فلسطين أون لاين

أحضروا مستوطنين ليشاهدوا تعذيبنا

تعذيب نفسي وانتهاك للكرامة.. تفاصيل "صادمة" يرويها معتقلون من قطاع غزة

...

غزة - فلسطين أون لاين

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له، اليوم الإثنين، أنّه تلقّى شهادات صادمة من أسرى ومعتقلين فلسطينيين أفرج عنهم حديثًا من سجون الاحتلال الصهيوني. كشف فيها عن إحضار الجيش الصهيوني مجموعات من المستوطنين الصهاينة إلى المراكز والسجون التي يستخدمها لاحتجاز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، بغرض تمكينهم من مشاهدة جرائم التعذيب التي تُمارس ضدهم ومتابعتها، فيما سُمح للعديد منهم بتصويرها على هواتفهم الخاصة.

وأدلى عدد من المعتقلين المفرج عنهم بشهاداتهم للمرصد، قالوا فيها إن الجنود "الإسرائيليين" تعمدوا عرضهم أمام المستوطنين "الإسرائيليين" والادعاء بأنهم مقاتلين يتبعون لفصائل فلسطينية، وشاركوا في الهجوم على بلدات ومستوطنات غلاف قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر عام 2023.

ووفقًا للشهادات، أوضح المرصد الأورومتوسطي أن مجموعات من المستوطنين "الإسرائيليين" يتراوح العدد في المجموعة الواحدة من 10 إلى 20 شخصًا سُمح لهم بمشاهدة وتصوير الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المجردين من ملابسهم أثناء قيام جنود من الجيش الاسرائيلي بضربهم بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء، وصب الماء الساخن على رؤوسهم، بالتوازي مع شتائم وإهانات لفظية وتهديدات للمعتقلين باللغة العربية.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذه الممارسات غير القانونية بتنفيذ التعذيب على مرأى من مستوطنين "إسرائيليين" والسماح لهم بتوثيقها بهواتفهم وهم يسخرون، لتضاف بذلك جريمة جديدة على مجمل الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القطاع، وبخاصة ضد الأسرى والمعتقلين منهم، الذين يتعرضون للاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، والحرمان من المحاكمة العادلة، والخضوع للتعذيب الوحشي.

وفي شهادة للفلسطيني "عمر أبو مدللة" (43 عامًا) قال فيها: "تم اعتقالي من الحاجز المقام بالقرب من دوار الكويت الذي يفصل مدينة غزة عن المنطقة الوسطى ضمن حملة اعتقالات عشوائية كانت تتم بناء على هيئة الأشخاص وأشكالهم، وقد تعرضت لتعذيب وتنكيل في جميع مراحل الاعتقال التي استمرت لحوالي 52 يومًا". مشيرًا إلى أن جنودًا "إسرائيليين" جلبوا مستوطنين ليشاهدوا تعذيبنا عاريين."

وتابع "أبو مدللة" : أحضر  الجيش عددًا من المستوطنين في مراكز احتجازنا أثناء ضربنا، وكان يقول لهم هؤلاء مخربين حماس الذين قتلوكم واغتصبوا نساءكم في 7 أكتوبر، فيما كان المستوطنون يصورون عملية الضرب والتنكيل والتعذيب التي تعرضنا لها عبر هواتفهم المحمولة، وكانوا يسخرون منا".

وقال:"حدث هذا الأمر خمس مرات أثناء احتجازي، مرة في "بركسات زيكيم"، وكنا معصوبي الأعين، ولكن أحد المعتقلين الذي كان يتحدث العبرية أبلغنا بأن الجنود كانوا يتحدثون إلى مستوطنين ويدَّعون بأننا مقاتلين تم القبض علينا، فيما تكرر الأمر ذاته أربع مرات أخرى في مركز الاعتقال في النقب بإحضار مجموعات متتالية من المستوطنين داخل خيام ليشاهدوا تعذيبنا ويقوموا بتصوير الممارسات التي نتعرض لها من الجنود دون أن يكون بيننا وبينهم أي احتكاك لفظي أو جسدي، وقد شاهدتهم بعيني في المرات الأربع لأننا لم نكن معصوبي الأعين في وقتها".

