قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، إن عدد الشهداء الفلسطينيين ومن هم تحت الأنقاض جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي غير المسبوق على قطاع غزة تجاوز عدد ضحايا الإبادة الجماعية في سربرنيتسا.
وأحصى الأورومتوسطي ومقره جنيف، استشهاد 6734 فلسطينيا حتى ساعة متأخرة من ظهر اليوم الأربعاء، من بينهم 2813 طفلاً، فيما تشير تقديراته إلى وجود ما لا يقل عن 1755 فلسطينياً تحت أنقاض المباني السكنية التي جرى تدميرها تحت رؤوس قاطنيها.
وذكر أن قطاع غزة سجل حصيلة ضخمة من الشهداء والمفقودين والمصابين خلال 19 يوما فقط، من هجمات دموية شنتها ولا تزال إسرائيل على أحياء سكنية بما يشكل عددا قياسيا غير مسبوق في تاريخ الحروب مع (إسرائيل).
ونبه المرصد الحقوقي في بيان له إلى أن ما يجرى في غزة يذكر بالإبادة الجماعية في سربرنيتسا التي شهدتها البوسنة والهرسك في المدة من 11 إلى 22 تموز/يوليو 1995 خلال الحرب التي دارت في البوسنة والهرسك، وتعد أسوأ مذبحة شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وحدثت المذبحة في مدينة سربرنيتسا وقتل خلالها 8372 من المسلمين البوشناق معظمهم من الرجال والشيوخ والأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و77 عاما.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن (إسرائيل) تمارس حرب إبادة بدافع انتقام وحشي من المدنيين في قطاع غزة مستخدمة قوة نارية هائلة وقصف بلا هوادة على مناطق سكنية مكتظة ومنازل مأهولة وتجمعات للمدنيين بشكل مباشر لإيقاع أكبر عدد من الضحايا في صفوفهم.
وأشار إلى أن هجمات (إسرائيل) تترافق مع استمرار فرضها إغلاقا شاملا على قطاع غزة وقطع إمدادات الكهرباء والماء والوقود والاحتياجات الإنسانية بما ينذر بكارثة شاملة.
وبهذا الصدد حذر المرصد من خطورة الإعلان عن انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة بفعل أزمة انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات البديلة بما ينذر بتحول المستشفيات إلى مشارح كبرى.
وعاين فريق الأورمتوسطي خلال جولات في عدد من المستشفيات وجود مئات الجرحى من الرجال والنساء والأطفال مستلقين على الأسرة والنقالات وعلى الأرض، مع رعاية طبية محدودة. وفي الساحات تم إقامة خيام لوضع عشرات الجثث بينهم أطفال، حيث يتم الاحتفاظ بالعديد من القتلى هناك لأن المشارح ممتلئة.
كما أشار إلى تحذير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي أكبر مزود للمساعدات الإنسانية في غزة، من أنه ما لم يتم السماح بدخول الوقود إلى غزة على الفور، فإن الوكالة سوف تضطر إلى وقف جميع عملياتها اعتبارا من اليوم.
ومنذ 11 تشرين الأول/أكتوبر، تعاني غزة من انقطاع كامل للكهرباء، مما يجعل المستشفيات ومرافق المياه تعتمد على مولدات احتياطية تعمل بالوقود والذي لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلية بدخول أي كميات منه منذ 19 يوما.
وأغلقت نحو نصف المستشفيات في غزة (17 من 35) وما يقرب من ثلثي عيادات الرعاية الصحية الأولية (46 من 72) أبوابها بشكل تام بسبب الأضرار الناجمة عن هجمات إسرائيل أو نقص الوقود.
يترافق ذلك مع أزمة نقص حاد في الموارد الأساسية مثل الماء والغذاء والدواء في وقت نزح نحو مليون ونصف نسمة من أصل 2.3 مليون من مناطق سكنهم وغالبيتهم يقيمون في مراكز إيواء وساحات المدارس والمستشفيات من دون أي من احتياجاتهم الأساسية.
وحذر المرصد من مخاوف من تفشي موجة وبائية كبيرة في قطاع غزة، مع تسجيل مراكز الرعاية الأولية آلاف الإصابات بأمراض وبائية جلها بين الأطفال، شملت أمراض الإسهال والتسمم الغذائي وأمراض جلدية والتهابات شعب هوائية إلى جانب تسجيل عشرات الحالات من جدري الماء بفعل الازدحام الكبير في مراكز الإيواء وشح المياه الصالحة للشرب وانعدام النظافة الشخصية.
كما حذر من أنه بسبب انعدام الأمن الغذائي تتعرض النساء والأطفال، وخاصة النساء الحوامل والمرضعات لخطر سوء التغذية، مما سيؤثر سلبًا على صحتهم المناعية، ويزيد من تعرضهم للإصابة بالأمراض المرتبطة بتغذية الأم مثل فقر الدم، وتسمم الحمل، والنزيف وهو ما يزيد من خطر الوفاة لكل من الأمهات والأطفال.
وأكد المرصد الحقوقي أن اكتفاء المجتمع الدولي ببيانات الشجب والاستنكار في غياب أي تحرك ملموس وجدي لوقف ما يتعرض له قطاع غزة من إبادة وحملة تجويع وعطش تنذر بأكبر عملية تصفية جماعية في التاريخ الحديث في سلوك وحشي ومخالف للقانون الدولي الإنساني.