أضافت سلطات الاحتلال الإسرائيلي معاناة جديدة إلى سكان روابي العيساوية شمالي شرق القدس المحتلة بفرض تشديدات وقيود جديدة جعلت الحياة فيها أشبه بسجن يضيق بسكانه المقدسيين.
وطبقًا لما أفادت به مصادر لصحيفة "فلسطين" من داخل منطقة الروابي، فإن العائلات التي شدد الاحتلال الخناق عليها تقيم في روابي العيساوية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وقد أقاموا عدة مشاريع إنشائية فيها؛ من بينها شارع رئيس ومنازل مهددة كغيرها بالتهويد.
إضافة إلى ذلك، فهي تعد منطقة مهمة بالنسبة للتجمعات البدوية التي تعتمد على الثروة الحيوانية وتربية المواشي هناك.
وفي انتهاك جديد فرضه جيش الاحتلال على سكان روابي العيساوية وضع قبل أيام جدارًا وبوابة حديدية وأحاطها بالأسلاك الشائكة.
وقد أصبح تنقل سكان المنطقة محكوم بالبوابة التي يتحكم بها جنود الاحتلال المتواجدون داخل معسكر الجيش المقام على أراضي روابي العيساوية، ومرورهم عبرها مرهون بموافقة الجندب المناوب.
وهذه المنطقة المقدسية ترتبط مباشرة بقرية العيساوية في شمال شرق القدس، وهي تتعرض لانتهاكات مستمرة يرتكبها جنود الاحتلال والمستوطنون.
اقرأ أيضاً: بأوامر "بن غفير".. الاحتلال يمنع عقد اجتماع لأولياء أمور الطلبة في العيساوية
وأبدى المقدسي مأمون محيسن من سكان العيساوية استغرابه الشديد من قرار الاحتلال المفاجئ بمنع سكان الروابي المرور عبر البوابة الرئيسة للمنطقة وإجبارهم على المرور فقط من خلال البوابة في معسكر الجيش.
محيسن أشار أيضًا إلى أن أهالي الروابي يقيمون في المنطقة منذ السبعينيات وقبل بضع سنوات صادر الاحتلال جزءًا من أراضيها لإقامة معسكر للجيش أصبحت مهمته الرئيسة التحكم بحركة سكان المنطقة والمزارعين.
وبسبب إغلاق بوابة "روابي العيساوية" أمام سكان والمزارعين أصبح الوصول إلى المنطقة العيساوية يتطلب سلك طريق آخر يتطلب وقتًا أطول مما يستغرقه المرور عبر البوابة التي يتحكم بها جنود الاحتلال.
واستدعى ذلك سكان روابي العيساوية ومتضامنين مقدسيون من عدة قرى وبلدات بالقدس المحتلة إلى إقامة صلاة الجمعة قرب البوابة تعبيرًا عن الاحتجاج والرفض لإجراءات جيش الاحتلال والتضييق على المواطنين، بحسب محيسن.
وبيّن أن إغلاق البوابة أيضًا ترك تداعياته على المزارعين الذين اعتادوا على التنقل عبرها، وصولًا إلى أراضيهم الزراعية شمال شرق القدس، وقد رفضت سلطات الاحتلال الاستجابة لمطلبهم بالسماح لهم المرور عبرها بعد مفاوضات أجريت معها.
وبحسب قوله، فإن قرية روابي العيساوية تزيد على 14874 دونمًا مقسمة إلى 7 مناطق، يعيش الأهالي فقط في 900 دونم، وهي جزء لا يتجزأ من قرية العيساوية.
وقد صادر الاحتلال مساحات واسعة من الروابي واستغلها لصالح المشاريع الاستيطانية.
ويوجد في روابي العيساوية -وفق محيسن- أكثر 25 منزلًا إضافة إلى سلسلة تجمعات بدوية تصل إلى قرابة 30 تجمعًا، وقد بدأ السكن فيها في السبعينيات وآخرون توافدوا إليها بحلول عام 2000.
وعبَّر عن رفضه الشديد لادعاءات الاحتلال أن أراضي الروابي "أملاك دولة" وفق قوانين الاحتلال، ويملك مقدسيون الأوراق التي تثبت ملكيتهم لهذه الأراضي وأحقيتهم بها.
ونهاية يوليو/ تموز الماضي اقتحمت قوات الاحتلال روابي العيسوية وفرضت حصارًا محكمًا وحالت دون وصول الأهالي إليها قبل أن توفر الحراسة الكاملة لآليات وجرافات الاحتلال التي شنت عمليات هدم لمنازل ومنشآت و"كرفانات"، حسبما أفاد غالب درويش الذي يسكن قرب الروابي.
وبين درويش لـ"فلسطين" أن عدد سكان هذه المنطقة يبلغ قرابة 300 مواطن يتعرضون لانتهاكات جسيمة يمارسها جيش الاحتلال بحقهم.
وبيّن أن أراضي روابي العيساوية تمتد حتى تصل إلى منطقة الخان الأحمر التي تتعرض أيضًا لمحاولات تهجير مستمرة.
وأشار إلى أن استهداف الاحتلال لروابي العيساوية يأتي ضمن مخطط تنفيذ مشروع "إي 1" الاستيطاني، والذي يشمل في مراحله الأولى 4000 وحدة سكنية، ويهدف أساسًا إلى فرض حصار مطبق بالوحدات الاستيطانية من الجهة الشمالية الشرقية التي تقع فيها منطقة روابي العيساوية.
وبيّن أن البوابة التي أغلقها الاحتلال لم يكن أمام السكان غيرها للتنقل من البلدة والعودة إليها، وقد أصبح المرور الآن من خلال بوابة المعسكر بقرار جنود الاحتلال.
من جهته عدَّ الناشط المقدسي محمد أبو الحمص إغلاق البوابة الرئيسة لروابي العيساوية والواقعة في الجهة الشرقية منها، محاولة إسرائيلية لفرض الحصار على سكان هذه المنطقة.
وأكد أبو الحمص لـ"فلسطين" أن روابي العيساوية تشكل سلة غذاء تحتوي على العديد من المزروعات ويوجد فيها بركسات لتربية الأغنام والأبقار.
وأشار إلى أن منطقة الروابي كانت ترتبط مباشرة بالأراضي حولها من جميع الاتجاهات حتى أنشأ الاحتلال جدار الفصل العنصري عام 2003، وقد فصلها الجدار عن محيطها وأصبح له بوابة رئيسة يستخدمها المزارعون والمواطنون للتنقل، وهي نفسها التي أغلقها الاحتلال.
ونبَّه إلى أن الاحتلال يركز استهدافه هذه المرة على المزارعين في تلك المنطقة لأنهم -في نظره- سبب إعاقة تنفيذ المزيد من المشاريع الاستيطانية.