فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"هند رجب" تحوَّل رحلة استجمام لضابط "إسرائيليّ" إلى مطاردة قانونيَّة بقبرص.. ما القصَّة؟

ترامب وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمشرق العربي

بخيام مهترئة.. النَّازحون في غزَّة يواجهون بردِّ الشِّتاء والمنخفض الجوِّيِّ

تقارير عبريَّة: هكذا هزمتنا فلسطين إعلاميًّا.. وأبو شمالة يعلِّق: الاعتراف نتاج للواقع الميدانيِّ بغزَّة

دبلوماسيّ سابق لـ "فلسطين أون لاين": استمرار الحرب على غزَّة يساهم في شلِّ قدرة الاحتلال

أوقعتْ 20 قتيلًا.. الداخليَّة بغزّة توضح تفاصيل حملةً ضد عصابات سرقة شاحنات المُساعدات

إنَّهم يألمون.. حزب اللَّه يكشف عن مصير ضبَّاط إسرائيليِّين توغَّلوا في لبنان (فيديو)

"ملحمةُ الطُّوفان".. القسّام تبث مشاهد لمخلفات جنود قتلى وبدلة ملطخة بالدماء في معارك شمال غزّة

تعذيب عبر "فتحة الزنزانة".. شهادات جديدة لأسرى من غزَّة يكشفون كيف تفنَّن الاحتلال في تعذيبهم

ضيف غير مرحَّب به بملاعب أوروبَّا.. هزائم رياضيَّة بأبعاد سياسيَّة لـ (إسرائيل)

تقرير الصحفي مؤمن قريقع... عندما أطفأ الكاميرا وتقلد دور المسعف

...
الصحفي مؤمن قريقع
غزة/ يحيى اليعقوبي:

