الفشل الكبير الذي منيت به أجهزة أمن السلطة الفلسطينية على مدار العقود الماضية في القضاء على المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية، أجبر (إسرائيل) وأمريكا على التدخل من أجل منح هذه الأجهزة المزيد من أسلحة القوة والقمع التي تصب لتحقيق غاية واحدة هي ترسيخ الأمن الإسرائيلي.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية العامة "كان"، أن السلطة برام الله تسلمت عبر الأردن مجموعة من المصفحات والأسلحة الأمريكية بموافقة إسرائيلية لدعم أجهزتها الأمنية، وخاصة "الأمن الوقائي"، و"الأمن الوطني"، وكذلك الشرطة.
وبينت "الهيئة" أن هذه المصفحات ستدعم قدرات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في مواجهة خلايا المقاومة، خاصة في منطقتي جنين ونابلس.
وكانت السلطة شاركت في اجتماعي العقبة في الأردن وشرم الشيخ في مصر، اللذين عُقدا في شهري فبراير ومارس الماضيين، بحضور وفود مصرية وأردنية ورعاية أمريكية، وخرجا بُجملة من التوصيات تندرج في إطار التآمر على المقاومة المتصاعدة في الضفة والقدس، وتوفير الحماية للاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني.
ويرى المحلل السياسي من نابلس سامر عنبتاوي، أن الولايات المتحدة الأمريكية مارست ضغوطات خلال الفترة الأخيرة على الاحتلال؛ بهدف تقوية الأخيرة، وذلك بعد شعورها بضعفها في بعض المناطق التي تنشط بها المقاومة في الضفة.
اقرأ أيضًا: اجتماع العقبة: أمن دولة الاحتلال أولًا
وأوضح عنبتاوي لصحيفة "فلسطين"، أن الهدف من هذه الخطوات هو عدم سقوط السلطة وبقائها ضمن الضوابط التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية، ولا سيّما في ظل عدم قدرة السلطة على إنهاء المقاومة في مناطق شمال الضفة.
وبيّن أن المخطط الجاري في الوقت الراهن أصبح على مستوى إقليمي، وليس على المستوى الفلسطيني فحسب، إذ تدخلت به الأردن ومصر وبعض دول الخليج بالتوافق مع الإدارة الأمريكية.
وعدّ أن كل ما يجري حاليًّا يندرج ضمن الخطة التي جرى الاتفاق عليها في اجتماعي "العقبة وشرم الشيخ"، التي تتلخص حول تقديم المساعدات الأمنية للسلطة لضمان عدم انهيارها، مشيراً إلى أن رئيس حكومة المستوطنين بنيامين نتنياهو يسعى إلى تطبيق ما جرى في الاجتماعين، لأنه لا يستطيع التوازن بين مجريات الأحداث في الضفة و(إسرائيل).
وبحسب عنبتاوي، فإن هناك فجوة بين الشارع والسلطة زادت أكثر خلال الفترة الأخيرة، بسبب اختلاف الرؤى، منها تؤيد العمل المقاوم المسلح، والآخر فريق السلطة الذي يسعى إلى القضاء عليه بدعم من جهات إقليمية.
تصاعد المقاومة
بدوره، قال المختص في الشأن السياسي عدنان الصباح: "إن السلطة تبحث عن كل وسائل إضعاف المقاومة"، لافتاً إلى أنها جرّبت ذلك خلال ثلاثة عقود، وكانت النتيجة عكسية، إذ تتصاعد المقاومة أكثر.
وبيّن الصباح لـ"فلسطين"، أن السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ انتفاضة السكاكين عام 2015، مروراً بمعركة سيف القدس في 2021، وصولاً إلى الأحداث الجارية التي تعيشها المقاومة، تثبت أن الاحتلال لم يتمكن من القضاء عليها.
اقرأ أيضًا: بعد الأسلحة.. صحيفة عبرية تكشف: السلطة ستحصل على معدَّات تجسس متقدمة
وأوضح أن الأسلحة الجديدة والمصفحات لن تفلح بإخماد سلاح المقاومة في الأراضي الفلسطينية، بل ستتعاظم أكثر، معتبراً خطوة تسليم الأسلحة ضمن الخطة الأمنية التي جرى الاتفاق عليها بموافقة عربية وإقليمية ودولية.
وأضاف أن الأطراف التي شاركت في اجتماعي شرم الشيخ يسعون إلى بث الفرقة في الضفة، وإضعاف المقاومة فيها، وتحويلها إلى معازل وكنتونات، لافتاً إلى أنها تحاول تقوية السلطة لهذا الغرض.
من ناحيته، يرى الناشط السياسي ياسين عز الدين، أن خطوة تسليم الأسلحة تأتي ضمن مساعي السلطة للقضاء على المقاومة شمال الضفة تحديداً، بدعم أمريكي.
وبيّن عز الدين لـ"فلسطين"، أن السلطة وقدرتها على الردع تآكلت في الآونة الأخيرة، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى تقديم المساعدة والسلاح بشأن إعادة سيطرتها، معتبراً في الوقت ذاته أن السلطة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى رفع معنويات عناصرها وإحباط المقاومين.
وعدّ الدور الأردني وتدخله في الساحة الفلسطينية لصالح السلطة والاحتلال "تدخلاً فجًّا وخطيراً يتعدى الأدوار الأخرى التي كانت تتم بالخفاء"، مستبعداً أن تنجح تلك الأسلحة في تغيير المعادلات بالضفة الغربية.
وبحسب عز الدين، فإن المشكلة ليست في تسليح السلطة، بل في فقدانها لحاضنتها الشعبية في نابلس وجنين، لذلك ستضعف شحنة الأسلحة الحاضنة أكثر ولن تقويها، لافتاً إلى أن هذه الخطوة ضمن الخطط التكتيكية المستمرة للقضاء على المقاومة بالضفة.