فلسطين أون لاين

الشيخ صالح العاروري قائد وقاهر

في لقاءين منفصلين مع فضائية الأقصى، وفضائية الميادين، انصاعت المفردات السياسية على لسان الشيخ صالح العاروري، وراحت ترسم خريطة فلسطين من النهر إلى البحر، وراحت تستقطب العقول والقلوب في اتجاه مستقبل المنطقة المعبأ بالأمل، والذي سيفضي إلى معطيات سياسية جديدة، لم يعرفها العدو الإسرائيلي من قبل، ولم يسمع عنها في كل حروبه السابقة، ولم يعتد على التعايش معها، إنها لغة صاحب الحق البائن، وهو يحاكي باللغة الوطنية ضمير وعقل كل فلسطيني وعربي.

تحدث الشيخ صالح العاروري في ثلاثة محاور رئيسة:

المحور الأول كان شخصيًّا، وفيه حدد الرجل مستقبله الشخصي، منذ التحق بصفوف المقاومة، وقد تعرض للسجن والتعذيب والإبعاد عن الوطن، وقد تكون أسمى أمانيه النصر على الأعداء، أو شهادة في سبيل الله، فقضايا الأمة الكبرى ليست رهينة أشخاص، بمقدار ارتباطها بالفكرة، التي يؤمن بها عموم الناس، لذلك فمشروع صالح العاروري ليس شخصيًّا، وسيمشي على درب صالح رجال صالحون أشداء، سيواصلون المشوار، ويكنسون المشروع الصهيوني عن تراب فلسطين، وهذا الطريق، طريق المشقة، لم يفرضه أحد على الشيخ صالح، لقد اختاره بنفس راضية، لأنه جزء من عقيدته الإسلامية، ولن يتراجع عن عقيدته، ولن يرتد، ولن يتردد، أمام تهديدات قادة العدو الإسرائيلي، فما كتبه الله صائر، وهو راضٍ بقضاء الله وقدره.

وبهذا الإيمان، وبهذه القناعة الراسخة، يكون الشيخ صالح العاروري وأمثاله قد نزعوا الدسم من تهديدات العدو بتصفية قادة المقاومة في الداخل أو الخارج.

اقرأ أيضًا: هنية والعاروري وموجة التحريض الصهيونية

اقرأ أيضًا: الاغتيالات سلاح ذو حدين

المحور الثاني كان وطنيًّا، وفيه تحدث بلغة القائد الواثق، والذي يضع يده على تفاصيل الحالة الفلسطينية الثائرة في الضفة الغربية، وبكل تشابكاتها، فالشعب الفلسطيني عاشق للمقاومة، وفلسطين كلها عاشقة لمن يحمل سلاحه، ويقاوم، وكل التنظيمات الفلسطينية على مختلف مشاربها، تتبع النهج نفسه، الذي تسير عليه حركات المقاومة، والانتماء لفلسطين أقوى من كل الانتماءات التنظيمية، ولا خيار أمام الفلسطينيين إلا مقاومة الاستيطان الصهيوني، وقد حذر العاروري من التباطؤ في معركة التحرير، وقال: إن لم نواجه الاستيطان اليوم، وبكل ما أوتينا من وحدة وقوة، سنضطر إلى مقاومته بعد سنوات، بتكلفة أكبر، وقد أكد العاروري أن خيار المقاومة مفروض علينا نحن الفلسطينيين فرضاً، لأن عدونا يعمل بكل طاقته وتآمره على تمرير مشروعه الاستيطاني، ولديه مشروع التهجير للإنسان الفلسطيني أينما تواجد، والهدف النهائي للصهيونية الدينية، لا يقف عن حدود تصفية القضية الفلسطينية، بل يتعداها للسيطرة على كل المنطقة العربية.

لقد حرض العاروري على مقاومة المحتلين، حين استشهد بأبطال شمال الضفة الغربية، الذين استنزفوا قدرات 30 كتيبة عسكرية إسرائيلية وحدهم، فكيف لو تحرك جنوب الضفة وشرقها وقلبها؟ وقد اكتملت أسباب الثورة والغضب، وباتت الظروف المحلية والإقليمية والدولية عاملاً مساعداً لتقويض المشروع الصهيوني.

المحور الثالث الذي تحدث حوله العاروري يتعلق بوحدة الساحات الفلسطينية والإقليمية، فالضفة الغربية لا تقاتل الصهيونية الدينية والإمبريالية الأمريكية وحدها، والسلاح الذي يصل إلى أبطال الضفة الغربية من الداخل والخارج له ثمن باهض، وله تكلفة مادية ولوجستية، ومن خلفه مخطط كبير، تدعمه المقاومة الفلسطينية جهراً، وليس سرًّا، ويهدف إلى تقويض الكيان الصهيوني، وإذا فكر العدو في نقل المعركة من ساحة الضفة الغربية التي تبعثرت فيها قواته، فإنه سيجد كل الساحات قد تعانقت، وسيجد كل البنادق تتجه إلى صدر المحتلين، وسيجد الجبهات كلها، وقد أطبقت عليه، لتلحق بالعدو هزيمة لم يعرفها من قبل، هزيمة تتغير معها معالم المنطقة، وأزعم أن هذه اللغة العسكرية قد سبق إليها يحيى السنوار، وهو المستهدف بالاغتيال مثله مثل صالح العاروري، لقد تشابكت تهديدات السنوار السابقة مع تهديدات العاروري الحالية، لتقدم مشهداً مطمئناً للفلسطينيين والعرب كافة، وتقدم في الوقت نفسه مشهداً مرعباً للاحتلال بنتائجه الكارثية على المشروع الصهيوني.

فهل تتجرأ قيادة الاحتلال، وتُقدم على العدوان، لتقف أمام المجهول؟

هل تبتلع قيادة الاحتلال لسانها؟ وتفتش عن مخارج سياسية على أرض الضفة الغربية، بعيداً عن الاغتيالات، وبعيداً عن نقل المعركة إلى عدة ساحات؟

الحقيقة البائنة أن (إسرائيل) لم تتعود على السكوت والانتظار، وقد أطبقت عليها التهديدات من كل جانب.

ولكن الحقيقة الأكثر بياناً؛ أن جيش الاحتلال لم يألف مقاتلة رجال أشداء على هذه القدر من الإيمان بحقهم، والقناعة بصواب موقفهم، مع استعدادهم للتضحية دون وجل.