فلسطين أون لاين

بسبب شح الوقود وتدمير الآبار

خاص إيصال المياه للمنازل .. رحلة شاقَّة وطوابير ممتدَّة تزيد من أَعباء الحياة اليوميَّة بغزّة

...
photo_2024-05-20_08-57-33.jpg
خاص/ فلسطين أون لاين

في طابور طويل وتحت أشعة الشمس الحارقة، حاول الشاب "عبد المنعم التمراز" من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أن يضع مكاناً لقدميه كي يتمكن من تعبئة جالونات بلاستيكة متعددة الأحجام والأشكال بالمياه للأغراض المنزلية، وذلك بعد أن انقطعت عن منزله المياه الصادرة من البلدية منذ نحو عشرة أيام تقريباً .

يعد إيصال المياه للمنازل في مختلف محافظات قطاع غزة عملية شاقة جداً، في ظل مواصلة الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على السكان المدنيين منذ السابع من أكتوبر الماضي.

يقول التمراز:" كانت البلدية تخصص يومين في الأسبوع لإيصال المياه الى مناطق النفوذ، لكن بعد إغلاق سلطات الاحتلال معبر كرم أبو سالم لم تتمكن من الحصول على السولار اللازم لدفع المياه في الشبكات.. هكذا فهمنا من البلدية".

وأضاف التمراز الذي عاد إلى منزله بعد رحلة نزوح في مدينة رفح استمرت شهرين ونصف، أن أزمة المياه تلاحقه في حله وترحاله، وأن الذي يزيد من شدة الأمر هو حاجته إلى مياه أكثر من السابق نظرا لاستقباله أقارب نازحين من رفح التي تشهد عملية عسكرية إسرائيلية في الوقت الراهن".

وأدت الحرب الاسرائيلية على القطاع إلى انخفاض حصة الفرد الواحد من المياه في غزة إلى ما بين 3-15 لترا يوميا مقابل معدل استهلاك بنحو 84.6 لترا للفرد يوميا خلال العام 2022.

ويقدر جهاز الإحصاء الفلسطيني إجمالي المياه المتوفرة حاليا في قطاع غزة بنحو 10 إلى 20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، وهذه الكمية غير ثابتة وتخضع لتوفر الوقود.

كما تم تدمير نحو 40% من شبكات المياه، وتدمير واسع لآبار مياه تتبع للبلديات وأخرى مملوكة لشركات خاصة، وكما أصاب الدمار محطات تحلية.

في السياق تقول السيدة "أم يوسف حماد" القاطنة في مخيم البريج وسط قطاع غزة إن منزلها مكون من عدة طبقات وممتلئ بأبنائها وأحفادها النازحين من شمال وجنوب القطاع غزة، وأن توفير المياه مشكلة مؤرقة جداً، خاصة لدروات المياه، وأغراض الطهي وغسل الأواني والملابس.

ولفتت إلى أن الجيران المتوفر لديهم مولدات كهربائية يشغلونها بوساطة أنابيب غاز الطهي، ثم يسحبون المياه  كي تصل إلى الخزانات الموجودة على الأسطح وهو أمر غير متوفر لديها، فيضطر أبناءها إلى الصعود على السلم الخرساني" الدرج" وهو أمر مرهق جداً لهم.

وأشارت حماد إلى سعيهم لاستخدام" بكرة" لسحب المياه من الأسفل إلى الأعلى " شاهدتها عند قريب لها يواجه نفس مشكلتها ".

ولم تكن الظروف قبل الحرب أفضل بكثير، حيث قدرت سلطة المياه الفلسطينية أن نحو 4% فقط من سكان القطاع كانوا يحصلون على مياه غير ملوثة، أما اليوم ومع نقص الوقود الذي يعيق تشغيل مرافق المياه الأساسية فإن أغلبية سكان غزة باتوا عاجزين عن الحصول على مياه الشرب الآمنة.

وتؤكد بلديات في قطاع غزة أنها تحاول جاهدة بذل ما بوسعها كي تتمكن من إيصال المياه إلى منازل المواطنين في ظل نقص الإمكانيات المتوفرة.

فرئيس بلدية المغازي محمد مصلح بين أن بلديته تدرك حجم الضائقة الشديدة التي يواجهها السكان بسبب نقص المياه وأن البلدية أوضحت لهم وعبر وسائل الاعلام ومنصاتها أن نقص الوقود يحول دون عمل آبار المياه والدفع بها في خطوط المياه المتجه للمنازل.

وأشار مصلح إلى معضلة أخرى تواجها البلدية وهي وقوع آبار في مناطق تتوغل فيها قوات الاحتلال أو قريبة من تواجدها فتمنع طواقم البلديات المختصين من الوصول إليها وتعرض حياتهم للخطر.

ولفت إلى أن المناطق المنخفضة أكثر سهولة في حصولها على المياه من المناطق المرتفعة التي تتطلب قوة في الدفع توفرها الكهرباء.

وأكد رئيس البلدية على دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين" أونروا" ومؤسسات المجتمع الدولي في الضغط على سلطات الاحتلال لوقف الحرب فورا وتقديم كامل احتياجات السكان.

ونوه في حديثه إلى خطوط مياه ناقلة وشبكات توزيع داخلية دمرها الاحتلال في قصفه واجتياحه لمناطق نفوذ البلديات.

وكان قطع الاحتلال في بداية شن حربه تزويد القطاع باحتياجه من الماء قبل أن يعدل عن قراره بضغط خارجي.