قدّر الله للشعب الفلسطيني أن يكون في مواجهة المؤامرات الصهيونية في فلسطين، فكلما اتبع الاحتلال سياسة التهجين وقتل الروح المعنوية والقتالية ضد الشعب الفلسطيني، وفي الوقت الذي يعتقد فيه أنه نجح في تغييب وعي أجيال مختلفة من فئات الشعب الفلسطيني جاءته النتائج غير المتوقعة وتعاكس تقديراته.
هذه المعادلة تنطبق على انتفاضة القدس والتي انطلقت في الأول من أكتوبر ٢٠١٥ بعد سياسات عميقة من الاحتلال وامتداداته الإقليمية والدولية حيث عملوا على تحييد الشعب الفلسطيني في الضفة والأرض الفلسطينية المحتلة عام ٤٨ عن المشهد وظنوا أنهم قد نجحوا، فإذا الشعب الفلسطيني وخاصة في الضفة الغربية فجّر حلقة كفاحية متجددة وتم تسجيلها في التاريخ وفي الذاكرة وفي الوعي باسم القدس.
هذه الانتفاضة جاءت في وقتها لتبطل كل محاولات الرهان على نسيان القدس من الأجيال، وأرسلت رسالة طالما يرسلها الفلسطينيون إلى العالم وإلى الاحتلال أن القدس وما تحويه من مقدسات إسلامية ومسيحية هي دوافع للفعل المقاوم ولم تغِب عن تفكير وسلوك الأجيال وأنها كعاصمة لدولة فلسطين ستبقى صاعقًا ناريًّا على المعتدين.
اقرأ أيضًا: الحرب على الثوابت في ذكرى انتفاضة الأقصى
اقرأ أيضًا: مسارات القضية الفلسطينية من الاستنزاف إلى مراكمة القوة
في انتفاضة القدس خرجت فئات الشعب: الكبير والصغير والرجل والمرأة وبشكل فردي وذاتي في الأغلب في وجه الاحتلال من حيث لا يحتسب، وفي وقت عظم تقديراته في النجاح ضد الشعب الفلسطيني.
خرج الفلسطينيون بكل ما يملكون من أدوات الحياة كالآلات الحادة والسيارات والزجاجات الحارقة والرصاصات القديمة وسلاح ناري بسيط ، وأربكوا المشهد الصهيوني وحيدوا النظريات الأمنية والترسانة العسكرية وحققوا الرسالة المرجوة.
وفي انتفاضة القدس شهدت الأرض الفلسطينية التاريخية المحتلة عام ٤٨ هبات دفاعًا عن القدس والأقصى، ونزلوا إلى الشوارع وتصدوا بصدورهم العارية لرصاصات القتل الصهيوني، وأرسلوا رسالة للاحتلال أننا جزء مهم وأساسي في المكون الفلسطيني العربي المسلم والمسيحي، وأن سياسة الاحتلال لم تنجح معنا على مدار العقود الماضية .
وكغيرها من محطات النضال والقتال والصمود تسلمت الراية من مثيلاتها وسلمتها إلى محطة مسيرات العودة وكسر الحصار في غزة وانتفاضة الشباب الثائر المستمرة في الضفة الغربية والقدس.
وستبقى روح انتفاضة القدس تسري في نفوس الشباب الثائر في كل فلسطين وخارج فلسطين دفاعاً عن القدس قبلة الأحرار وملهمة الثوار .