وأوضح "أبو مدللة" أن "أحد المعتقلين ممن يتحدثون اللغة العبرية حاول التوضيح للمستوطنين بأننا مدنيون وليس لنا علاقة بأي أنشطة عسكرية، ولكن ذلك أيضًا لم يجدِ نفعًا"، لافتًا إلى أنه تعرض لتعذيب نفسي وجسدي شديد "لكن جلب مستوطنين ليوثقوا مشاهد التعذيب بادعاء جنود الجيش بأننا قتلنا واغتصبنا أقاربهم كان أمرًا مختلفًا ومشينًا".

كما أدلى المواطن "ض.ح" (42 عامًا) للأورومتوسطي بشهادته قائلًا: "خلال فترة اعتقالي، كان يتم إحضار مستوطنين لمشاهدة عمليات التنكيل والتعذيب التي كنا نتعرض لها، والتي كان يتعمد الجيش البدء فيها عند حضورهم، وكان هؤلاء المستوطنون أحيانًا يحضرون كلابهم معهم للنباح علينا، وكانوا يقومون بتصويرنا بهواتفهم الخاصة من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة "التيكتوك"، وكان الجنود أنفسهم يقومون بالشيء ذاته، ويقومون بتصويرنا من خلال "التيكتوك".

واستغرب المرصد الأورومتوسطي من تضارب ادعاء الجيش "الإسرائيلي" بأن من اعتقلهم وعذبهم من المدنيين الفلسطينيين بحضور مجموعات المستوطنين كانوا مقاتلين شاركوا في هجوم السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، مع الإفراج عنهم لاحقًا، ما يؤكد بأن الرواية "الإسرائيلية" مغلوطة وغير صحيحة، واستخدمت للانتقام من المدنيين الفلسطينيين والاعتداء على كرامتهم بكافة الوسائل.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية التي يمارسها الجيش "الإسرائيلي" ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام روما الأساسي، وأن سلوك الجيش "الإسرائيلي" بتحويل هذه الممارسات إلى فقرات استمتاع للمستوطنين، وتصويرهم، ينطوي على اعتداء خطير على كرامة هؤلاء الأشخاص، ومعاملتهم معاملة مهينة وحاطة بالكرامة، مما يشكل بحد ذاته جريمة حرب.

وحذّر الأورومتوسطي من مغبة إقحام المستوطنين  في مراكز الاعتقال والاحتجاز وعرض المعتقلين الفلسطينيين أمامهم خلال التعذيب وتركهم يستخدمون هواتفهم الشخصية في توثيق تلك الممارسات اللاإنسانية باعتباره نهجًا انتقاميًا، ويندرج في إطار ترويج مزيف لرواية "إسرائيلية"، ويكرس من حالة التطرف ويغذي الكراهية ويؤجج الرأي "الإسرائيلي" الداخلي باتجاه ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات ضد الفلسطينيين.

وشدّد على أن الغالبية العظمى ممن تم اعتقالهم من داخل قطاع غزة يخضعون للاحتجاز التعسفي دون توجيه تهم لهم أو عرضهم على القضاء، ولم يتم اتخاذ أي مقتضيات قانونية بحقهم، فيما يحرمون من المحاكمة العادلة ويتعرضون للإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، داعيًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تفقد مراكز وسجون احتجاز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والتحقيق فيما يتعرضون له من انتهاكات وجرائم مروعة، والعمل على الكشف عن مصيرهم فورًا.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الممارسات "الإسرائيلية" بحق المعتقلين الفلسطينيين مخالفة واضحة لما ورد المواثيق والأعراف الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بما في ذلك حظر قيام سلطة الاحتلال بنقل الأسرى من الأرض المحتلة إلى مراكز الاحتجاز في أراضيها، أو إخفائهم قسريًا، أو تعذيبهم، أو الاعتداء على كرامتهم، أو معاملتهم معاملة تحط من كرامتهم الإنسانية.