فلسطين أون لاين

قُصف مرتان في غضون عام

برج فلسطين يتحول إلى ركام في رمشة عين

...
غزة/ نور الدين صالح:

في حادثة مروعة وجريمة حرب واضحة، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي برج فلسطين السكني وسط مدينة غزة، مساء أول من أمس، ما أدى إلى تدميره بالكامل.

أفاد سكان البرج، الذي يضم 85 وحدة سكنية، إضافة إلى مؤسسات إعلامية وخيرية، بأن جيش الاحتلال أبلغهم عبر هاتف أحد السكان بإخلاء البرج خلال 10 دقائق فقط، ثم قصفه بتسع صواريخ من طراز "أف 16"، ما أدى إلى تدميره بالكامل.

وحتى الأن لم يستفق سكان البرج من آثار الصدمة التي لحقت بهم في إثر تعرض عدة طوابق من البرج للقصف الإسرائيلي في شهر أغسطس/ آب عام 2022، وبعضهم لم يرمم الخراب الذي لحق في شقته السكنية.

يقول المواطن خليل كانون أحد سكان برج فلسطين، إننا تفاجئنا باتصال من جيش الاحتلال لأحد سكان البرج وأبلغوه نيتهم قصف البرج، لذلك يجب اخلائه في غضون 10 دقائق.

وأضاف كانون لـ "فلسطين"، أن المدة الزمنية التي أعطاها الاحتلال لسكان البرج "غير كافية" حيث لم يستطيعوا جلب أي أغراض مهمة لهم.

بعد لحظات قليلة من إبلاغ السكان قرار الإخلاء، إذ بطائرة حربية إسرائيلية تقصف البرج بصاروخ استطلاع، الأمر الذي خلق حالة من الرعب والقلق والخوف بين قاطني البرج، خاصة أن بعض العائلات لديهم مسنين وأطفال، حسبما يروي "كانون".

كأن "هجرة ثانية" حلّت بالسكان فقد غادر السكان منازلهم تاركين خلفهم أحلام وأمنيات رافقتهم لعدة سنوات، فقد أخلى السكان المنطقة على بُعد يزيد عن 500 متر من محيط البرج.

لم تمضٍ العشر دقائق التي منحها جيش الاحتلال للسكان، حيث باغتت طائراته الحربية البرج بصاروخ من طراز "أف 16"، ولم تكتف بذلك فحسب، فقد انفتحت شهيتها أكثر وأخذت تقصف صاروخ تلو الآخر حتى وصل تعداد الصواريخ إلى تسعة، وفق "كانون". 

"كومة من الحجارة المتراصة فوق بعضها البعض"، هكذا أصبح البرج الذي يُعتبر من أكثر الأبراج تحصيناً في قطاع غزة من حيث الترسانة والقوّة، ويقول كانون "هذا قصف خطير وغير مبرر لبرج يضم سكان مدنيين، ومكاتب لمؤسسات مجتمع مدني ويندرج ذلك ضمن العقاب الجماعي".

وأفاد بأن البرج يضم 85 وحدة سكنية، من بينها 45 أسرة، بالإضافة إلى مؤسسات إعلامية وخيرية، معتبراً قصفه "جريمة حرب واضحة ارتكبها الاحتلال دون أي مسوغ قانوني".

وحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذا العمل الوحشي اللاانساني، مشيراً إلى أن السكان سيتخذون كل الإجراءات اللازمة لمحاسبة الاحتلال على هذه الجريمة.

بقلب يعتصره الألم والحسرة يقول كانون الذي تتكون عائلته من أربعة أطفال وزوجته وأمه التي تعاني من إعاقة حركية: "قصف البرج هو امتداد للوجع الذي حّل بنا في شهر أغسطس 2022، فقد نسف الاحتلال كل آمالنا بحياة هادئة".

هكذا بدا المشهد لدى الدكتور منير رضوان وهو مالك لشقة سكنية في البرج، الذي كظم غيظه بعدما أصبح شقته السكنية "شقا عمره" مسوية بالأرض، فيقول: "قدر الله وما شاء فعل والحمدلله على ما أصابنا، فقد تم تسوية شقتي بالأرض".

ويحكي رضوان بصوت يرافقه الحسرة "قد عدت إلى شقتي منذ أسبوعين فقط بعد إصلاحها نتيجة القصف الذي تعرض له البرج في شهر أغسطس العام الماضي"، فلم يجد كلمات تسعفه سوى "حسبنا الله ونعم الوكيل، منك الصبر يا الله".

ويُكمل "سنة وشهرين وأنا أصلّح شقتي بعد القصف الأول، لتصبح الآن أثراً بعد عيد (..) اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها".

أما مدير وكالة شهاب شادي أبو صبحة، فيقول: "هذه المرة الثانية التي يتم فيها استهداف برج فلسطين السكني الذي يضم مقر الوكالة أيضاً"، مشيراً إلى أن قصف العام الماضي ألحق به أضراراً جزئية لكن هذه المرّة تم تسويته بالأرض.

واستنكر أبو صبحة خلال حديثه مع "فلسطين"، قصف برج فلسطين والأبراج الأخرى، معتبراً ذلك "سياسة ممنهجة وهمجية من الاحتلال الذي يرتكب الجرائم ضد شعبنا".

وبيّن أن الاحتلال ليس أهداف سوى استهداف المدنيين والأبراج السكنية، من أجل تحقيق انتصارات وهمية على حساب الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أنه يحارب المؤسسات الإعلامية ضمن سياسته في منع نقل الصورة.

وشدد على أن "الاحتلال يسعى دائما لإخفاء معالم الجريمة للتخلص من الشهود وأبرزها الاعلام"، واصفاً استهداف الطواقم والمؤسسات الإعلامية "جزء من الجريمة المتكاملة للاحتلال لإخفاء الحقيقة".

يُعد قصف برج فلسطين جريمة حرب واضحة، تندرج ضمن سياسة الاحتلال الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين والأبراج السكنية، والمؤسسات الإعلامية، بهدف تحقيق انتصارات وهمية على حساب الشعب الفلسطيني.