جاءت لافتة التحذيرات التي أطلقها خالد مشعل رئيس حركة حماس في الخارج، بحديثه أن "ما يجري في الضفة الغربية المحتلة ليس مجرد استيطان، بل يأتي ضمن مخطط تهجير أهلها للأردن" داعيًا إلى مواجهة خطة الاحتلال لتهجير الفلسطينيين.
الأمر المُلفت أن تحذير مشعل جاء خلال كلمة ألقاها في مهرجان الأقصى الـ22 المقام بمدينة الكرك الأردنية، مؤكدًا أن "الصهاينة يرون أن وطن الفلسطينيين في الأردن، كما قال الوزير المتطرف سموتريتش في باريس قبل شهور، وأن الاحتلال يستهدف أمتنا جميعها، وفي القلب منها فلسطين والأردن".
لا يختلف اثنان على أن حديث مشعل موجه بالدرجة الأولى لصناع القرار في المملكة، فهو يتحدث لجمهور أردني، وقد تلقفت وسائل الإعلام الرسمية حديثه بصورة ملحوظة، لأنها تعلم أكثر من سواها أن القصر تحديدًا، لا يخفي قلقه من توجه الاحتلال تجاه المملكة في ظل الحكومة اليمينية الفاشية الحالية.
اقرأ أيضًا: البيت الأبيض يزعم أنه ضد الاستيطان
اقرأ أيضًا: إنهم يستدعون الحرب
يتزامن مثل هذا التحذير الذي أطلقه مشعل مع تصاعد التقديرات بإضافة جبهة الأردن للساحات الساخنة المحيطة بالاحتلال، في ضوء تصريحات وزرائه الذين لا يترددون بإعلان استهدافهم للمملكة، وعدم استدراك نتنياهو على مواقفهم العدوانية ضدها.
مع أن تشديد التحالف بين نتنياهو ووزرائه الفاشيين الذين يعلنون في كل مناسبة عداءهم للأردن، يفتح أمام الاحتلال جبهة أمنية "شرقية" جديدة، لأن ما يحدث فيه يقلقه بما لا يقل عن قلقه من غزة ولبنان، مع أن الانطباع السائد في الأردن أنه عندما يكون سموتريتش وبن غفير قائدين بحكومة نتنياهو، فإن سياستها الحقيقية هي خلق نكبة جديدة، بموجبها سيتم طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية.
في مثل هذه الحالة يتخوف الاحتلال من إقدام دوائر النخبة الأردنية على طرح التساؤل المحرج: لماذا يجب أن نكون حراساً لحدوده، طالما أنه لا يحترم الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وقيام وزرائه بالترويج لنكبة فلسطينية جديدة، تستدعي إمكانية أن ينسحب الجيش الأردني من انتشاره على طول الحدود؟ رغم أنه يبدو مستبعدًا، لكن حجم التحريض الإسرائيلي على المملكة وزعمه وجود محاولات تهريب أسلحة عبر حدودها باتجاه الضفة الغربية يكشف حجم قلقه.
الخلاصة الإسرائيلية أنه في حين يخصص جيش الاحتلال كامل أوقاته لمواجهة توحيد جبهات المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج، فإن حكومة اليمين تفتح أمامه جبهة جديدة من الشرق عبر الأردن، ما يعني توسيعاً لحجم المخاطر الأمنية والعسكرية، وزيادة أعباء التعامل معها، وتقديرًا بإمكانية حدوث تصدع في اتفاق السلام معه، ما يعني تحول مئات الكيلومترات من الحدود المشتركة إلى خطر أمني جديد لم يكن مدرجًا على قائمة المخاطر التقليدية.