انتخب المكتب السياسي لحركة حماس خلال اجتماعه بالقاهرة صالح العاروري نائبًا لرئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، وهذا يطرح تساؤلًا عن دلالات ورسائل حماس في انتخابها للعاروري، وهو الشخصية المصنفة على قوائم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضًا يتهمه الكيان العبري بالوقوف خلف العديد من العمليات ضد جنوده ومستوطنيه، ولعل حادثة أسر وقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل إحدى أهم تلك العمليات التي يتهم الكيان العاروري بالوقوف خلفها.
لا شك أن العاروري انتخب انتخابًا ولم يعين تعيينًا، وهو ما يعكس توجهات المكتب السياسي الجديد، ويبرز ملامح أولويات الحركة وإستراتيجياتها خلال المدة المقبلة، وضمن هذا السياق ممكن أن نلخص أهم الرسائل والدلالات التي تقف خلف انتخاب المجاهد صالح العاروري، وهي:
1. رسالة قوة وتحدٍّ لكل محاولات ضم الضفة الغربية وتهويد القدس، وهذه أهم رسالة تطلقها حماس إلى كل من يهمه الأمر، أن أي حل ينتقص من حقوق شعبنا الفلسطيني سيعطل بكل الوسائل والأدوات، وأن خطورة المرحلة المقبلة تتطلب قيادات استثنائية صلبة ذات خلفية عسكرية وأمنية، لاسيما أن خلفية غالبية وزراء حكومة اليمين الصهيوني المتطرف في معظمها عسكر وأمن وتطرف وإرهاب.
2. رسالة تحذير للاحتلال من أي مساس بالعاروري.
3. إحداث توازن سياسي جغرافي داخل حركة حماس بين إقليمي الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا يؤكد أن أولويات الحركة في المرحلة القريبة تعزيز حضورها، وترتيب مؤسساتها، واستعادة مكانتها في الضفة الغربية.
4. سينعكس انتخاب العاروري على ترميم العلاقات بين حماس وإيران وحزب لله وسوريا، وستكون حماس حريصة على الحل السياسي لإنهاء الأزمة السورية.
5. انتخاب العاروري ومن قبله السنوار يفشل نظرية الاحتلال أن عقوبة السجن قد تحرف مسار الأسير عن الهدف الأسمى الذي اعتقل لأجله، وهو تحرير الأرض وحماية العرض.
6. شخصية القائد مهمة في صناعة القرار، وتساهم في تحديد اتجاهاته، ولكنها ليست المقررة؛ فهناك مؤسسة شورية يخضع فيها القرار التنظيمي لصولات وجولات من القراءة، وجمع المعلومات، والتحليل، والتصويت على القرارات حتى تصبح نافذة وملزمة للجميع.
7. غلبة تيار الصقور داخل حماس سببها الحقيقي هو حجم الظلم الذي وقع على الحركة، فعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات التشريعية عام 2006م، وانسداد الأفق السياسي، وازدواجية المعايير التي يتعاطى العالم بها مع كيان الاحتلال وجرائمه ومشاريعه الاستيطانية المخالفة للقانون الدولي، وتصنيف حماس على قوائم الإرهاب الدولي، وحصار قطاع غزة مع التهدئة، كل ذلك أسباب مهمة على صانع القرار الدولي مراجعتها، لو رغب العالم فعلًا في تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين والدوليين.
في الختام أحسنت حماس صنعًا في اختيار العاروري، فالقيادة القوية هي من تصنع المجد، وهي القادرة على النهوض بالمشروع الوطني التحرري، متمنيًا على باقي مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية أن تعيد النظر وتقوّم المرحلة السابقة، وينطلق الجميع باتجاه بناء إستراتيجية وطنية تدفع العالم إلى العمل على جلب حقوقنا بكل الوسائل والطرق المشروعة.