فلسطين أون لاين

تقرير الطفل "ياسر" يبصر النور ووالده في عتمة زنازين أجهزة السلطة

...
أحد سجون السلطة في الضفة الغربية- أرشيف
رام الله-غزة/ جمال غيث:

عند الساعة الثانية والنصف بعد ظهر الأربعاء الماضي، أطلقت ولاء النجار صرخة الولادة، لتعلن ولادة "ياسر"، في حين والده "موسى" لا يزال معتقلًا لليوم التاسع على التوالي في زنازين سجن "بيتونيا" غرب مدينة رام الله.

حاولت العائلة جاهدة إبلاغ والد ياسر بميلاد زوجته، وإنجاب طفله الثاني الذي كان ينتظره على أحر من الجمر بسبب الأوضاع الصحية الصعبة التي عانتها زوجته طوال فترة الحمل، وقد نصحها الأطباء بضرورة الولادة قبل الموعد المحدد لحمايتها وطفلها من الخطر.

عندما انطلق أفراد العائلة لحضور جلسة محاكمة "موسى"، الأربعاء، بدأت آلام المخاض تتسلل إلى جسد الزوجة، وسرعان ما انتقلت إلى مستشفى رام الله الحكومي، إذ أُعلنت ولادة الطفل الجديد بعيدًا عن والده الذي غيبه جهاز الأمن الوقائي قسرًا.

اعتقل عناصر من "الوقائي" الوالد "موسى" ونقلوه إلى السجن، دون توضيح أسباب الاعتقال. وقد أفادت والدته أن محكمة السلطة في "البالوع" قررت توقيفه ابتداءً من الأربعاء، مدة 15 يومًا من أجل استكمال التحقيقات.

ولادة مبكرة

وقالت الوالدة النجار لصحيفة "فلسطين"، إن مشاعر مختلطة من الفرح والحزن عاشتها العائلة في مستشفى رام الله الحكومي، عندما أنجبت زوجة ابنها طفلها الثاني، فهم فرحون بالمولود الجديد والخروج من دائرة الخطر التي كانت تواجههما، في حين ينتاب العائلة شعور بالحزن بسبب اعتقال والده.

اقرأ أيضاً: مجموعة حقوقية ترصد حالات تعذيب وانتهاك لحقوق الإنسان في سجون السلطة

وتعبر هذه السيدة عن استيائها من "ظلم السلطة والاعتقال الظالم" الذي يتعرض له نجلها، وعن عدم منحه الفرصة لحضور ولادة زوجته، خصوصًا أنها كانت تعاني مخاطر الحمل.

وتذكر أن الزوجين تلقيا توجيهات من الأطباء بإجراء ولادة مبكرة قبل استكمال فترة الحمل، بهدف الحفاظ على سلامة الزوجة وصحتها، وتجنب أي مخاطر محتملة لها أو للجنين.

وأعربت النجار عن استغرابها من اعتقال أجهزة الأمن الوقائي ابنها، فهو محرر اعتُقل عدة مرات سابقًا لدى سلطات الاحتلال. في الوقت نفسه، كان يقوم هو وزوجته بالتحضيرات والتجهيزات الضرورية لاستقبال مولودهما الجديد.

وشددت على أن أسرتها لم تكن تتصوّر أبدًا أن يتعرض ابنها "موسى" للاعتقال، وخاصة في هذه الفترة قبل الولادة وبعدها. وقالت بتعجب: "لم نكن نتخيل أبدًا أن يصل الأمر إلى هذا المستوى، حينما تضع زوجته ابنهما الجديد يُغيَّب والده في السجون".

وبخصوص اعتقال ابنها صرّحت الأم أن جهاز الأمن الوقائي أصدر مذكرة اعتقال يوم السبت الماضي بحق نجلها، وقد أرسلت العائلة وسطاء للتفاوض من أجل تأجيل اعتقاله إلى ما بعد ولادة زوجته، وذلك بناءً على حالتها الصحية الصعبة، إلا أن الجهاز الأمني نفذ الاعتقال على الرغم من ذلك.

وأشارت إلى أنها تعجز عن فهم الأسباب التي أدت إلى اعتقال ابنها، إذ لا يعلم تهمته المحددة، واستغربت من تمديد فترة اعتقاله مدة 15 يومًا في ظل قلة المعلومات بشأن القضية التي يُحتجَز بسببها.

وأبدت ثقتها ببراءة ابنها، مؤكدة أنه لم يرتكب أي مخالفة تذكر.

وفي الوقت ذاته، تخشى والدة المعتقل السياسي من تعرضه للتعذيب داخل سجن السلطة، وذلك نتيجة للمعلومات التي تصل إليها من المفرج عنهم ومن المؤسسات الحقوقية التي تراقب وضع المعتقلين السياسيين.

وناشدت النجار جميع المؤسسات والهيئات الحقوقية والإنسانية التدخل فورًا للإفراج عن ابنها من سجن الأمن الوقائي، وأيضًا للإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.

ووثقت مجموعة "محامون من أجل العدالة" (حقوقية) ما يزيد على 300 حالة اعتقال سياسي في الضفة الغربية منذ بداية عام 2023م، في حين يبلغ عدد المعتقلين حالياً أكثر من 40، مشيرة إلى أن الرقم "غير مستقر؛ لأن عمليات الاعتقال والإفراج عن المعتقلين متواصلة".

في حين أكدت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية (أهلية)، أن أجهزة أمن السلطة تواصل حملة اعتقالات بحق المحررين من سجون الاحتلال، وذلك على خلفية سياسية.