أكد مختصون اقتصاديون أن التسهيلات الاقتصادية التي تزعم سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقديمها لقطاع غزة، لم تحقق التأثير المرجو منها، وذلك مقارنة بالمعدلات المرتفعة للفقر والبطالة بالقطاع، إضافة إلى تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي.
وطالبوا المجتمع الدولي بضرورة ممارسة الضغط على سلطات الاحتلال لرفع الحصار كاملًا دون تقنين، والعمل بجدية على تحسين مستوى المعيشة في قطاع غزة عبر زيادة فرص العمل في الداخل المحتل، وتوسيع نطاق السلع المصدرة، وإلغاء القيود على السلع المصنفة كمزدوجة الاستخدام، إلى جانب جهود إعادة إعمار المنشآت السكنية والاقتصادية المتضررة، وتنفيذ مشاريع تنموية مستدامة.
وبين المختص في الشأن الاقتصادي محمد نصار أنه بالرغم من مضي حوالي عامين على إعلان الاحتلال عن توفير تلك التسهيلات الاقتصادية لقطاع غزة، إلا أن الوقائع على الأرض تظهر أن تأثيرها كان محدوداً بشكل كبير.
وأوضح نصار لصحيفة "فلسطين" أن هذا التقييم يعتمد على مقارنة مؤشرات اقتصادية هامة مثل الناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومعدلات البطالة، والأجور الشهرية المتوسطة، ونسبة الفقر بين السكان في الفترة من عام 2021 إلى 2022.
اقرأ أيضًا: اتحاد البلديات يدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته في رفع الحصار عن غزة
وتظهر هذه المقارنة حسب نصار أن تلك التسهيلات لم تحقق الأثر المطلوب في تحسين الظروف المعيشية لسكان قطاع غزة، كما تروِّج حكومة الاحتلال على المستوى الدولي، بل إنها باتت تُنظر إليها على أنها تسهيلات اقتصادية تمنح مقابل الهدوء على الجبهة الغزية، وتحويل قضية الشعب الفلسطيني من قضية سياسية إلى احتياجات اجتماعية خدماتية.
وأضاف نصار أن هذه التسهيلات ما زالت تقع تحت سيطرة الاحتلال ولا تأتي مع أي ضمانات للاستمرارية، إذ يتحكم الاحتلال في تنفيذها وفقاً للظروف الأمنية والعلاقة مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
واستناداً إلى بيانات البنك الدولي، تشير الأرقام إلى استمرار معدلات الفقر في قطاع غزة عند مستويات تفوق 60%، ويظهر مسح الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحالة الأمن الغذائي في الأراضي الفلسطينية أن أكثر من 63% من سكان قطاع غزة يعانون انعدامًا في الأمن الغذائي.
وبالرغم من تسجيل تراجع طفيف في معدل البطالة في قطاع غزة بنسبة 1.7% في العام 2022، إذ بلغ 45.3%، مقارنة بالعام السابق الذي بلغ فيه حوالي 46.9%، إلا أن هذا التحسن يعزى رئيسيًا إلى تأثير محدود للعمالة من غزة في الداخل المحتل، مقارنة بعدد العاطلين عن العمل. إذ يشير عدد المسجلين للحصول على فرص عمل في الداخل المحتل لدى وزارة العمل إلى وجود حوالي 140,000 عامل، في حين يقتصر عدد الذين حصلوا فعليًا 20 ألف عامل.
من جانبه أكد الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران، أن قطاع غزة ما زال يواجه تحديات جسيمة في مجال إعادة إعمار منشآته السكنية والاقتصادية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي على مر السنوات السابقة.
وشدد الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أن الوضع الاقتصادي في غزة يتطلب جهداً مكثفاً من المجتمع الدولي والسلطات المحلية لمواجهة هذه التحديات وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
اقرأ أيضًا: تقرير أممي: الاحتلال سبب في كل مشكلات الاقتصاد الفلسطيني
وأشار الدقران إلى أن الأرقام الصادرة عن وزارة الأشغال العامة في غزة تكشف عن حجم الصعوبات التي يواجهها القطاع، إذ يتوجب توفير أكثر من 712 مليون دولار لإعادة إعمار المنشآت السكنية والاقتصادية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2000، ولا سيما الأبراج العالية التي تمثل عاملًا أساسيًا في توفير السكن للمواطنين.
وشدد الدقران على أهمية دعم قطاع غزة من خلال تنفيذ مشاريع تنموية وإغاثية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وخفض معدلات الفقر والبطالة.
كما دعا إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها السلطة الوطنية على القطاع ومنح قطاع غزة حصته الكاملة في التوظيف الحكومي والتمويل الدولي، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات ستلعب دورًا هامًا في تعزيز استقرار القطاع وتحقيق التنمية المستدامة التي يتطلع إليها أهل غزة.
تجدر الإشارة إلى أن السلطة الفلسطينية تفرض منذ العام 2017 عقوبات اقتصادية على قطاع غزة، ساهمت في رفع معدلات الفقر والبطالة، وتتخذ تلك العقوبات أشكال منها قطع رواتب موظفين وإحالة آخرين إلى التقاعد القسري المبكر وحرمان غزة من التوظيف والمشاريع الدولية.