منذ 26 عامًا يحاول المواطن عماد أبو شمسية، الحصول على موافقة لإضافة طابق جديدة لمنزله الكائن في حي "تل الرميدة" الذي يتوسط مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، لكن يصطدم في كل مرة بالمنع الإسرائيلي.
ولعدم تمكن أبو شمسية، من بناء طابق جديد بمنزله البالغ مساحته 90 مترًا مربعًا فقط، اضطر نجليه "عوني وصالح" لاستئجار منزل جديد يقيمان فيه خارج نطاق الحي، بسبب ضيق المنزل، والمنع من البناء، والاعتداءات والاعتقالات المتكررة التي يتعرضون لها على أيدي المستوطنين وشرطة الاحتلال.
وبموجب اتفاقية الخليل عام 1997، والتي عرفت ببروتوكول إعادة الانتشار بين منظمة التحرير وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، تمنع الأخيرة سكان الحي من بناء أو ترميم منازلهم، بذرائع أمنية.
تفريغ الحي
وأشار أبو شمسية، إلى أنه تقدم أكثر من مرة بطلب للحصول على رخصة بناء من قبل سلطات الاحتلال، رغم أن المنطقة تتبع خدماتيًّا وإداريًّا لبلدية الخليل، في حين تخضع أمنيًّا لسيطرة سلطات الاحتلال، وفق الاتفاقية.
وقال صاحب المنزل لصحيفة "فلسطين": إنه أجرى عملية ترميم لمنزله عام 2017، بعد عشرة أعوام من محاولاته مع لجنة الإعمار في الخليل، وتوجهه للمحاكم الإسرائيلية ليتمكن من إعمار منزله الذي بدأ يتآكل بفعل عوامل الزمن.
اقرأ أيضاً: تقرير الحواجز الإسرائيلية.. حبل مشنقة حول أعناق سكان "تل الرميدة"
ورغم منع أبو شمسية، من البناء طوال الأعوام الماضية، إلا أن سلطات الاحتلال والمستوطنين يضيقون الخناق عليه، ويعتدون على منزله بشكل متكرر؛ بهدف تهجيرهم منه والاستيلاء عليه، إلا أنه يرفض الرضوخ لهذه المحاولات ويقرر البقاء في منزله والدفاع عنه بكل قوته.
وأوضح أن تلك المحاولات هدفها تفريغ الحي من سكانه ومنع تمدده، واستبدالهم بالمستوطنين، لافتًا إلى أن الحي تعرض للتجزئة المتكررة، ما يجعل حياة سكانه معقدة مليئة بالقيود والتحديات.
حصار مطبق
ولا يختلف الحال كثيرًا عن الستيني مفيد الشرباتي، الذي منعته سلطات الاحتلال من الحصول على ترخيص لبناء غرفة جديدة بمنزله في شارع الشهداء، في حي تل الرميدة، الذي يبعد أمتارًا قليلة عن مجمع "الدبويا" الذي يضم ثلاث مستوطنات "بيت هداسا، بيت هشاشا، وبيت رومانو".
وقال الشرباتي بغضب، لصحيفة "فلسطين": إنه وبعد سنوات من الانتظار للحصول على رخصة للبناء، سمحت له سلطات الاحتلال عام 2021، ببناء غرفة من الحديد والأخشاب دون استخدام مواد البناء، رغم حصوله عام 1997، على رخصة البناء من بلدية الخليل.
ولا يكاد يتسع منزل الشرباتي لأفراد أسرته المكونة من سبعة أفراد يقيمون في غرفتين وصالة صغيرة، لافتًا إلى أنه يدرك الهدف من هذا التضييق الرامي لتضييق الخناق عليهم، ودفعهم للرحيل عن منازلهم التي ورثوها عن أجدادهم.
وبين الشرباتي أنه وبسبب إجراءات الاحتلال تلك اضطرت عائلات عدَّ لترك منازلها والسكن خارج الحي من أجل حماية أبنائها من اعتداءات المستوطنين المتكررة، مؤكدًا أن ما يعرف باتفاقية الخليل ساهمت في تغول سلطات الاحتلال والمستوطنين للسيطرة على المنطقة.
ودعا بلدية الخليل والسلطة في رام الله، إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط على سلطات الاحتلال ليتمكنوا من بناء منازلهم، مطالبًا المؤسسات الحقوقية والدولية والإنسانية بزيارة المنطقة، والاطلاع على معاناة السكان، وتوفير الحماية لهم.
قوانين عنصرية
في حين أكد رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة، أن المواطنين المقيمين في حي "تل الرميدة" يمرون بأوضاع صعبة ومعقدة عند وصولهم إلى منازلهم؛ بسبب وجود حواجز عسكرية إسرائيلية تحيط بالمكان.
وشبه أبو سنينة، في حديث لصحيفة "فلسطين" حياة سكان الحي بالسجن من جراء الصعوبات والتحديات التي يواجهونها على يد سلطات الاحتلال، فيتم التدقيق بهوياتهم الشخصية، ويمنع الزوار من الوصول إلى المنطقة بسبب المستوطنات والحواجز الإسرائيلية العسكرية المحيطة بالمكان.
وأضاف أبو سنينة أن بلديته تواجه صعوبة كبيرة جدًّا في تنسيق إدخال مواد البناء إلى الحي، وعادة ما تصطدم بالرفض الإسرائيلي، مؤكدًا أن سلطات الاحتلال والمستوطنين يمارسون سياسات ممنهجة لسحب صلاحية البلدية، وتضييق الخناق على الفلسطينيين لدفعهم للرحيل عن أراضيهم عبر منعهم من البناء أو الإعمار والاعتداء عليهم واعتقالهم، بزعم أن مدينة الخليل جزء من عقيدتهم المزورة.