد عرفات هو نفس عدد سكان قطاع غزة البالغ مليونين و200 ألف نسمة"، متابعة: "اللهم فرجا عاجلا لغزة وأهلها".
والعام الماضي تمكن 2921 غزيا من السفر لأداء فريضة الحج، لكن من انتظروا أدوارهم لهذا العام باتوا بين شهيد وجريح وأسير أو محروم مما بات يمثل له "حلما".