فلسطين أون لاين

تقرير تحت القنابل والنيران: حياة وعمل الدفاع المدني في غزة

...
حياة وعمل الدفاع المدني في غزة
غزة - أدهم الشريف:

تواجه فرق الدفاع المدني تحديات كبيرة في جهود إنقاذ الضحايا والبحث عن الناجين، وذلك بسبب استهداف الاحتلال الإسرائيلي لفرق الدفاع المدني بشكل متعم حيث استشهد وأصيب العشرات منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الخامس من أكتوبر الماضي.

ومن بين المصابين حماد الشوبكي وهو ضابط في جهاز الدفاع المدني وأصيب بشظايا قنبلة ألقتها طائرات الاحتلال الحربية، مما أدى إلى إصابته بجروح بالغة في ساقه اليسرى خلال أول أيام العدوان.

ومنذ ذلك الوقت، أصبح الشوبكي حبيس أسرة العلاج بسبب الغارة التي استهدفت مقرًا للدفاع المدني في حي التفاح شرق مدينة غزة، وراح ضحيتها 6 من أفراد وضباط الجهاز، وأصيب على إثرها 5 آخرين بجروح مختلفة.

وانضم الشوبكي (35 عامًا) للعمل في جهاز الدفاع المدني عام 2007، وشارك في مهمات إنقاذ عديدة، لكنه لم يشهد من قبل كثافة في إلقاء مقاتلات الاحتلال ذخائر على غزة مثل الحرب الحالية، كما يقول.

وعمل طيلة السنوات الماضية ضمن فريق متخصص يضم ضباط إسعاف وعناصر إطفاء وإنقاذ في جهاز الدفاع المدني.

وأضاف لصحيفة "فلسطين": أن كثافة الغارات الجوية واستهداف منازل مأهولة بالمواطنين والنازحين وصعوبة الوصول إلى الضحايا بسبب قصف الشوارع العامة وتهالك الآليات وقدمها، تحديات كبيرة تعيق فرق الدفاع المدني.

حتى بعد الوصول إلى المنازل المستهدفة -كما يقول الشوبكي- لم تتمكن فرق الدفاع المدني من انتشال بعض الضحايا والناجين بسبب الدمار الكبير الذي تسبب به القصف الإسرائيلي وتهالك الآليات المستخدمة وكثافة المنازل المستهدفة.

واستغرب بشدة من الاستهداف المتعمد لفرق الدفاع المدني في أكثر من مكان في قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم وإصابة آخرين.

وعندما أصيب الشوبكي بنيران الاحتلال مكث 6 أيام في مجمع الشفاء الطبي لانتظار دوره قبل إجراء عملية زراعة بلاتين خارجي في ساقه ومعالجة الكسور الحادة التي أصابتها.

وهو الآن يرقد على سرير في منزله الكائن بحي الدرج، وسط مدينة غزة، ويتابع باهتمام شديد الحرب الإسرائيلية المستمرة.

وأكثر ما يخشاه الشوبكي هو استمرار استهداف الغارات الإسرائيلية فرق الدفاع المدني التي تنفذ مهمات إنسانية، وتكفل القوانين الدولية حمايتها في أوقات الحروب والأزمات.

ومنذ بدء الحرب على غزة دمرت الغارات الجوية أحياء مدنية كاملة واستهدفت منازل مأهولة، بقنابل ثقيلة أمريكية الصنع تزن بعضها طنًا (ألف كيلوجرام)، حسبما أفاد مصدر في الأدلة الجنائية وهندسة المتفجرات بالشرطة الفلسطينية.

وقد ترك الحصار المشدد على غزة تحديات جديدة وتداعيات خطيرة إثر النقص الحاد في الوقود ومنع إدخال معدات وآليات حديثة تستخدم في أوقات الطوارئ والأزمات، على ما أفاد به مدير الدفاع المدني في محافظة شمال قطاع غزة أحمد الكحلوت.

وأشار الكحلوت إلى توقف الحفار الوحيد في محافظة الشمال بسبب نفاذ الوقود اللازم لتشغيله، وهو يستخدم في إزالة ركام المنازل المدمرة فوق رؤوس أصحابها بفعل الغارات الإسرائيلية.

وحذر الكحلوت في تصريح صحفي، من أن استمرار توقف هذه الآلية ينذر بكارثة إنسانية كبيرة ينجم عنها فقدان فرق الدفاع المدني القدرة على انتشال الضحايا والبحث عن الناجين.

وبحسب الكحلوت، لم تتمكن فرق الدفاع المدني من التعامل مع عدد من المنازل التي تعرضت للقصف ودمرت فوق سكانها، وقد بقيت الضحايا والناجين تحت ركامها.

وبين أن محافظة شمال قطاع غزة ويسكنها قرابة 400 ألف نسمة، تعرضت أحياء كاملة فيها للدمار الكامل بفعل القصف الإسرائيلي بينما يملك الدفاع المدني فقط 3 مركبات تخدم في هذه المحافظة المكتظة سكانيًا.

وأضاف: المحافظة تعاني من دمار واسع وبحاجة إلى مركبات دفاع مدني وما لدينا مركبات قديمة ومتهالكة لا نستطيع بواسطتها مواصلة عمليات إنقاذ الناجين وانتشال الضحايا.

ونبه إلى أن فرق الدفاع المدني انتشلت أجساد ضحايا قد بدأت في التحلل، وذلك بسبب كثافة المنازل المدمرة وتأخر الوصول إليها.

وتابع: نحن بحاجة إلى إدخال الوقود الخاص بتشغيل مركبات وآليات الدفاع المدني حتى نتمكن من مواصلة عمليات الإنقاذ.

ومنذ 11 تشرين الأول/أكتوبر، تعاني غزة من انقطاع كامل للكهرباء، مما يجعل المستشفيات ومرافق المياه تعتمد على مولدات احتياطية تعمل بالوقود والذي لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلية بدخول أي كميات منه منذ 19 يوما.

ويترافق ذلك مع أزمة نقص حاد في الموارد الأساسية مثل الماء والغذاء والدواء في وقت نزح نحو مليون ونصف نسمة من أصل 2.3 مليون من مناطق سكنهم وغالبيتهم يقيمون في مراكز إيواء وساحات المدارس والمستشفيات من دون أي من احتياجاتهم الأساسية.