فلسطين أون لاين

تقرير الصواريخ الإسرائيلية و"نقص الحبوب" تنذران بانقراض "طيور غزة الجميلة"

...
غزة/ محمد عيد

رغم نزوح الفتى حمدان أبو كميل مع عائلته برفقة "طيور الزينة" الخاصة به غير أن مهمة الاعتناء والحفاظ بهن لم تدم طويلًا.

واستطاع أبو كميل (17 عامًا) من بلدة المغراقة (شمال وادي غزة) الاعتناء بطيوره "دويري، كوكتيل، طائر الحب، طائر الكناري، طائر الدرة" لعدة أسابيع منذ بدء الحرب "الإسرائيلية" على غزة داخل إحدى مدارس الإيواء في مخيم النصيرات (وسط القطاع).

وجراء الحرب "الإسرائيلية" الممتدة على غزة منذ أكتوبر/ تشرين أول واشتداد "أزمة الغذاء"  لم ينجح بالعثور على "الحبوب" الخاصة بطيوره.

وإزاء ذلك، نفقت ثلاثة طيور بسبب البرد القارس والجوع، بحسب إفادة أبو كميل والذي تمكن لاحقا من العثور على طعام بديل.

وبشكل متكرر، تحذر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وبرنامج الغذاء العالمي من أن غزة "تواجه جوعا كارثيا".

وعلى مدار أسابيع طويلة من الحرب المستمرة لجأ أهالي شمال غزة إلى طحن حبوب الطيور وأعلاف الحيوانات لاستخدامها في صناعة الخبز.

ولجأ الفتى صاحب "الشعر الأشقر" إلى طحن حبوب القمح والبسكويت الذي يحصل عليه كمساعدة من إدارة (أونروا) والتي تقوم بتوزيعه على النازحين داخل مدارسها.

ولا تستطيع كل أنواع "طيور الزينة" قبول الطعام البديل الذي لجأ إليه "هواة تربية الطيور" في غزة خلال الحرب الإسرائيلية "المسعورة" وفقا لأحد "هواة تربية الطيور" علاء حسب الله.

ونظرا لتعلقه الشديد بتربية "طيور الزينة" اصطحب "علاء" خلال رحلة النزوح من منزله في حي الزيتون جنوب مدينة غزة 16 طيرًا من منزله.

ورغم نجاحه بالحفاظ عليهن من القصف الإسرائيلي خلال نزوحه داخل مدرسة (أونروا) في مخيم النصيرات إلا أن جميع طيوره نفقن بسبب الخوف من "ضربات الصواريخ" و"نقص الحبوب".

واشتكى "علاء" من صعوبة الحياة اليومية للمواطنين في غزة جراء الحرب الإسرائيلية وصولًا لصعوبة الحفاظ على الحيوانات أو حتى الطيور.

وحاليًا استطاع الموظف في القطاع الحكومي شراء طائر واحد من نوع "الكناري/ الكنار" بـ"ثمن زهيد 10 دولار" حسب وصفه مقارنة مع ثمنه قبل الحرب (20-50 دولار).

ويعيش الطائر ذو الألوان المتعددة ويغرد بصوته الجميل داخل مدرسة الإيواء كأحد أشكال "التغلب على أجواء الحرب" التي لجأ إليها النازح "علاء" وفقا لتعبيره.

خسارة الموسم والمشاريع

ويتحسر لؤي حسان أحد "هواة تربية الطيور" على فقدانه عشرات الطيور من أنواع متعددة لـ"طيور الزينة".

وخسر حسان بسبب "قذيفة مدفعية" أطلقها جيش الاحتلال على "غرفة مشروعه التجاري" أعلى سطح منزله في حي التفاح بمدينة غزة نحو (3 آلاف دولار) ثمن تلك الطيور التي كانت تشكل مصدر دخل لأسرته.

ومشاريع "تربية طيور الزينة وتفريخها" كانت إحدى المشاريع الاقتصادية التي لجأ إليها "هواة تربية الطيور" في غزة التي تخضع لحصار إسرائيلي منذ أزيد عن 17 عاما.

ولا تقتصر خسارة "هواية تربية الطيور" على مشاريعهم الاقتصادية بل تعدت لخسران "موسم الاصطياد" في غزة.

ج9.jpg

ويبدأ موسم الاصطياد في أكتوبر/ تشرين أول – ديسمبر/ كانون أول بحسب أحد "هواة تربية الطيور" نضال البنا.

وأفاد البنا بنصبه لشباك الصيد قرب شاطئ بحر مدينة الزهراء بتاريخ 5 أكتوبر وتحديدًا قبل يومين من العدوان الإسرائيلي، وحتى هذه اللحظة يحظر جيش الاحتلال على المواطنين الوصول لتلك المنطقة.

وسابقًا، كانت تدخل الحبوب الخاصة بطيور الزينة عبر معبر "كرم أبو سالم" التجاري جنوب غزة، وحاليا لا تسمح سلطات الاحتلال بإدخال أية شاحنات تجارية.

"أشبه بالانقراض"

وعندما بدأت الحرب الإسرائيلية، لجأ صاحب "متجر طيور الزينة والأسماك" محمد الصعيدي إلى نقل عشرات الطيور من متجره إلى داخل شقته السكنية في مدينة الزهراء جنوب مدينة غزة.

وبعد أيام من القصف المدفعي والجوي على مدينة الزهراء، نزح الصعيدي (35 عامًا) مع عائلته إلى مخيم المغازي وسط القطاع دون أن يتمكن من اصطحاب طيوره.

وخاطر لاحقًا بحياته من أجل الوصول لبرج "الياسمين" الذي يعيش فيه، وتمكن من إنقاذ بعض طيوره وإطلاق سراح بعضها الآخر.

قطع مسافات طويلة عبر مركبة تجارية لنقل تلك الطيور إلى مدينة رفح جنوب القطاع "في محاولة للبحث عن الأمان لمشروعه التجاري" وفقًا لإفادته، لكن الغالبية منها نفقت بسبب "نقص الحبوب".

ويقدر التاجر خسارته المادية بنحو 10 آلاف دولار عدا عن خسارته لشقته السكنية التي قصف الاحتلال غالبية أبراج مدينة الزهراء الاسكانية.

وسابقًا كان الصعيدي يقوم بتربية أصناف معينة من الطيور كـ"ردرم" ويقدر ثمنه الزوج بنحو (300 دولار)، طائر الدرة (40 دولار)، كاسكو إفريقي (1200 دولار)، طائر الحب، الكنار.

وبعدما فقد "صاحب المتجر" جميع طيوره، يقوم حاليًا بتنقية أكياس "الحبوب" من الشوائب والأتربة التي استطاع الوصول إليها من تحت بعض ركام المنازل المدمرة.

ويبيع الصعيدي داخل متجره في سوق النصيرات أصناف محدودة من الحبوب كـ(دخن) ويبلغ ثمن الكيلو جرام منه حاليا 20 دولار، و(قرطب) 20 دولار، (بزر) 10 دولار.

وقبل الحرب "الإسرائيلية" كانت أسعار تلك الحبوب لا تتعدى دولارًا أو اثنين فقط.

ويتفق "هواة تربية الطيور" على رأي واحد بفقدان غزة طيورها الجميلة التي لن تعود إليها إلا بعد سنوات عديدة "كأقل تقدير".