تقول مجلة (ذي إكونومست): "اتفاق إسرائيلي سعودي قد يقلب الشرق الأوسط رأسًا على عقب، وإذا تمّ التوقيع عليه بمساعدة أمريكية، فإنه يمكن أن يمنح السعوديين التكنولوجيا النووية"! انتهى الاقتباس.
في هذا الخبر عدة قضايا تستحق أن نقف عندها متأملين: الأولى- هي تضخيم تأثيرات التوقيع على اتفاق سلام وتطبيع بين المملكة (وإسرائيل)، بالقول إنه قد يقلب الشرق الأوسط رأسًا على عقب، وهذا القول فيه نظر، فقد وقّعت على اتفاق أبراهام (الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب)، ولم يحدث انقلاب في الشرق الأوسط، ومن قبل وقّعت دولتا مصر والأردن على اتفاق سلام وتطبيع، وهما من دول الجوار، والأهم (لإسرائيل)، ولم يحدث انقلاب في الشرق الأوسط، والسبب في ذلك يعود لأمرين: أن التطبيع أمر غير طبيعي في النظرة العربية العامة، والثاني أن الشعوب ترفض التطبيع، ولا تتعامل مع الإسرائيلي المحتل، وإن فئة محدودة هي التي تتعامل مع المحتل لأغراض تجارية غالبًا.
والثانية- هي ربط التطبيع بالتكنولوجيا النووية، والقراءة الموضوعية تقول، إنه لا يوجد ارتباط شرطي بين الأمرين، فيمكن للسعودية حيازة التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية بدون التطبيع مع (إسرائيل)، (فإسرائيل) وأميركا لا يمكنهما وضع فيتو على حق السعودية بتطوير تكنولوجيا نووية سلمية، فأمام السعودية الصين، وروسيا، للحصول على تكنولوجيا نووية بدون شروط التطبيع مع دولة تحتل فلسطين والمسجد الأقصى، وتهدد كل العواصم العربية، ولا سيما في مجال التجسس، ونشر ثقافة إباحية ضارة بالشعوب العربية.
اقرأ أيضًا: الفلسطينيون بين سياسة القطيع ورفض التطبيع
اقرأ أيضًا: لعنة "حل الدولتين" أداةً لتمرير التطبيع
والثالثة- لماذا يحرص البيت الأبيض على تطبيع المملكة بالذات مع دولة الاحتلال، وفي هذا التوقيت؟! والجواب يقول: لأن مصالح أميركا (وإسرائيل) التي تتحقق بالتطبيع هي مصالح كبيرة، وتفوق المصالح التي يمكن أن تحققها المملكة لنفسها، بل ربما هم يخادعون المملكة فيما يعرضون عليها من مصالح، وقد خدعوا من قبل منظمة التحرير والسودان والإمارات، ولم يلمس الأردن ومصر أي نتائج إيجابية ذات مغزى.
خلاصة القول، إن وسائل الإعلام الغربية والأميركية والإسرائيلية تعمل على تضخيم مخرجات التطبيع بين المملكة (وإسرائيل) تضخيمًا مقصودًا، ويضخمون خطر حصول المملكة على تكنولوجيا نووية، ويظهرون معارضة قيادات صهيونية لذلك، والأمر لا يتعدّى حالة المناورة والخداع، وفي اعتقادي أنه لا يجدر بالمملكة الثقة بما تعرضه أميركا، فضلًا عما تعرضه (إسرائيل).