فخر ممزوج بالخوف والترقب إلى ما ستؤول إليه الأمور في الساعات القادمة، بعد لجوء الاحتلال إلى قصف عشوائية للمنشآت المدنية في غزة، إلا أن شوارع القطاع المعبقة بدخان الصواريخ ورائحة البارود الممزوج بدماء الأبرياء يأبي ساكنيها إلا أن يظهروا كما في كل مرة عنفوانهم الاجتماعي تجاه المقاومة باتباع السبل كافة لدعمها وتعزيز صمود جبتها الداخلية في مواجهة مطالب الاحتلال المباشرة بالانفضاض عنها.

تقول بيسان محارب من المغازي وسط قطاع غزة إن أعظم طريقة للمحافظة على الحاضنة المجتمعية للمقاومة هي التوقف عن إعادة نشر ما تنشره منصات التواصل الاجتماعي الاسرائيلية الموجهة باللغة العربية، والتي تهدف إلى بث الرعب، والخوف في نفوس المواطنين، وإثارتهم من أجل التأثير على المقاومة.

وتضيف محارب (27 عامًا) وهي أم لطفلين: "أفاجئ من بعض الغزين الذين يعيدون نشر تغريدات لناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي باللغة العربية أفخاي أدرعي بعضهم على محمل الجد، أو على سبيل الاستهزاء، دون أن يعوا خطورة ما يفعلون بأنهم يساعدون الاحتلال في تحقيق أهدافه بزعزعة الروح المعنوية العالية التي عليها المواطنين".

ردع المحتكرين

أما أمير حجازي من حي تل الهوى جنوب غزة، فيبين أن توفير مقومات صمود المواطنين في هذه الأوقات هي "مسئولية يجب أن تديره وزارتي الاقتصاد، والزراعة في مواجهة احتكار بعض التجار، وضمان توفير كافة المواد التموينية، والخضار في عدة نقاط بيع في جميع المحافظات يسهل الوصول إليه في ظل تعطل حركة المركبات، وردع المحتكرين".

ويوضح حجازي لـ"فلسطين" أنه في الساعات الأولى لبدء هجوم المقاومة على المستوطنات الإسرائيلية فيما يسمى "غلاف غزة" صبيحة السابع من أكتوبر، لم يتمكن من توفير ربطة من الخبز إلا بعد العصر، لوجود طوابير على المخابز، والخضار بعضها كان شحيحًا في منطقته، داعياً المواطنين إلى الشراء على قدر الحاجة والابتعاد عن هلع تخزين المواد التموينين رأفة بالأسر المتعففة التي لا تجد من يعيلها، وحتى لا نضع المقاومة أمام أزمة إنسانية من صنع أيدينا.

في حين يدعو محمد اسليم من حي الزيتون شرق غزة، المواطنين إلى تجنب تناقل الشائعات، والأخبار غير الموثوقة، والتي تكون صنيعة الاحتلال الإسرائيلي من أجل نشر الخوف، والهلع بين الناس، والاهتمام بنشر أخبار إنجازات حققتها المقاومة، وحالة الرعب، والانهيار التي يعيشها الاحتلال.

ويحث اسليم في حديثه لـ"فلسطين" على تفقد الأهل والأقارب لضمان وجودهم في مكان آمنة، وتقديم الدعم النفسي، والعيني لهم بتوفير مواد تموينية، أو خضار في ظل خطورة الخروج من البيوت في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة.

تجنب الشائعات

بدورها تبين الاختصاصية النفسية كفاية بركة أن الحاضنة المجتمعية هي أهم الأسباب التي تساعد المقاومة في استمرار عملياتها النوعية ضد الاحتلال، لأن المقاومين يحتاجون إلى الدعم المعنوي في صورته أعلى صوره الاجتماعية في هذه الظروف.

وتوضح بركة لـ"فلسطين" أن الخطاب الاجتماعي المنشور على شبكات المقاومة له تأثير إيجابي على المجتمع، فالناس تتابع كل ما يصدر عنها خاصة أن الرسائل التي تدعم صمود الناس وترفع معنوياتهم خاصة فيديوهات التي تنقل من أرض المعركة وتظهر إثخان المقاومة في العدو، وتبث الإنجازات العظيمة يحققها المقاتلون في الميدان، لأنهم يثقون بأنها تبث الأخبار الدقيقة بعيدًا عن الشائعات.

وتلفت بركة إلى ضرورة عمل الناس على تثبيت بعضهم البعض بعدم الانجرار وراء تهديدات العدو أو الضعف أمام مشاهد القتل والقصف والدمار الذي تخلفه عمليات القصف الجوي.

وتحذر في الوقت نفسه من متابعة منصات التواصل الخاصة بقادة الاحتلال، لأنه يتفننون في نشر كل أدوات الحرب النفسية، وكذلك تجنب مشاركة، أو نشر أخبار عن صفحات غير موثوقة.

وتدعو بركة المؤسسات العاملة في تقديم الخدمات التموينية للناس لابد أن يكون لها دور فعال في التواصل مع الناس وتلبية احتياجاتهم سيما الذين نزحوا من منازلهم، ومن هدمت بيوتهم، وذوي الشهداء، والجرحى، "فهذا جزء رئيس من الحاضنة الاجتماعية التي تحافظ على جبهة المقاومة الداخلية بعدم ترك النازحين يواجهون مصيرهم بمفردهم".

كما حثت المواطنين على عدم التعاطي أو التعامل مع أصحاب المحلات التجارية، والمخابز المحتكرين، والتواصل مع الجهات الخاصة للتبليغ عنهم.

كما تدعو الاختصاصية النفسية إلى توفير الأدوية الأساسية للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في البيوت، حتى لا يزيد لديهم القلق، والخوف، والتوتر.

وتناشد المواطنين بعدم التجمهر في أماكن القصف، والعمل على إفساح المجال لذوي الاختصاص لتقديم ما يلزم من خدمات، "عدم التجمهر أمام المسعفين ورجال الدفاع المدني والصحفيين يخفف الضغط المهني الذي يواجهه هؤلاء وهم بعيدين عن أسرهم وأبنائهم الذين هم في أمس الحاجة إليهم، ولكنهم آثروا خدمة أبناء شعبهم إيماناً بمسؤوليتهم المجتمعية تجاهههم".