بين سيارات اسعافات ومواطنين متتالية كانت تنقل المصابين من جراء استهداف منازل المواطنين بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة، اصطفت أمام بوابة قسم الطوارئ بمستشفى الشفاء سيارة تعود للمصور الصحفي مؤمن قريقع وهو مبتور القدمين.
لم يترجل الصحفي قريقع من سيارته لالتقاط صور للمصابين كما فعل عشرات المصورين المتواجدين بالمكان بهدف توثيق جرائم الاحتلال، بل طلب من المسعفين انزال طفلين مصابين نقلهما بسيارته، وبمجرد انزالهم للطفلين غادر بسرعة نحو مكان الاستهداف لنقل مصابين آخرين.
نفس الأمر كرره الصحفي قريقع بعدة مناطق تعرضت للقصف فتقلد دور المسعف بعد توثيقه الحدث وساعد بنقل المصابين أمام استهداف سيارات الاسعاف أو تعذر دخولها لبعض الأماكن.
قريقع الذي أصيب خلال رصده لجرائم الاحتلال إبان العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، ونتج عنها بتر قدميه، يعرف خطورة الإصابة بصواريخ طائرات الاحتلال، ويدرك أن الثانية والدقيقة مهمة في اسعاف المصابين لما تسببه تلك الصواريخ من نزيف حاد وتجعل من عامل الوقت أحد أهم التحديات التي تواجه المسعفين والأطباء خلال مهمتهم.
جرح الذاكرة
كانت الإصابة التي لا زالت تنبش جروح ذاكرته دافعا جعلت قريقع يركن كاميرته قليلا أو يوثق الحدث بصورة عاجلة ثم يتفرغ لنقل المصابين، يقول لصحيفة "فلسطين" عن حادثة إسعاف الطفلين: "وقع الأمر في استهداف لمنازل مواطنين بحي الشيخ رضوان، فقمت بإنزال فريق التصوير المرافق لي من أجل نقل الطفلين سريعا، بعدما انتهينا من توثيق الحدث لنقله للعالم ولفضح جرائم الاحتلال".
قريقع الذي تعرض أيضا لإصابات أعوام 2014، و2019 كان على موعد مع إصابة جديدة خلال هذا الحدث بعد تجدد قصف الاحتلال للمكان أثناء إجلاء المصابين ما أدى لكسر زجاج سيارته وجرح يديه، لكن هذا لم يمنعه من اكمال المهمة: "كان أهم شيء اسعاف طفلة بعمر خمس سنوات وطفل عمره تسع سنوات".
ينبش بتفاصيل الحدث الذي احتل جزء من ذاكرته بين مئات الاحداث والمواقف خلال تغطيته لعدوان الاحتلال البربري على قطاع غزة: "كانت الطفلة خائفة وتريد والدتها وتلح بالسؤال عنها، فعدت لهم وبقيت معهم حتى استقرت حالتهما، واحضرنا لهم ملابس".
لم يمنع البتر قريقع من أن يكون قريبا من الناس ويشارك في اسعاف المصابين، يعلق بكلمات ممتلئة بالفخر: "لدي عطاء في عملي الصحفي، وعطاء في إسعاف المصابين والمساهمة في سرعة نقلهم للمشفى".
وأضاف أنه "في ظل استهداف سيارات الإسعاف، فهذا يحتم علينا مسؤولية بأن يقوم كل منا بأي دور في المساعدة في نقل المصابين، إضافة لرسالتنا المهنية في فضح جرائم الاحتلال".
وإضافة لدوره في نقل المصابين يقوم قريقع بتوجيه الناس في التوجه لأماكن العلاج داخل المشفى أو توجيههم نحو الأطباء المتخصصين حسب الحالات.
رسالة مهنية
"صار عندي خبرة بالطب" بهذا يمازح بعض الأطباء من خلال تجربته في إسعاف المصابين، يعلق: "الصحافة والطب هما بالأصل مهنتان إنسانيتان فالإعلام هو صوت الناس ويساهم في إيصال رسالتهم للعالم فضلا عن نقل الأحداث وكشف الحقائق، وكذلك الطب تقوم بمداواة جراح المصابين وإسعافهم".
جعل قريقع صفحته على "فيسبوك" وعلى مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مرآة ينقل بها الأحداث التي يصورها للعالم، وهذه المشاهد لا تفارقه يقر: "أتأثر من مشاهد التصوير التي أنقلها للعالم، وأي إنسان ممكن أن يكون هدف للاحتلال بغض النظر إن كان صحفيا أم لا".
يحمل قريقع رسالة كبيرة ويعد مثالا يحتذى به للصحفيين في التحدي والمثابرة فعاد لعالم الصحافة بلا قدمين وواصل أداء مهنته ورسالته الإعلام ليؤكد أنه "لا يأس مع الحياة".
تعج صفحته بالكثير من المقابلات والمشاهد الصادمة والتي تكشف عن دموية جيش الاحتلال، في أحد المشاهد تقول طفلة ناجية وهي ممددة على سرير المشفى لقريقع وتملأ بقع الدماء وجهها: "كسروا قلبي باستشهاد أخي الصغير".
ويواكب قريقع الأحداث أولا بأول رغم خطورة التنقل وتعرض الطواقم الصحفية للاستهداف المباشر من قبل طائرات الاحتلال التي نتج عنها استشهاد أكثر من 46 صحفيا، ففي تغطيته لمجزرة استهداف عائلة "أبي حصيرة" التي وقعت فجر اليوم التقط صورة لمسن يملأ الغبار رأسه وملابسه، خرج من بين الأنقاض تملؤه الجروح في صور تعبر عن الحياة من بين أنياب الموت، فيما وثق مشاهد أخرى لشهداء من أطفال.
يروي له أحد الناجين من عائلة أبي حصيرة قائلا: "بينما كنا نجلس في بيوتنا وأثناء توالي القصف، وجدنا بيوتنا الثلاثة تتساقط علينا".
تساهم الصور التي يوثقها قريقع وغيره من الصحفيين في فضح جرائم الاحتلال التي يحاول طمسها وإخفاءها عبر استهداف الصحفيين، لكن الصحفي الذي قدم قدميه قبل ذلك كثمن في سبيل أداء رسالته المهنية، لا يكترث لذلك ويمضي قدما في عمله مهما كلفه ذلك من ثمن مدرك أهمية كل كلمة وصورة وصوت في توثيق تلك الجرائم التي هزت الرأي العالمي وحركت شعوب العالم للتنديد بجرائم الاحتلال.

المصدر / فلسطين أون لاين