ما يقارب خمسين صاروخاً أطلقتها كتائب الشهيد عز الدين القسام في عرض بحر غزة يوم الخميس الماضي، وهي المرة الأولى التي يطلق القسام هذه الكمية الصاروخية خلال تجاربه لعرض البحر، إذ تميزت عملية الإطلاق بالكمية والنوعية، وهو ما يدفعنا لتحليل المشهد في إطار الرسائل السياسية والعسكرية، وإن صح القول فإنها رسائل سياسية بنكهة عسكرية، ما يدفعنا للإجابة عن التساؤل الآتي: ما الرسائل السياسية والعسكرية من وراء هذا الكم من الصواريخ وهذه النوعية التي تختلف من حيث المدى والقدرة التفجيرية؟
أحداث عديدة تمر بها المنطقة، وخطابات وتهديدات ومؤشرات تزداد يوماً بعد يوم بقرب عمل عسكري على الجبهة الشمالية أو الجنوبية، وصفقات سياسية يتم إنضاجها من طرف الولايات المتحدة لدفع مشروع التطبيع بين السعودية و(إسرائيل)، واعتداءات على الإنسان الفلسطيني، ولكن الرسالة الأبرز مرتبطة باعتداء (إسرائيل) على الأسرى في سجن النقب، وتهديد الأسرى بالدخول في إضراب مفتوح على الطعام، إلا أن قيادة الحركة الأسيرة تراجعت عن الخطوة بعد أن توافقوا مع مصلحة السجون على احترام آدمية الأسرى، ووقف سياسة القمع والتنكيل بالأسرى.
اقرأ أيضًا: دلالات التجربة الصاروخية في الضفة الغربية
اقرأ أيضًا: من غزة إلى جنين.. صواريخ المقاومة تعادل الكفة
ثمة رسائل سياسية وعسكرية من وراء إطلاق المقاومة لهذا الكم الكبير من القذائف محلية الصنع في عرض بحر غزة، وجاءت على النحو الآتي:
الرسالة الأولى: ذات طابع عسكري مفادها أن الاعتداء على الأسرى في سجن النقب، وقرارهم بالإضراب عن الطعام، تريد المقاومة أن تقول للاحتلال أن أي تطور في هذا الملف سيكون الرد عسكريًّا.
الرسالة الثانية: متزامنة مع التحليق المكثف لطائرات العدو ذات الطابع الهجومي والاستخباراتي، وكأن المقاومة بهذه التجربة تريد أن تؤكد جهوزيتها لأي حماقة صهيونية ترتكبها (إسرائيل) ضد قطاع غزة.
الرسالة الثالثة: وهي مرتبطة بإيصال رسالة حصار غزة والأزمات المتفاقمة في القطاع، وكأن المقاومة تريد أن توصل رسالة إلى كل من يهمه الأمر بأن استمرار الحصار على غزة قد ينذر بانفجار الأمور، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن الحصار أخطر من العدوان المباشر، ولن تقبل المقاومة باستمراره.
الخلاصة: تزامن إطلاق المقاومة لهذا الكم من القذائف محلية الصنع بعد تهديدات حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله (لإسرائيل)، وحديثه عن الخارطة لأهم المواقع الإستراتيجية في (إسرائيل)، وتحديه للقبة الحديدية، ومقلاع داود، والباتريوت، وجميعها أنظمة دفاعية حديثة، لتأتي المقاومة وتقول للاحتلال إن الرشقة الواحدة بهذا الكم كفيلة بأن تتجاوز جميع الأنظمة الدفاعية للجيش الصهيوني.