حذرت جهات حكومية واقتصادية وحقوقية، من التداعيات الخطيرة لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي المفاجئ بتشديد الحصار على قطاع غزة، وإغلاق المعابر الرئيسة في وجه الصادرات، وتقييد حركة التجارة الخارجية.
وقالت في بيانات منفصلة أمس: إن القرار الإسرائيلي الجائر قد يتسبب بإغلاق مئات المنشآت الاقتصادية، وتسريح آلاف العمال من جراء القرار، ما يفاقم من تدهور الأوضاع الاقتصادية بالقطاع.
وأول من أمس، أوقفت سلطات الاحتلال تصدير وتسويق بضائع غزة في الضفة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، عبر معبر "كرم أبو سالم" التجاري، بزعم العثور على "مواد متفجرة" في شحنة للملابس كانت متجهة للضفة.
وحذرت لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة من التداعيات الكارثية لقرار الاحتلال الجائر والمخالف للقانون الدولي الإنساني بمنع التصدير من قطاع غزة، موضحة أن هذا القرار يشكل أداة جديدة من أدوات تشديد الحصار الإنساني والاقتصادي غير القانوني المفروض منذ عام 2006.
اقرأ أيضًا: نقابات العمال: منع التصدير يهدّد بإغلاق مئات المصانع وتسريح آلاف العمال بغزة
ودعت اللجنة جميع الأطراف الإقليمية والدولية إلى التدخل وإلغاء القرار الذي لا يستند لأي مبررات حقيقية، ولا سيما في ظل ما تقدمه القطاعات المتضررة من مؤشرات وأرقام مخيفة من جراء الحصار وتداعياته، وآخرهم ما أعلنه المزارعون والاتحادات والجمعيات الزراعية في وقفتهم المنددة باستمرار الحصار الأسبوع الماضي.
من جانبها، قالت وزارة الزراعة: إن القرار الإسرائيلي بمنع تصدير المنتجات الصناعية والزراعية يأتي في إطار حالة "التضييق وضمن إجراءات عديدة لإحكام وتشديد الحصار على القطاع".
وعدَّت الوزارة أن القرار يمثل "جريمة عقاب جماعي تشمل المزارعين والتجار والصيادين مباشرة، فضلًا عن المواطنين لتأثيرها السلبي على المؤشرات الاقتصادية بمنع الاحتلال تسويق المنتجات التي تمثل ما يزيد على 85 % من صادرات غزة الزراعية".
وحذر من أن "إيقاف حركة التصدير والتسويق تلحق الضرر بقطاع واسع من العاملين في قطاع الصيد والزراعة، يصل إلى حوالي 60 ألف أسرة، إذ تقدر الخسائر الناتجة عن توقف الصادرات الزراعية بحوالي مليون شيقل يوميًّا".
من ناحيته، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان: إن القرار الإسرائيلي يترافق مع إجراءات تقييد الأنشطة الإنتاجية من خلال حظر دخول السلع والبضائع بزعم أنها "ثنائية الاستخدام" الأمر الذي يضاعف من حجم الخسائر والعجز التجاري، ويسهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ويسهم في إفشال الجهود المبذولة لتنمية القطاعات الاقتصادية وتدمير المشاريع المدرة للدخل.
اقرأ أيضًا: القطاع الخاص بغزة يطالب الاحتلال بالتراجع عن قرار وقف تصدير منتجاته
وأشار المركز، إلى أن قوات الاحتلال تواصل منع تصدير وتسويق المنتجات الصناعية والزراعية والبضائع والسلع بجميع أنواعها من قطاع غزة، وتحرم بذلك الآلاف من العمال والمزارعين وأصحاب المصانع والورش والتجار من تصدير منتجاتهم، وتلحق مزيدًا من الضرر في البنية الاقتصادية المدمرة أصلاً، بفعل الحصار الإسرائيلي والانتهاكات المستمرة.
وطالب المركز المجتمع الدولي بالتدخل الفاعل من أجل إنهاء العقوبات الجماعية المفروضة، ولا سيما الحصار المفروض على قطاع غزة للعام السادس عشر على التوالي.
وفي السياق، قالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) إن هذا الإجراء يشكل انتهاكًا إضافيًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، الذي يلزم الاحتلال بتأمين احتياجات سكان القطاع المحتل، بما في ذلك منع سياسة العقوبات الجماعية.
وحذرت (حشد) من الآثار الكارثية لهذا الإجراء على الوضع الإنساني المتدهور بالفعل في القطاع، ودعت المجتمع الدولي إلى التدخل والضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء حصارها على غزة وفتح معبر كرم أبو سالم من أجل تحقيق حرية الحركة والتصدير والتنقل للبضائع.
كما دعت المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق دولي في جريمة فرض الحصار على قطاع غزة، وطالبت السلطة الفلسطينية بالعمل على تفعيل كافة الأدوات الدبلوماسية والسياسية والحقوقية لإنهاء الانقسام الداخلي والعمل على إعادة بناء المؤسسات الوطنية وتوحيد جهودها لمواجهة سياسات الاحتلال العنصرية.
بدوره، قال مدير دائرة العلاقات المحلية والدولية في المنطقة الصناعية بقطاع غزة، باجس الدلو، إن قرار الإغلاق أدى إلى إعاقة القطاع الصناعي في قطاع غزة عامة، الأمر الذي يؤثر على العاملين في هذه القطاعات التي تستفيد من تصدير البضائع إلى الضفة الغربية والخارج.
وأضاف الدلو في بيان أمس، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم أي دليل على مزاعمه حول وجود مواد متفجرة مخبأة داخل شحنة ملابس كانت في طريقها للضفة الغربية.
اقرأ أيضًا: الاحتلال يمنع تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى العالم
من جانبه، قال نقيب صيادي غزة نزار عياش: إن إغلاق المعبر يعني تدميرًا كاملًا لقطاع الصيد بغزة.
وأضاف عياش في تصريحات صحفية: "قطاع غزة يصدر نحو 80 طنًا من الأسماك شهريًّا، فوقف التصدير يتسبب في خسائر تصل إلى نحو 50 بالمئة للصياد الفلسطيني".
وأوضح أن استمرار العمل بهذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى "توقف كامل لقطاع الصيد، فلن يتمكن الصياد من توفير التكاليف التشغيلية اللازمة لعمل مركبه داخل البحر، في ظل ارتفاع هذه التكاليف".
وأشار إلى أن المردود المالي الذي يعود على الصياد الفلسطيني من تسويقه للأسماك في أسواق القطاع المحلية لا يكفي لتوفير تلك التكاليف، إذ يعتمد بذلك على ما يتم تصديره بأسعار تسويقية مرتفعة مقارنة بأسعار غزة.
ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن 61.6 بالمئة من سكان القطاع يعيشون حالة فقر، بينما بلغت نسبة البطالة مع نهاية 2022 حوالي 47 بالمئة.