يوافق اليوم الإثنين، الذكرى الـ 20 على اغتيال القائد عضو المكتب السياسي في حركة "حماس"، المهندس إسماعيل أبو شنب.
القيادي أبو شنب من القلائل الذين استطاعوا الجمع بين العمل السياسي والنقابي والأكاديمي، وتفوّق في هذه المجالات مجتمعة.
كان اجتماعياً محبوباً بين الفلسطينيين الذين بكوه بحُرقة بعد إعلان استشهاده، كونه يمتلك شخصية قوية متوازنة مزج من خلالها بين الناحيتين الانسانية والسياسية، حتى أطلقت عليه حركة حماس لقب "صمام الأمان".
واستشهد أبو شنب مع اثنين من مرافقيه في 21 أغسطس من عام 2003، بعدما قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي سيارته بخمسة صواريخ.
النشأة
ولد "أبو حسن" في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة عام 1950 وذلك بعد عامين من هجرة عائلته من قرية "الجيّة"، حيث استقرت أسرته في نفس المخيم.
اقرأ أيضا: إسماعيل أبو شنب "الرجل الجامع"
اقرأ أيضا: من هو "رجل الجهاد والسياسة" الذي مضى 18 عاما على اغتياله؟
وكما أبناء فلسطين الذين هُجّروا من ديارهم في نكبة عام 1948، فالمخيم هو عالمهم، والفقر هو القاسم المشترك الذي يجمعهم.
كان والده "حسن" أمياً ولكنه كان يستطيع قراءة القرآن الكريم حريص على تعليم أبنائه وخاصة القرآن الكريم.
قضى معظم دراسته الابتدائية في مدرسة وكالة الغوث في النصيرات، ما بين عامي 1956 و 1961 حيث تأثّر كثيراً حينها بتوجّهات ورعاية الأستاذ حماد الحسنات أحد الدعاة في النصيرات "وهو من قادة حركة حماس".
تخرّج أبو شنب من كلية الهندسة بجامعة المنصورة عام 1975 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف وكان الأول على دفعته، ومن ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل على درجة الماجستير في هندسة الإنشاءات من جامعة كالورادو عام 1982.
عمل في بلدية غزة، ثم عمل مدرسًا في جامعة النجاح بنابلس عام 1983م، وشغل منصب رئيس قسم الهندسة بين عامي 1984م-1985م، كما عمل مهندسًا في وكالة الغوث إلى أن اعتقله الاحتلال في مايو 1989م، وبعد خروجه من السجن عام 1997م عمل محاضرًا في الجامعة الإسلامية بغزة حتى استشهاده.
تزوّج أبو شنب في عام 1977، وفي تفاصيل شؤونه الحياتية، كان أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية الإسلامية، وأشرف على القسم الرياضي فيها خلال فترة مُعينة، وأحد المؤسسين لجمعية المهندسين أو ما تُعرف حالياً بـ"النقابة"، وجرى انتخابه كأحد أعضاء مجلس إدارتها في الدورة الأولى، وانتخابه رئيس للمجلس في الدورة الثانية عام 1980.
بداية العمل الدعوي
في بداية عمله الدعوي تعرف المهندس على الشيخ المؤسس أحمد ياسين، وكان يداوم على حضور خطبه ومحاضراته الدينية والوطنية، حتى نمت بينه وبين الشيخ علاقة تنظيمية، وعمل بشكل مشترك مع الشيخ على إيقاد شعلة انتفاضة الحجارة عام 1987م، وإطلاق جذوة العمل العسكري ضد الاحتلال ليترأس اللجنة السياسية لحركة "حماس" والتي كانت المسؤولة عن إصدار بيانات الحركة ومنشوراتها.
وفي الحادي والثلاثين من مايو عام 1989م، اعتقل الاحتلال القائد أبو شنب بتهمة اتصاله بالخلية العسكرية التابعة لكتائب القسام التي خطفت الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون وقتلته في مايو 1989م، وحُكم عليه بالسجن الفعلي لثماني سنوات، أمضى منها سنتين في العزل الانفرادي، والباقي في سجن عسقلان حتى خرج من السجن عام 1997م.
كان أبو شنب ذا حنكة سياسية عالية، وتمتع بعلاقة حسنة وواسعة مع فصائل العمل الوطني والإسلامي في سبيل التوفيق بين المواقف والإجماع على مقاومة الاحتلال، فترسخ دوره البارز في تقوية أواصر الصف الفلسطيني الداخلي.
وكان إيمانه بأحقية القضية الفلسطينية أمام الكيان الباطل، وأن القدس هي قلب الصراع، وأن العمل المسلح هو رأس مال المقاومة، وهو الخيار الأوحد لانتزاع الحقوق وردع الاحتلال.
قبل استشهاده بساعات شارك المهندس في اجتماع مطول لقيادة الحركة لمناقشة التطورات الفلسطينية وأوضاع الحركة بحضور الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
وشكل "أبو الحسن" نموذجاً يحتذى به في الأدب والأخلاق العالية وحُسن التعامل مع عائلته، فكان يسير وفق حديث رسول الله "صلى عليه وسلم" (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).