فلسطين أون لاين

​"نتنياهو" وزوال دولته المصطنعة

لو صرح أو قال أحد من أعداء كيان الاحتلال عن قرب زواله؛ لقيل هو من قبيل الحرب النفسية، وكره العدو والنكاية به، لكن أن يقول ذلك رأس هرم كيان الاحتلال _وهو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو_ هذا أمر آخر له ما بعده.

فقد عبر "نتنياهو" صراحة عن قلقه من أن يواجه كيان الاحتلال أي مخاطر تمحوه من الوجود، مشددًا على ضرورة أن يكون على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تهديدات، حتى يتسنى له الاحتفال بما أسماه "يوم الاستقلال الـ100 للدولة".

أن تمحى "دولة" من الوجود، وأن يكون الحديث هو من كبار قادتها ومفكريها؛ هذا يعني جدية الأمر، فما رسخ في الذهن يرسخ على أرض الواقع، وما كان ليس أصيلًا لا يدوم ولا يستمر، فالأصل ليس كالتقليد.

كلام "نتنياهو" أتى عبر سياق تاريخي وقراءة مقارنة، حيث حذر خلال ندوة دينية في منزله من أن يلقى الكيان العبري مثل مصير مملكة "حشمونائيم" التي استمرت 77 عامًا، وهي دولة يهودية مستقلة أسست بعد تمرد "هشمونائيم"، وكانت نهايتها مع غزو الإمبراطورية الرومانية للمنطقة.

وكأنه يواسي ويداري نفسه، فقد كان من أبرز ما صرح به "نتنياهو" خلال الندوة هو: "إن وجودنا ليس بدهيًّا"، و"سأبذل كل ما في وسعي للدفاع عن الدولة"، وأضاف: "المملكة الحشمونية دامت 80 عامًا، وعلينا في دولة (إسرائيل) أن نمر بهذه المرحلة ونتخطاها".

لاحظ البعد الديني المفبرك وغير الصحيح والمزور في كلام "نتنياهو" خلال الندوة، حيث قال: "ليس هناك وجود يهودي دون الكتاب المقدس، وأعتقد أنه ليس هناك مستقبل يهودي دون الكتاب المقدس، وهذا هو الأساس الأول والأعلى الذي نقف عليه، فهناك من يسعى إلى تدمير أساساتنا، تسعى إلى ذلك عدة جهات تستعمل مختلف الأساليب والوسائل، ولكن يمكننا بالقوة أن نتصدى لكل هذه المحاولات ونحبطها".

فالقوة هي إذن التي تحدد وجود الكيان العبري، وهذا باعتراف "نتنياهو"، وليست العدالة والحق والمنطق، والأصالة، ويبقى السؤال: هل تبقى قوة الكيان إلى الأبد، أم هي متجددة ومتغيرة، وتزيد وتنقص بحسب المراحل التاريخية؟

كالسارق الذي يبقى يحوم حول سرقته، ويراقبها عن بعد ليطمئن عليها، دعا "نتنياهو" إلى الاعتراف بما يسمى دولة (إسرائيل)، وقال بالنص: "على كل من يتحدث عن عملية سلام أن يتحدث أولًا قبل كل شيء عن ضرورة الاعتراف بـ(إسرائيل)، ودولة الشعب اليهودي".

يعلم "نتنياهو" ومن معه من مفكرين ومحللين وتجار بالدين اليهودي أن "دولته" فانية، وأنه لا أساس لها فوق هذه الأرض العربية الفلسطينية، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وإن "نتنياهو" وكل من معه من اليهود الذين وصل عددهم إلى قرابة خمسة ملايين استوطنوا الأرض الفلسطينية بقوة السلاح لا بشرعية أو قانون أو حق يعرفون به.

سيرحل "نتنياهو" ومعه "دولته" الفانية غير مأسوف عليها، وهذا ليس من قبيل التنبؤ، بل هو من قبيل منطق الأشياء والسنن الكونية الغالبة، التي وضع فيها خالق الكون معادلات، من عاداه خسر خسرانًا مبينًا، وكيان الاحتلال نموذج حي عن قريب، لتطبيق سنن الله، شاء من شاء وأبى من أبى.