يترقب الإسرائيليون جلسة الاستماع الحاسمة للمحكمة العليا للنظر في قانون إلغاء حجة المعقولية الذي أُقر قبل أسابيع، في حين قدمت أوساط قانونية إفادات خطية ضده لأنه يشكل ذريعة جاهزة لدى الأوساط الدولية لملاحقة ومحاكمة جنود وضباط الجيش وكبار المسؤولين، وصولا لاعتقالهم في العواصم الأوروبية؛ لأن القانون الجديد من شأنه إضعاف المحكمة العليا، ما يعني أن جنود وضباط الاحتلال باتوا في خطر حقيقي.
بالتزامن مع جلسة المحكمة العليا التي تقترب مع مرور الوقت، فقد كشف النقاب عن نقاش سرّي حول مخاطر الانقلاب على مسألة ملاحقة ومحاكمة جنود الاحتلال، في استعادة لا تخطئها العين لأحداث نشر تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون للتحقيق في جرائم حرب الاحتلال خلال العدوان على غزة 2008، وقتل عشرات المدنيين خلال اغتيال القائد العسكري لحماس صلاح شحادة، وأحداث سفينة مافي مرمرة التركية قبالة شواطئ غزة.
تتوافق المواقف الإسرائيلية، ولا سيما العسكرية والأمنية منها، حول أن ما يجري من تعديلات قضائية ستضرّ بشكل مباشر بقدرة المنظومة القانونية لدى الاحتلال على حماية الجنود والمسؤولين الحكوميين الذين سيحاكمون في الخارج بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وسيتم اتهامهم بأنشطتهم العسكرية في المناطق الفلسطينية، بمن فيهم أفراد الجيش والموساد والشاباك ومجلس الأمن القومي.
اقرأ أيضًا: ثلاث قنابل موقوتة تنتظر الجيش الإسرائيلي
اقرأ أيضًا: الصراع السياسي الذي زلزل أركان الاحتلال
في الوقت ذاته، فإن هذا الانقلاب يشكل خطرا حقيقيا على حماية المستوطنين في الضفة الغربية، وتعزيز فرضية اعتقال وتوجيه الاتهامات الدولية ضد جنود الجيش الذين يتم تصويرهم وهم يرتكبون جرائم حرب، الأمر الذي من شأنه إلحاق الضرر المحتمل بالمساعدة الأمنية من الولايات المتحدة بسبب القانون الأميركي الذي يحظر نقل وبيع الأسلحة لدول فاسدة، أو مشكوك فيها ديمقراطيا، وعليه ستوضع العديد من العقبات أمام التصدّي لشبهات واتهامات خطيرة تنسب للجنود في دول أوروبية مختلفة تحاكمهم لارتكابهم جرائم حرب.
يذكر الجميع كيف أن تقرير غولدستون خلق عاصفة ضد دولة الاحتلال في جميع أنحاء العالم عقب اتهامها بارتكاب جرائم حرب في غزة، وفي الوقت ذاته لم تتم محاكمة أو اعتقال أي من جنودها أو ضباطها الكبار، بسبب المزاعم الدولية في حينه أن لديها نظامًا قضائيًا مستقلًا يحظى بتقدير الجهات الدولية المكلفة بإنفاذ القانون في أوروبا، ولذلك لم يكن هناك مبرر لسلطة قضائية أجنبية للتدخل فيما يحدث معها، واتخاذ إجراءات ضد الجنود، حيث تم التعامل مع كبار مسؤولي الجيش، ومنع ملاحقتهم قضائيًا بتهمة ارتكاب جرائم.
تؤكد هذه المعطيات أن الانقلاب الجاري لدى الاحتلال يضعف إلى حدّ كبير، بل ويدمّر بالكامل، قدرته على حماية جنوده من محاولات محاكمتهم في الخارج، باستخدام الولاية القضائية العالمية، ما يعني تشكيل خطر حقيقي وجدّي عليهم، لأنهم سيدفعون ثمن ارتكابهم لجرائم الحرب ضد الفلسطينيين.