فلسطين أون لاين

عائلة الأسير أحمد كعابنة تفتقد سندًا غزت الأمراض جسده

...
الأسير أحمد كعابنة
أريحا/ غزة– فاطمة الزهراء العويني:

حالة من القلق الخوف تراود زوجة الأسير أحمد كعابنة عقب الأنباء الواردة من سجون الاحتلال عن تردي وضعه الصحي.

"سارة" التي رغم المسؤولية الثقيلة التي أُلقيت على عاتقها إلا أن زوجها الأسير ظلّ سندها في مواجهة الحياة، تستأنس بإرشاداته لتربية بناتها، ووصيته الدائمة "إيش ما بدهن جيبيلهن، ما تنقصي عليهن إشي".

ترك الأسير أحمد كعابنة زوجته سارة في إثر اعتقاله عام 1997م وهي لم تبلغ التاسعة عشرة من عمرها بعدها، ولديها طفلة وحاملٌ بأخرى، إذ انقلبت حياتها رأساً على عقب بسرعة، ولم تكن قد قضت معه سوى عامين ونصف.

سارة التي لم تكن قد التحقت بالمدارس البتة، فلا تجيد القراءة والكتابة، ولا تعمل فهي ربة منزل، اعتمدت بشكل كلي على زوجها في تدبير أمور المنزل، ليمثل اعتقاله نقطة فارقة في حياتها بعدما وجدت نفسها أمام مسؤولية عظيمة لم تكن تعرف من أين تبدأ بها.

فبعد فترة من المطاردة اعتقل الاحتلال زوجها أحمد، وخضع لتحقيقٍ قاسٍ أربعين يوماً، وعُقدت له سلسلة من جلسات المحاكمة، كان يوصي خلالها "سارة" بألا توكل له محامين لإدراكه بأنهم سيوقعون بحقه حكماً مرتفعاً.

اقرأ أيضًا: أسيران يدخلان عامين جديدين في سجون الاحتلال

وحدث ما كان يتوقعه "أحمد"، إذ حكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد مرتين وست سنوات، ومرت سنواتٌ طويلة كانت فيهن "سارة" الأم والأب لبناتها نسرين "تركها وعمرها عام وأربعة أشهر"، وزهرة (كانت جنيناً في بطن أمها) حتى أتممن تعليمهن وتزوجن وأصبحن أمهات.

تقول الأم: "لم يكن الأمر بالسهل أبداً أن أتابع دراسة بناتي وأنا أمية لا تجيد القراءة والكتابة، وأنْ أهتم بأمور المنزل، خاصةً أن الاحتلال منعني من زيارة زوجي عشر سنوات متتاليات، كنتُ أُضطر لإرسال بناتي مع جدتهن وأعمامهن وعماتهن لزيارة والدهنّ وما في ذلك من مشقة عليهن وعلى الزائرين".

غياب عمود البيت

وتضيف بالقول: "كنتُ حريصة على أنْ يتعرفن على والدهن، ويكنّ قريبات منه، وأعرف أنه لا شيء يسلي قلب الأسير أكثر من زيارة ذويه وفلذة كبده".

لم ولن تكون الحياة سهلة في بيت أهل أي أسير، كما تؤكد سارة، "فغياب عمود البيت أمرٌ ليس بالسهل أبداً، أنْ تكبر البنات ويتزوجنّ دون أنْ يزفهن والدهن، أنْ ينجبن أبناءهن ولا يكون والدهنّ بجانبهن، ويلاعب أحفاده".

اليوم تعيد سارة الكرّة مع ابنتها رفيف "التي أنجبتها عبر نطفة مهربة"، وتبلغ من العمر تسع سنوات فهي لا تتفهم سبب غياب والدها عن المنزل، "دائماً تقول لي لماذا لا يوصلني أبي للمدرسة، لماذا أبناء أعمامي آباؤهم بجانبهم وأنا لا؟".

أسئلة رفيف الكثيرة تؤرِّق بال "سارة" التي تؤدي دور الأب والأم مجدداً، وتحاول أن تعوضها عن غياب أبيها، وبعد شقيقاتها المتزوجات في سكنهن عنها، "أغلب الوقت يكون البيت فارغاً لا يوجد فيه سوى أنا ورفيف".

اقرأ أيضًا: لقاء حواري بعنوان "750 معتقلًا فلسطينيًا ضحايا الإهمال الطبي"

ولا تتوقف أسئلة "رفيف" عند هذا الحد، فهي تفتح "جروحاً" عند زيارتها لوالدها، إذ تسأله عن سبب كون أسنانه مختلفة عنهم، ما اضطره لرفع (طقم الأسنان المتحرك) "الضبة" ليريها فمه الخالي من الأسنان بسبب الإهمال الطبي الذي يعيشه كغيره من الأسرى المرضى في سجون الاحتلال.

فقد استبدت الأمراض بجسد "كعابنة"، ففقد أسنانه، ولا يأكل إلا بضع أنواع من الطعام، فأسنانه المتحركة لا تساعده على أكل جميع أنواع الطعام، بينما يهمل الاحتلال وضعه الصحي ولا يقدم له المساعدة، إذ يعاني أيضاً قرحة في المعدة وآلامًا في الرجلين والظهر، والقولون العصبي.

وتلفت سارة إلى أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فزوجها بحاجة لعملية جراحية طارئة "فتاق" يماطل الاحتلال في إجرائها له، "أخبرني قبل أسبوع أن إدارة السجن ستحجز له للعملية، لكنه لا يدري متى سيجرونها بعد شهر أم سنة، فهو لا يعلق آمالاً على إدارة السجون بأنْ تلتفت لوضعه الصحي".

ويستبد القلق بقلب سارة على وضع زوجها الصحي والخشية على حياته رغم أنه يحاول دائماً أن يظهر أمامها، وكأنه لا يعاني شيئاً حتى لا يشغل بالها، "لكن الإرهاق والتعب يبدوان جليين على وجهه ويظهران ما يخفيه".

ويتعالى "كعابنة" على أوجاعه لكي يرسل لزوجته وصاياه الدائمة بأن لا تقصر أبداً بحق بناته، وأنْ تحضر لهن كل ما يطلبنه مهما غلا ثمنه، "ألا يكفيهن أنني لم أعش معهن يوماً خارج السجن، ولا أعلم هل سألتقي بهن وأنا على قيد الحياة؟!