أجمع محللون "إسرائيليون"على أن قوات الجيش "الإسرائيلي" ما تزال عالقة في خانيونس، "كمن يبحث عن عمل مؤقت بانتظار أوامر جديدة"، وأن "إسرائيل" تقف أمام مهود استنزافها في جبهتين، لبنان وغزة.
ويرى المحلل العسكري في القناة 13 العبرية، ألون بن دافيد، أنه "في بداية الشهر السادس للحرب تبدو إسرائيل أنها عالقة في مكانها، وتتوحل في الجنوب وكذلك في الشمال"، بينما كومة "حجارة اللعب" آخذة في التناقص، سواء بالذخيرة أم بتآكل القوات، في وقت تفيد تقارير "إسرائيلية" بفقدان أعداد كبيرة من الضباط والجنود في الحرب التي تخوضها "إسرائيل" بغزة.
ويقول بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة "معاريف"، "وصلنا إلى الوقت الذي ينبغي فيه الحسم إذا كنا سنتخلى حاليًا عن الجري وراء صورة انتصار واستكمال السيطرة سريعًا على مخيمات وسط القطاع ورفح، قبل أن ينتهي الصبر الأميركي".
غارق في رمال "خانيونس"
ويضيف: "وصلنا إلى لحظة يتعين فيها الحسم: هل نترك المطاردة وراء صورة النصر وننهي السيطرة على معسكرات الوسط ورفح بسرعة قبل نفاد الصبر الأمريكي. في هذه الأثناء، الصورة السائدة في العالم هي صورة جوع يستشري في القطاع أمام جمود إسرائيلي، سواء في المستوى العسكري أم السياسي، دون سعي إلى تصميم مستقبل القطاع".
واعتبر بن دافيد، أن ذلك "سيسمح بتوجيه قوات إلى الجبهة الشمالية (مقابل حزب الله) التي فيها أيضًا نحن عالقون في حرب استنزاف جامدة والتي كان من الصعب الخروج منها بدون أن نبادر. ووزير الأمن، يوآف غالانت، فقط يحافظ على علاقة بصرية مع أهداف الحرب ولا يزال يصر على تحقيقها. لكن حتى الآن لا ينجح بإخراج الجيش الإسرائيلي من الغرق في رمال خانيونس".
بينما يقول المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أنه "مرت خمسة شهور منذ 7 أكتوبر ولا توجد بشائر. وعاد بيني غانتس من واشنطن ولندن، من بعثة ليس واضحًا لصالح من جاءت وأي فائدة نتجت منها. ووصف مسؤول ضالع في صناعة القرارات ذلك بأنه ’حفلة تنكرية’".
تقف أمام مهود استنزافها
وتابع: أن "غانتس أخرج الصراع في كابينيت الحرب إلى البيت الأبيض، ونقل للمسؤولين الأميركيين أن إسرائيل ملزمة بمهاجمة رفح. وتلك في البيت الأبيض (نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس) تقول في محادثات داخلية إنهم أوضحوا لغانتس أنهم ليسوا مستعدين للاستمرار (بدعم إسرائيل) بهذا الشكل".
وخلص برنياع إلى أن "المشاهد القاسية" للنازحين في رفح وفي شمال القطاع "تقتل بايدن سياسيًا، في وقت تقترب به الانتخابات الأمريكية، كما من الجائز، بحسب المحلل السياسي برنياع، أن يحظر الكونغرس على "إسرائيل" استخدام ذخيرة وأسلحة أميركية من دون مصادقة مسبقة. ومن الجائز أن يلغي بايدن الفيتو التلقائي الذي تفرضه أميركي على أي قرار معاد (لإسرائيل) يُطرح في مجلس الأمن الدولي".
وقال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إن "اجتياح رفح هو أمر معقد بسبب وجود ثلثي سكان القطاع في المدينة ومحيطها مضيفًا: "من دون هزيمة حماس، وطبعًا بغياب انتصار مطلق الذي يتعهد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بتحقيقه بشكل دائم، فإن إسرائيل تبحث عن شبه انتصار بينما عملية في رفح ستكون طويلة، مكلفة ومعقدة أكثر".
خرجت حماس بصفتها "البطلة"
وتابع، أنه "من دون صفقة ووقف إطلاق نار، قد تتكرر هنا صورة مصغرة للحرب غير المنتهية بين روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل تقف أمام مهود استنزافها في جبهتين، لبنان وغزة، وهي ليست قادرة الآن على وضع نهاية للحرب. وخصومها يصرون على مواصلة القتال".
فيما قال الكاتب والمحلل الإسرائيلي، جدعون ليفي، 150 يومًا وحشيًا وصعبًا لم يتحقق أي هدف، ولم تحصل إسرائيل على أي شيء جيد من هذه الحرب، ولن تحصل. بل خرجت حماس أكثر قوة. قتل الآلاف من مقاتليها، لكن مكانتها بصفتها بطلة الأمة العربية ارتفعت إلى عنان السماء.
وأضاف ليفي، في مقال له في صحيفة "هآرتس العبرية، ثمة عزلة وكراهية دولية وسفك دماء وأضرار اقتصادية لـ "إسرائيل" لا مجال تحسن فيه وضع إسرائيل في هذه الأشهر الأكثر سوادًا في تاريخها. إسرائيل باتت الآن مكاناً أقل أمناً مما كان قبل الحرب، مع خطر اشتعال إقليمي وفرض عقوبات دولية وفقدان الدعم الأمريكي، وباتت أيضاً دولة أقل ديمقراطية بكثير؛ فأضرار الحرب على النظام كانت أخطر بكثير من أي انقلاب نظامي.
ونوه ليفي، إلى أن الأضرار التي تراكمت ستبقى أيضًا بعد انسحاب الجيش من قطاع غزة. مردفًا: "ليس هناك ما يقال عن مكانتها الدولية؛ فإسرائيل لم تكن في أي يوم منبوذة بهذا الشكل. وحتى العلاقات الأوتوماتيكية مع الولايات المتحدة تدهورت إلى حضيض لم نصل إليه.
ولفت إلى، أن "ثمة نزف يومي من الجنود القتلى، حتى لو كان قليلاً، ومعظم المخطوفين لم يحرروا بعد، وعشرات آلاف الإسرائيليين ما زالوا منفيين عن بيوتهم، ونصف الدولة بات مكاناً خطيراً للتجول فيه. الضفة تهدد بالانفجار، والكراهية الفظيعة التي زرعناها في غزة والضفة الغربية والعالم العربي وفي كل العالم، لا يمكن لأي شيء أن يمحوها". وفق قوله.
ومنذ الـ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تواصل "إسرائيل" شن عدوانًا وحشيًا على قطاع غزة، بدعم أمريكي وغربي، وأفادت وزارة الصحة بغزة، بارتفاع حصيلة العدوان 30878 شهيدًا و72402 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي، لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.