هل تعود (إسرائيل) إلى سياسة الاغتيالات في تعاملها مع قادة وكوادر الفصائل المصنفين في قوائمها بالخطرين؟ هذا السؤال يستدعي سؤالًا آخرًا يقول: هل توقفت (إسرائيل) عن سياسة الاغتيال؟
ما استدعى السؤالين هو تزايد التصريحات الإسرائيلية الداعية للحكومة إلى اغتيال القائد في حماس صالح العاروري، إذ وصفته التصريحات والدعوات المحرضة بأنه الأخطر في قائمة الخطرين.
الحكومة ترى في العاروري خطرًا باعتباره مسؤولًا عن أعمال المقاومة التي تجري من الضفة وفيها، وأنه مسؤول عن الصواريخ التي انطلقت من صور تجاه شمال فلسطين المحتلة. حكومة (إسرائيل) تستند إلى معلومات استخبارية، ولا تملك أدلة دامغة، ولا اعترافات ذات مغزى على اتهاماتها للعاروري.
إننا من مقاربتنا للاغتيالات الإسرائيلية لقادة فلسطينيين نجد أن اغتيالاتهم قتلت عسكريين كصلاح شحادة وأحمد الجعبري رحمهما الله، وقتلت في الوقت نفسه سياسيين مثل الشيخ أحمد ياسين، والمهندس إسماعيل أبو شنب رحمهما الله، وعليه فلا داعي لتصنيف العاروري بالرجل العسكري لتقرر حكومة نتنياهو اغتياله.
(إسرائيل) تغتال العسكري النشط، وتغتال السياسي المؤثر، والاغتيالات كآلية عمل تفوق فيها الإسرائيليون على غيرهم لم تتوقف البتة، ولم تشطب من وسائل عمل قوات الاحتلال، ومن ثمة فلا داعي للحديث عن عودة للاغتيالات.
الاغتيالات تراجعت وتيرتها لأنها لم تثبت جدواها في التعامل مع الفلسطينيين، فكثيرًا ما جاءت الاغتيالات بقادة جدد أشد كراهية (لإسرائيل)، وأكثر دعمًا للعمل العسكري. ثم إن مجموع عمليات الاغتيال لم تحقق أهداف (إسرائيل) في ردع المقاومة، أو وقف أعمالها.
الاغتيالات سلاح ذو حدين، فبه يحدث شطب لقائد أو كادر، ولكنه يستولد قائدًا جديدًا، وزيادة على ذلك يستجلب ردًّا فلسطينيًّا قويًّا كما حدث حين اغتالوا أحمد الجعبري رحمه الله، ويستجلب نقدًا عالميًّا حيث تعترض دول عديدة على مبدأ الاغتيالات، لأنه إعدام متعمد خارج المحكمة.
العاروري ردّ على التهديدات بقوله: نأخذها على محمل الجد، ونحذر ونحتاط، ولكنها لا تخيفنا ولا تمنعنا من العمل لقضيتنا. وهو فهم صحيح، وتصححه التجارب السابقة، وهذا هو ما يجعل قضية الاغتيالات قضية نقاش وجدل في مجتمع العدو، وبين قادة الجيش والحكومة. نحن فلسطينيًّا نراها أداة خبيثة، ولكنها فاشلة، ونراها مسكونة بدلالات ضعف في الدولة والحكومة. وكان بمقدور المقاومة القيام باغتيالات في الساحات الخارجية، ولكنها لم تقرر ذلك ولم تمارسه، وأخشى أن تذهب (إسرائيل) إلى تفجير الساحات الخارجية؛ تنفيذًا لخطط موضوعة.