بدون مقدمات أرى أن أهلنا في قطاع غزة هم أحق من يبدي رأيه _ سلبًا أو إيجابًا_ في المصالحة، لأنهم الأكثر تضررا، ثم يأتي بعد ذلك أهلنا في الضفة الغربية، أما غيرهم فنحن ننتظر منهم الآراء الإيجابية والابتعاد كل البعد عن السلبية، لأنه لا يجوز أن يرفض المصالحة أو يدعو لرفضها من يعيش خارج الحصار والجدران والمعاناة، ثم لا بد لمن يرفضها _ تطرفا أو كراهية في أحد الأطراف _ أن يقدم لنا البديل، وكذلك لا بد له أن يكون واثقا أن أهل غزة والضفة أعلم بما يصلح حالهم.
الذي تحقق من المصالحة بشكل عملي حتى هذه اللحظة هو الاتفاق على تمكين حكومة التوافق من بسط نفوذها في غزة، وهنا أذكر بأمرين الأول أن وجود حكومة التوافق يعني عودة غزة إلى حكومة متفق عليها فصائليا ولا تنتمى إلى حماس أو إلى فتح وعلى هذا الأساس يجب أن تعمل وعلى هذا الأساس يجب أن ينظر إليها الشارع الفلسطيني، وما خروج الناس لاستقبالها إلا لأنها تمثل الكل وترمز إلى خلاص غزة من الانقسام، أما الأمر الثاني فأعتقد انه كان من الأفضل للحكومة وللجميع أن تنال ثقة المجلس التشريعي حتى تعزز ما ذهبنا إليه فيما يخص التوافق والشرعية أيضا، ومع ذلك لا نرى في عدم نيلها لثقة التشريعي في الأيام الأولى للمصالحة عقبة تقف حائلا أمام عجلة المصالحة.
الأمر الأخير وهو يمثل وجه نظري الشخصية أن حماس لم تعد مسؤولة عن مقاليد الحكم في قطاع غزة وليس أمام حكومة التوافق إلا النجاح في مهامها دون عرقلة من أي فصيل داخل غزة، فإن فشلت _ولن تفشل إن شاء الله_ تكون غزة قد دخلت فعليا في حالة فراغ سياسي وحينها تقع المسؤولية على جميع الفصائل دون استثناء في ضبط الأمور وإعادة غزة إلى إدارة متفق عليها إن لم يكن هناك بدائل جاهزة لدى الأطراف المعنية باستقرار غزة والمنطقة، كما أنه لا بد من التذكير بأن الانقسام الشعبي لم يعد قائما وأي خلافات قد تحصل مستقبلا _ لا قدر الله _ ستكون خلافات حزبية لا علاقة للشارع الفلسطيني بها.