تبذل سلطات الاحتلال الاسرائيلي، قصارى جهدها لبسط سيطرتها الأمنية الكاملة على مدن الضفة الغربية المحتلة، بفرض إجراءات تهدف لاحتواء انتفاضة القدس المتذبذبة وتقليص عدد العمليات الفدائية من جهة أخرى.
ويزعم الاحتلال بأن العمليات الفدائية ارتفعت عشرات الأضعاف خلال العامين الماضي والجاري، خلافاً لعام 2015 الذي انطلقت به شرارة انتفاضة القدس، وتعتبر الأروقة الأمنية الإسرائيلية ارتفاع معدل العمليات "طفرة أمنية".
وإزاء ذلك، أعلن جيش الاحتلال عن خطة أمنية، للتعامل مع العمليات الفدائية المتكررة في الضفة، تهدف لأن تكون كل موجة العمليات أضعف من الموجة التي سبقتها.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الخطة تعتمد على تقسيم سكان الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام (لا مباليين، ومردوعين، وفدائيين)، وتشمل القضاء على التصنيع المحلي للسلاح، وتجفيف منابع الأموال التي تصل لعائلات الفدائيين، وتركيب المزيد من كاميرات المراقبة على كل زاوية، وفق ادعائها.
ويرى مختصون بالشأن الإسرائيلي، أن هذه الإجراءات تأتي بعد فشل جيش الاحتلال في بسط سيطرته الكاملة والمطلقة على الفلسطينيين في مختلف مدن الضفة المحتلة.
لا تشكل رادعاً
وأكدوا أن هذه الإجراءات لا تشكّل رادعاً للمقاومة المتواصلة في وجه الاحتلال ولن تُخيف الشعب الفلسطيني، كما لن تقف عائقاً أمام تنفيذ عمليات فدائية في حال ارتكاب الاحتلال جرائم بحق المواطنين.
ومثل نجاح عملية "حلميش" البطولية في تموز/ يوليو الماضي انتكاسة للخطط الإسرائيلية، إذ جاءت العملية في وقت انتشار مكثف لقوات جيش الاحتلال بالتزامن مع المواجهات الشعبية في مدينة القدس المحتلة ومحاولات السيطرة على المسجد الأقصى بنصب بوابات إلكترونية على مداخله.
ووفقاً لمعطيات إسرائيلية، نشرها مراسل "يديعوت" ليؤر كارملي، بلغ معدل العمليات قبل انتفاضة القدس في تشرين الثاني/ أكتوبر 2015 نحو 85 محاولة شهرياً، تراجع إلى 50 محاولة شهرياً، ليقترب مجدداً من النسبة الأولى بنحو 80 محاولة بعد شهر مايو/ أيار 2016، مع المحافظة على هذا المعدل خلال النصف الأول من العام الجاري.
وهنا يرى خالد العمايرة المختص في الشأن الاسرائيلي، أن تلك الإجراءات "عبارة عن أساليب" يتخذها الاحتلال لمحاولة إنهاء الجهد المقاوم بالدرجة الأولى، موضحاً أن تلك جزء من محاولات تدجين الشعب الفلسطيني وقمعه بطريقة تسهل على (اسرائيل) تمرير خططها ومؤامراتها الرامية للقضاء على قيام الدولة الفلسطينية.
واعتبر أن القرار يعطي الضوء الأخضر من حكومة الاحتلال الإسرائيلي "للشاباك"، لاتخاذ قرارات لقمع أي مقاومة محتملة لنظام "الأبرتهايد" الذي يسعى الاحتلال لتطبيقه في الضفة.
واستبعد العمايرة، امكانية نجاح الخطة في السيطرة على الضفة، خاصة في ظل الوعي السياسي للفلسطينيين، وعدم خضوعهم لإجراءات الاحتلال.
خلق واقع جديد
ويتفق المختص في الشأن الاسرائيلي علاء خضر، مع سابقه، مؤكداً أن الاحتلال يواصل إجراءاته المتعلقة بتقسيم الضفة الغربية جغرافياً وسكانياً منذ اندلاع انتفاضة القدس الجارية.
ويوضح أن سلطات الاحتلال تحاول خلق حالة من الخوف لدى المواطنين الفلسطينيين، والمقاومين بشكل خاص، لثنيهم عن تنفيذ أي عمليات محتملة ضدهم.
ويشير إلى أن مثل هذه الإجراءات تساعد أجهزة أمن الاحتلال على معرفة توجهات كل شخص، ما تسبب بحالة من التنغيص على حياة المواطنين سواء خلال تنقلهم سواء داخل مدن الضفة، أو عند السفر للخارج.
وينظر جيش الاحتلال إلى مواقع التواصل الاجتماعي كبيئة مشبعة بالتحريض ومنطلقاً رئيسياً لمنفذي العمليات.
وكان المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، عزا في تقرير نشره في نيسان/ إبريل الماضي، تراجع وتيرة العمليات الفردية إلى ارتفاع مستوى التنسيق الأمني بين قوات الاحتلال وأجهزة أمن السلطة التي قال إنها سلمت أسماء قرابة 400 فلسطيني تم اعتقالهم فعلا، وتلقى آخرين وعائلاتهم أحيانا، تحذيرات من الشاباك وجيش الاحتلال، وسط تهديد بتعرضهم هم وعائلاتهم لأضرار وملاحقات، كما جرى تحذير سلطات الاحتلال من عمليات ضد أهداف إسرائيلية محتملة.