فلسطين أون لاين

استخدمته في "طوفان الأقصى"

تقرير "المفاجأة والمباغتة".. معادلة ردع صنعتها المقاومة وصدمت الاحتلال

...
مقاتلون من سرب صقر التابع لكتائب القسام
غزة/ نور الدين صالح:

أظهرت المقاومة في قطاع غزة حنكتها العسكرية العالية، عبر أسلوب "المباغتة" الذي استخدمته هذه المرّة في بدء معركة "طوفان الأقصى"، رداً على انتهاك الاحتلال الإسرائيلي حرمة المسجد الأقصى والاعتداء على المرابطين والمرابطات فيه والتنكيل بهم.

وأثبتت المقاومة قدرتها على ضرب المنظومة الأمنية الاستخباراتية والعسكرية للاحتلال باختيارها التوقيت والمكان المناسبين، وهو ما أوجد معادلة هزت أركان (إسرائيل) وأدخلت قادتها في صدمة طويلة، حسبما يرى مراقبون.

وأعلن قائد أركان المقاومة الفلسطينية محمد الضيف أمس، بدء عملية "طوفان الأقصى" بإطلاق 5 آلاف صاروخ وقذيفة طالت كل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

استخبارات هشّة

يرى أستاذ العلوم الإستراتيجية والأمنية د. هشام مغاري، أن المقاومة أثبتت خلال هذه المعركة أن القدرة الاستخبارية للاحتلال هشّة، وأقل بكثير مما يُشاع عنها، معتبراً أن هذا العمل يدلل على "عمى استخباري إسرائيلي عالٍ".

وقال مغاري لصحيفة "فلسطين": "واضح أن عدد المقاومين الذين خاضوا الهجوم ضد الاحتلال كبير، ما يسبب صعوبة التعرف على سلوك المقاومة الذي مهد لهذه العملية".

وأكد أن هناك مستوى متقدم من أداء المقاومة على البعد الجوي والبحري والبري عبر استخدام عدد كبير من المقاومين، معتبراً ذلك "دليلاً قوياً على نقاء صف المقاومة وقيادتها، التي استطاعت إخفاء أي معلومات عن هذه العملية طيلة تلك الفترة".

ورأى مغاري، أن المقاومة أبدعت في اختيار التوقيت للعملية، وهو يوم السبت الذي يصادف إجازة لدى الاحتلال ويعيشون أجواء الأعياد المزعومة، بالتالي تكون جهوزيتهم منخفضة ولديهم حالة من الاسترخاء.

وشدد على أن "المقاومة أثبتت قدرتها على إحداث عنصر المفاجئة غير المتوقعة"، "وهذا دليل حنكة المقاومة التي أعدت العدة لهذا اليوم على جميع الأبعاد العسكرية والإستراتيجية والمقدرات القتالية".

عملية مراكمة

بدوره، عدّ المختص في الشأن العسكري محمد أبو هربيد، أن مباغتة المقاومة للاحتلال "جاءت نتاج عملية مراكمة وقديمة وخداع إستراتيجي نفذتها كتائب القسام منذ أشهر أو سنوات".

وقال أبو هربيد لـ "فلسطين"، إن "المقاومة وكتائب القسام على وجه الخصوص عملت كثيراً للوصول لهذه العملية"، لافتاً إلى أن الوصول لهذه الحالة كان يحتاج الإعداد والمراكمة وتعزيز الجبهة الداخلية وتحمل أعباء الحُكم، وتحديد وقت الهجوم.

وأشار إلى أن المناورة الأخيرة للمقاومة التي جرت قبل أسابيع أعطت إشارات مغايرة، إذ كان هدفها تضليل الاحتلال عما يجري".

وبحسب قوله، فإن الإعلام العسكري والرسمي لحماس والمقاومة لم يعطِ أي إشارات عن العملية، بل كان في حالة صمت مطبق، عدا عن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في الأقصى والقدس وحالة الخنوع والتطبيع العربي، كان لا بد لها أن تواجه مثل هذا السلوك.

وأكد أبو هربيد، أن (إسرائيل) تعيش في أعمق حالة من الذل نتيجة الفشل الاستخباري والسياسي والعسكري، معتبراً سلوك المقاومة "تغيرًا إستراتيجيًا كبيرًا وانهيارًا للنظرية الأمنية الإسرائيلية وتفوق المقاومة في غزة المحاصرة".

وبيّن أن المقاومة نجحت في اختيار التوقيت لبدء المعركة، بعدما نجحت في خداع الاحتلال.

حرب أكتوبر

ويصادف انطلاق معركة "طوفان الأقصى" مع الذكرى الـ 50 لحرب أكتوبر التي انطلقت في 6 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973م، بهجوم مفاجئ من الجيشين المصري والسوري ضد قوات الاحتلال التي كانت جاثمة في سيناء وهضبة الجولان.

وبالعودة إلى مغاري، فرأى أن تجربة حرب أكتوبر لا زالت حاضرة في ذهن المقاومة على اعتبار أن الجيوش العربية بشكل عام تخلت عن الحالة الفلسطينية.

وقال: "أرادت المقاومة أن تثبت أنه رغم إمكانياتها الضعيفة فهي قادرة على إحداث الفعل، الذي ربما لا تستطيع فعله الجيوش النظامية، بل تستطيع ممارسة المفاجئة بنفس القدر والمستوى من النجاح.

بينما رأى أبو هربيد، أن معركة "طوفان الأقصى" تستعيد الذاكرة العربية حول أحداث السادس من أكتوبر قبل 50 عاماً.

وصنعت المقاومة الفلسطينية معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، تعتمد على عنصر المفاجأة والاستعداد الدائم، وهو ما أدخل الاحتلال في صدمة طويلة.