رفضت المواطنة "أم محمد" الانصياع لأوامر جنود الاحتلال بنزع حجابها كي يسمحوا لها ونجلها باجتياز إحدى الحواجز المؤدية لبيتها في حي "تل الرميدة" وسط مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ما اضطرها إلى الانتظار قبل السماح لها بالوصول إلى منزلها.
فبعد عصر يوم السبت الماضي، توجهت أم محمد رفقة نجلها (10 أعوام) لزيارة شقيقتها التي تسكن خلف الحاجز الإسرائيلي المقام على مدخل "تل الرميدة"، وبعد ساعات حاولت العودة إلى منزلها لكن إجراءات الاحتلال حالت دون ذلك، لتعود إلى بيتها في وقت متأخر من مساء ذلك اليوم.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على الحواجز في محيط رام الله
وقالت أم محمد، التي فضلت عدم ذكر اسمها؛ خشية اعتقالها: إن محاولات الاحتلال هدفها إذلال الأهالي ودفعهم لمغادرة الحي، لافتة إلى أن الحاجز مزود بكاميرات مراقبة من كل الاتجاهات وأجهزة استشعار وبوابة إلكترونية تُظهر ما يحمله الأهالي من معادن.
وذكرت لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يشدد إجراءاته على الحواجز المحيطة بالحي منذ ما يسمى "عيد سارة" في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، واقتحام البلدة القديمة بالخليل بآلاف المستوطنين والاعتداء على الأهالي لدفعهم إلى مغادرة الحي.
وهاجم المستوطنون في 19 نوفمبر الماضي، وبحماية قوات الاحتلال، منازل المواطنين والمحال التجارية والأهالي في "تل الرميدة" وشارع الشهداء وحارة جابر ووادي الغروس ووادي النصارى بالبلدة القديمة في مدينة الخليل، في محاولة منهم لسلب بعض المنازل من أصحابها.
وتقع البلدة القديمة في الخليل، تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويستوطنها نحو 400 إسرائيلي، يحرسهم نحو 1500 جندي.
مخططات إسرائيلية
ولم يسلم الشاب حاتم المحتسب من بطش الاحتلال على حاجز "تل الرميدة"، إذ أُجبر على خلع جزء من ملابسه ليسمح له بالمرور عبر الحاجز والوصول إلى منزله يوم الأحد الماضي، بزعم امتلاكه سلاحًا.
وقال المحتسب لـ"فلسطين": إن محاولات الاحتلال للتضييق على الأهالي هدفها تهجيرهم من منازلهم، مؤكدًا أن النساء والأطفال والشيوخ لم يسلموا من عمليات التنكيل من الجيش عبر الحواجز المحيطة بالحي.
وذكر أن عمليات التنكيل بالأهالي البلدة القديمة تزداد في ساعات المساء ما يضطر العديد منهم إلى قضاء حاجاتهم في ساعات الصباح، مؤكدًا أن الأهالي ضاقوا ذرعًا من سياسات وإجراءات جيش الاحتلال الذي يتعامل بمزاجية معهم.
جرائم إسرائيلية
وزادت اعتداءات الاحتلال والتنكيل بسكان حي "تل الرميدة" والشوارع والمناطق المجاورة بمدينة الخليل منذ الإعلان عن دخول زعيم حركة "القوة اليهودية" إيتمار بن غفير في تشكيلة حكومة الاحتلال الجديدة، والقول لمنسق تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان في الخليل عماد أبو شمسية.
وأكد أبو شمسية لـ"فلسطين" أن الاحتلال يجبر المارين عبر الحواجز المحيطة بحي "تل الرميدة" على خلع ملابسهم في أثناء عبورهم الحواجز العسكرية، مبينا أن تجمعه وثّق عددًا من الانتهاكات التي ارتكبها الجنود على الحواجز بحق السكان.
ولفت إلى أن الاعتداءات على الأهالي زادت بعد فوز "بن غفير" في الانتخابات ومشاركته في حكومة الاحتلال، كونه يسكن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الفلسطينيين في الخليل، إلى جانب اقتحام أكثر من 35 ألف مستوطن أحياء المدينة فيما يسمى "عيد سارة" والاعتداء على الأهالي وسكان الحي وشارع الشهداء.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يعتدي على طلاب المدارس وينشر عشرات الحواجز في القدس
ويتخوف الأهالي، والقول لأبو شمسية، من تصاعد الضغوط الإسرائيلية على الأهالي، ودفعهم إلى الرحيل من المكان وإقامة حي يهودي على أنقاض بيوتهم وصولًا إلى شارع الشهداء ومحيط المسجد الإبراهيمي.
ولا يتم الدخول أو الخروج من حي "تل الرميدة" إلا عبر الحواجز الإسرائيلية الثلاثة التي تحيط بها والمزودة بكاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية يتحكم بها الاحتلال ويحدد مَن يدخل ومَن يخرج من المنطقة، وفق أبو شمسية، الذي انتقد توقيع "اتفاق الخليل" بين منظمة التحرير والاحتلال، والذي شجع الأخير على تغوّله على الأراضي الفلسطينية خاصة في مدينة الخليل.
وأتاح "اتفاق الخليل" الموقع في 17 يناير/ كانون الثاني 1997 بين منظمة التحرير والاحتلال بتقسيم الخليل إلى منطقتي (H1) و(H2)، وأُعطي الاحتلال بموجبه سيطرة كاملة على البلدة القديمة وأطرافها.