بدأت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، عملية نقل رفات الموتى في مقبرة التوانسي، في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة إلى المقبرة الشرعية، ضمن مشروع إنشاء مجمع مدارس، وذلك بقرار من لجنة متابعة العمل الحكومي، وبمشاركة وزارتي الأوقاف والتعليم العالي، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني.
وتنقسم المقبرة إلى عدة أجزاء، يضم كل جزء منها عشرات ومئات القبور، وتفصل بينها شوارع وتعديات على أرض المقبرة الكائنة في منطقة حيوية من حي الشجاعية تشهد ازدحامًا سكانيًّا واضحًا.
وأبدى مواطنون في أحاديث مع مراسل صحيفة "فلسطين"، تأييدهم الشديد لمشروع إنشاء مجمع مدارس في ظل حالة التكدس الكبيرة في مدارس الشجاعية، وارتفاع عدد الطلبة في الصف الواحد.
وقالوا: إن نقل الرفات وإزالة المقبرة أصبح أمرًا ملحًّا لأسباب عديدة، أولها انتهاك مواطنين لحرمة الأموات، والاستفادة من أرض المقبرة لإنشاء مدارس جديدة.
اقرأ أيضًا: "الأوقاف" بغزة تصدر بيانًا حول أداء الصلوات المفروضة في ظلّ العدوان
وأضافوا إلى أن النباشين ألحقوا أضرارًا كبيرة بالقبور، واستغلها آخرون أسوأ استغلال، وتعدوا على أراضيها، وأنشؤوا بيوتًا لعوائلهم.
وبينوا أن إنشاء مجمع المدارس سيترك آثارًا إيجابية على الطلبة وعوائلهم أيضًا، مؤكدين أنه لا مشكلة لديهم في نقل قبور موتاهم إلى المقبرة الشرقية، طالما أن تنفيذ المشروع سيعود بالنفع على المواطنين.
وشاهد مراسل "فلسطين" عملية استخراج رفات بعض الأموات داخل مقبرة التوانسي، ووضعها في أكفان بيضاء، ونقلها بتوابيت إلى المقبرة الشرقية لدفنها في اليوم ذاته.
ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية حسبما أفاد مدير دائرة المقابر فيها زياد عبيد، هي الجهة المخولة بنقل رفات الأموات، وإزالة المقبرة بقرار لجنة متابعة العمل الحكومي، ولم تقدم الوزارة على ذلك إلا بناءً على طلب تقدم به سكان المنطقة المحيطة بالمقبرة للجهات الرسمية لإزالتها، وفق قوله.
وبين عبيد لصحيفة "فلسطين"، أن سكان المنطقة ومخاتير ووجهاء حي الشجاعية لم يطلبوا من وزارة الأوقاف إزالة المقبرة، إلا لعلمهم بحالة المقبرة، والتكدس الحاصل في المدارس، وقلة الأراضي التي من الممكن الاستفادة منها واستغلالها لإنشاء مدارس جديدة للبنات في مرحلة الثانوية.
وأشار إلى أن عملية الإزالة تتم بضوابط شرعية بمشاركة وعاظ شرعيين فرزتهم وزارة الأوقاف حسب توصيات وقرارات لجنة الاجتهاد الفقهي في الوزارة.
وأكد أن وزارة الأوقاف بدأت نقل رفات الموتى من مقبرة التوانسي بعد حصولها على موافقة الأهالي، مع ضمان عدم العبث بها أو لمس الرفات أكثر من مرة، حتى أن فرق الوزارة أشركت بعض عائلات المتوفين في نقل رفات ذويهم.
وفي اليوم الأول لتنفيذ مشروع نقل المقبرة، استطاعت فرق الأوقاف نقل رفات 40 ميتًا ومن المتوقع زيادة هذا الرقم ليصل يوميًّا إلى 60-70 قبرًا، والانتهاء من نقلها جميعها بغضون 10 أيام، وفق عبيد.
تعديات السكان
وأشار إلى تعديات كبيرة يمارسها سكان المنطقة على مقبرة التوانسي، أدت إلى فقدان المقبرة 7 دونمات من مساحتها الإجمالية البالغة أكثر من 25 دونمًا، وقد أنشؤوا بيوتًا أسمنتية ذات طوابق متعددة، فضلاً عن اعتداءات أخرى يومية تصل أحيانًا إلى إلقاء النفايات فيها وبكثافة.
ونبَّه مدير دائرة المقابر في وزارة الأوقاف، إلى أن مقبرة التوانسي تتجزأ إلى 3 أجزاء، وقد بدأت الأوقاف نقل القبور الواقعة في الجزء الشمالي منها ويضم 450 قبرًا تقريبًا، جلها ذات تواريخ دفن قديمة جدًا تتجاوز الـ 30 عامًا، ويتضح ذلك من خلال الرفات التي نقلت.
أما عن العدد الإجمالي للقبور في جميع أنحاء المقبرة تتجاوز 1200 قبرٍ، ستنقل جميعها إلى المقبرة الشرقية، ومساحتها 280 دونمًا، ولم يبقَ منها سوى 14 دونمًا من المتوقع أن تختفي هذه المساحة في أقل من عاميْن.
وأكمل عبيد: من المقرر إنشاء مجمع المدارس بعد الانتهاء من نقل الرفات وإزالة المقبرة، بهدف إيجاد حلول مناسبة للتضخم الكبير في أعداد الطلبة، وغالبيتهم يتوجهون إلى مدارس قرب الخط الشرقي بعيدًا عن منازلهم.
اقرأ أيضًا: "الأوقاف" تدعو لإعطاء قضية القدس والأقصى الأولوية لتبقى حيَّة في قلوب الأجيال
ووفق خطة مشروع إنشاء مجمع المدارس، من المقرر إنشاء 5 مدارس اثتنين منها حكوميتين (ثانوية)، واثنتين تتبعان لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، ومدرسة شرعية تابعة لوزارة الأوقاف، كما أفاد عبيد.
ووفق ما أفاد به المدير العام للأبنية واللوازم في وزارة التربية والتعليم م. حاتم غيث، فإن مديرية شرق غزة تعد منطقة ذات اكتظاظ كبير بالطلبة، وتقدر نسبتهم بـ 23 بالمئة من إجمالي نسبة الطلبة في محافظة غزة.
وبين غيث لصحيفة "فلسطين"، أن عدد طلبة مديرية شرق غزة يزيد على 63 ألفًا، موزعين على 46 مبنى مدرسي تعمل كلها على فترتيْن صباحية ومسائية خاصة في حي الشجاعية، الأمر الذي دفع الجهات المختصة سابقًا إلى التفكير والتوجه إلى 3 فترات دراسية بسبب عدد الطلبة الكبير.
وذكر أن حي الشجاعية لا يوجد فيه أراضٍ خالية لإنشاء مدارس جديدة، وتتوفر فيها أراضٍ لوزارة الأوقاف بإمكانها تأجيرها لإنشاء مؤسسات تعليمية.
وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم لديها عجز سنوي في عدد المدارس على مستوى قطاع غزة، وهي بحاجة إلى 15 مدرسة سنويًّا حتى تواكب الزيادة السكانية.
وبين أن العجز التراكمي لدى الوزارة بفعل ضعف الإمكانيات وعدم توفر التمويل وصل إلى 130 مدرسة، ويجب بناء هذا العدد حتى يصبح التعليم بغزة موافقًا لمعايير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونكسو".