لم تتأخر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في إيصال رسائلها لسلطات الاحتلال بعد زيادة اعتداءاتها على الأسرى في سجونها، فكانت المناورة الصاروخية بإطلاق نحو 50 صاروخًا يصل مدى بعضها إلى 250 كم تجاه البحر الخميس الماضي.
وتحمل المناورة الصاروخية لكتائب القسام، رسائل سياسية وعسكرية واضحة لقيادة دولة الاحتلال، أن الأسرى خطّ أحمر لدى الكتائب، وأحد الثوابت الوطنية التي لا يمكن لها أن تتهاون بها أو تسمح للاحتلال للتغول عليهم، وفق كُتاب ومحللين سياسيين.
وتريد "القسام" – وفق الكُتاب والمحللين- بإطلاق هذه الصواريخ تجاه البحر تأكيد أن قضية الأسرى تعد على أجندة قيادة الكتائب وأحد أبرز الملفات لديها، وأنها على استعداد الذهاب بمعركة من أجل هذا الملف.
اقرأ أيضاً: بالفيديو "القسام" تعلن استيلاءها على طائرة استطلاع إسرائيلية شرق غزة
وأظهرت المناورة الصاروخية جاهزية كتائب القسام للتعامل مع أي حماقة إسرائيلية ضد الأسرى. ونجحت "القسام" بمناورتها الصاروخية في إلزام الاحتلال بوقف اعتداءاته على الأسرى، وإجباره للالتزام معهم بالاتفاق على إعادة من نقلوا إلى أقسامهم، وفق تأكيد المتحدثين مع صحيفة "فلسطين".
رسائل ساخنة
ويرى الكاتب والباحث السياسي، إبراهيم أبو سبت، أن المناورة الصاروخية لكتائب القسام باتجاه البحر، تحمل رسائل سياسية وعسكرية، تتعلق أنها لا تترك الأسرى وحدهم.
ويقول أبو سبت في حديثه لـ"فلسطين": "إطلاق تلك الصواريخ يحمل رسائل ساخنة للاحتلال أبرزها أن ملف الأسرى على أولوية طاولة المقاومة، ومحاولات الاحتلال العبث به سيكون صاعق تفجير للذهاب لجولة قتال جديدة".
ويوضح أن المناورة جاءت في ظل الاعتداء الوحشي لسلطات الاحتلال على الأسرى في سجن النقب، وتأكيد من " كتائب القسام" أنها ستكون الحامية للأسرى داخل سجون الاحتلال.
ويشير إلى أن التجربة الصاروخية تؤكد أن مخزون القوة الصاروخية للقسام لا ينضب بل هو في حالة تطوير من حيث العدد والقدرة، وأن المقاومة تعمل على تطوير قدراتها ذاتيًا، والتغلب على الحصار.
ويلفت إلى أن المناورة عكست تحسن قدرة القسام الصاروخية من حيث العدد أو القوة التدميرية لتلك الصواريخ، وهو ما لمسه الاحتلال بجولات القتال السابقة التي أبدعت فيها المقاومة وأظهرت قوة صاروخية كبيرة من حيث العدد والنوع.
رسائل تحذيرية
بدوره، يرى المحرر والكاتب والمحلل السياسي، عبد الرحمن صالحة، أن مناورة كتائب القسام الصاروخية تحمل رسائل تحذيرية لقيادة الاحتلال ومؤسسته الأمنية، تتعلق بعدم المساس بالأسرى.
ويقول صالحة في حديثه لـ"فلسطين": "المقاومة أظهرت للاحتلال أن لديها قدرة كبيرة على إطلاق عدد كبير من الصواريخ بدفعة واحدة والقوة نفسها، وأوصلت رسالة أن هذا المشهد يمكن أن يحصل دفاعًا عن الأسرى".
ويوضح صالحة أنه بعد إطلاق القسام للصواريخ ذهبت سلطات الاحتلال إلى إبرام اتفاق مع الأسرى ووقف تغول اليمين المتطرف عليهم.
ويشير إلى أن المناورة الصاروخية أثبتت أن قضية الأسرى من الملفات الأكثر أهمية للفلسطينيين وتحديدًا للمقاومة، وأنها أحد الثوابت الوطنية لها.
ويلفت إلى أن المناورة تأتي أيضًا ضمن تجارب المقاومة واستعدادها لقياس نجاعة صواريخها.
استعداد المقاومة
بدوره، أكد الباحث والمحلل السياسي، راشد البابلي، أن مناورة القسام الصاروخية جاءت تزامنًا مع استمرار سياسة الاحتلال العنصرية ضد الأسرى في ظل خوضِهم إضرابًا مفتوحًا عن الطعام بهدف وقف الاعتداءات المتكررة عليهم من إدارة سجون الاحتلال، وفي ظل الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى وسط صمت عربي ودولي.
وقال البابلي لـ"فلسطين": "المقاومة كان لها موقف حاسم لوقف الاعتداءات المتكررة على الأسرى، وبتنفيذ القسام عدة تجارب صاروخية وصفت بالنوعية وبعيدة المدى، والقادرة على إصابة أهداف غير مألوفة وذات بعد إستراتيجي".
وأوضح أن هذه التجارب تأتي في سياق الجهد المستمر لكتائب القسام والمقاومة بهدف تطوير منظومتها الصاروخية، وحرصها الدائم على امتلاك كل سبل القوة المتاحة والعمل على تطويرها كمًا ونوعًا، لأن المحتل لا يؤمن مكره".
وأشار البابلي إلى أن التجربة الصاروخية أظهرت استعداد المقاومة لكل الاحتمالات المفروضة والمتوقعة على الصعيد العسكري، والأمني، وحتى الاستخباري الذي يشهد ما يوصف بـ"صراع الأدمغة".
ولفت إلى أن التجربة تعد رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي، بأن أي مساس بأراضٍ الضفة الغربية والمسجد الأقصى والأسرى سيُقابله تحويل وجهة الصواريخ من البحر المتوسط إلى داخل البلدات والمدن الفلسطينية المحتلة.