كانت تنتظر يوم الجمعة، لتجتمع وعائلتها والجيران في أحد بيوت مخيم جباليا، حول شاشة التلفزيون، لمشاهدة فيلم الأسبوع على الشاشات المصرية، وفي تلك الفترة ظهرت عندها ميول للأعمال التلفزيونية بأشكالها المختلفة، وأخذتها بوادر الشغف في صناعة الأفلام، التي أثارت فضولها، لخوض غمار التجربة خاصة أن غزة بيئة خصبة للإنتاج المرئي، ولكنها رغم ذلك التحقت بتخصص الخدمة الاجتماعية البعيد كل البعد عن ميولها، ولكنها، لاحقا سارت خلف رغباتها، ودخلت عالم صناعة الأفلام، وها هي المنسقة العامة للمهرجان السينمائي الخامس الذي ينظمه مركز شؤون المرأة.
تجربة السفر
"اعتماد وشح" فلسطينية من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، قالت لـ"فلسطين": "استطعت أن أخرج من أزقة المخيم، لأكون مخرجة، رغم أنه يتسم بالمحافظة والتمسك بالعادات والتقاليد".
كانت تتلقى انتقادات المجتمع الذي يرفض فكرة حمل الفتاة للكاميرا، أو سفرها بمفردها، ولم تسمح لهذه الانتقادات بالتأثير على مخططاتها، خاصة أن والديها يدعمان خطواتها.
تلقت أول تدريب في صناعة الأفلام، عام 1994 في مركز شئون المرأة، ثم توالت الدورات والتدريبات على أيدي مخرجين دوليين، وحصلت على شهادة دبلوم في المجال ذاته، ثم عملت في المركز.
قبل أكثر من عشرين عاما، بدأت وشح أولى خطواتها في التدريب لصناعة الأفلام وإنتاجها وإخراجها، لتعيش تجربة زخمة جدًا، فتعمقت في الدراسة والبحث والتعلم، ومن شدة اهتمامها في هذا المجال، حظيت بفرصة سفر إلى مدينة "جنيف" بسويسرا من أجل التعلم والتدرب بشكل أقوى، ووصفت هذه الفرصة بأنها "ضربة الحظ في مجال الإنتاج وعمل الأفلام".
وتحدثت وشح عن تجربتها في السفر: "كانت تجربة رائعة من أجل تعلم صناعة الأفلام السينمائية وإخراجها على أصولها، فقد صُقلت مهاراتي، وتغيرت حياتي وطريقة تفكيري، وخاصة على صعيد اختيار الفكرة، وطرح أفكار أكثر جرأة، وتمس الواقع الفلسطيني بصورة كبيرة".
وخلال ستة شهور من التدريب المتواصل، تعلمت وشح كيف تتقن صناعة فيلمها الخاص من ألفه إلى يائه، أي من مرحلة اختيار الفكرة حتى لحظة عرضه على الشاشة، حيث تلقت تدريبا على أيدي مخرجين كبار، وبأجهزة ومعدات حديثة، ما فتح آفاقها على العالم الخارجي واستخدام التكنولوجيا، إلى جانب تكوينها لعلاقات خارجية، "فهي بمثابة تجربة غيرت حياتي رأسًا على عقب"، وفق قولها.
وأضافت: "وفي فترة غربتي، صنعت فيلما عن نظرة المجتمع العربي المقيم في أوروبا للمرأة العربية من نواحٍ مختلفة".
وبعد عودتها قررت أن تنقل تجربتها لأخريات لديهن اهتمام بالسينما وبتعلم صناعة الأفلام.
قضايا المرأة
بعد فترة التعلم والتدرّب، ومع حلول عام 2005، شعرت أن خطواتها بشأن صناعة الأفلام أصبحت أكثر نضجًا، فأنتجت عددًا من الأفلام التي تُعالج قضايا اجتماعية، وخاصة التي تتعلق بالمرأة الفلسطينية، وحازت على العديد من شهادات التقدير المحلية والدولية.
ومن أفلامها: فيلم المحجوبة، وسياج، وطوق الياسمين، وهاجر، وكنت طفلتي، وحراير، ونساء على الحدود، وغيرها، وتطمح لإنتاج فيلم تلفزيوني حول القضية الفلسطينية.
ولفتت إلى أن سبب اهتمامها بقضايا المرأة هو أنه لا يشعر بمعاناة المرأة ووجعها إلا امرأة مثلها، بالإضافة إلى أنها تركز على قضايا سياسية وأثرها على المرأة، أو تتناولها من ناحية اجتماعية.
ومن العقبات التي تواجهها في صناعة الأفلام، عدم وجود تمويل مناسب، إلى جانب نقص في المعدات اللازمة والمتطورة، وصعوبة إيجاد ممثلين ذوي خبرة.
المهرجان الخامس
ويستعد مركز شئون المرأة لتنظيم مهرجانه السينمائي الخامس "بعيون النساء الخامس.. نحو تعزيز صمود المرأة الفلسطينية"، وسيكون في أوائل شهر نوفمبر/ تشرين ثان من العام الجاري، ويهدف إلى العمل على عرض أفلام فلسطينية تعكس الواقع الفلسطيني بوجعه وفرحه، والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإلى إحداث حراك فلسطيني سينمائي، "خاصة أننا نفتقد لوجود السينما في غزة، لذا نريد إيصال الناس للحالة السينمائية"، على حد قول وشح.
وبيّنت أن من أهداف المهرجان أيضا العمل على إخراج المرأة الفلسطينية المبدعة من دائرة الظل إلى دائرة النور، بالإضافة إلى التواصل وتكوين العلاقات مع المخرجات والسينمائيات الفلسطينيات في الداخل والخارج، ودعم الإنتاج السينمائي حول قضايا المرأة، وكسر الحصار النفسي عن الجمهور الفلسطيني.
وسيتم عرض ستة أفلام في المهرجان تهدف لتعزيز صمود المرأة الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، إلى جانب عدة أفلام من دول عربية مختلفة.
وستقدم وشح، في المهرجان، فيلما يتناول قضية "الإعلامية على الحواجز الإسرائيلية".