فلسطين أون لاين

​ضهور شوير" اللبنانية تحتضن ثاني أقدم الفنادق

...
بيروت - الأناضول

في بلدة "ضهور شوير"، بمحافظة جبل لبنان (غرب)، تتقاطع نقاط الجذب الطبيعية مع نظيراتها الاقتصادية والثقافية، لتجعل من المكان فسيفساء بديعة تستقطب الاهتمام.

فهذه البلدة لا تتميّز بأنها منتجع سياحي يقصده اللبنانيون بكثافة وحسب، وإنما تشتهر بريادتها في جميع المجالات؛ سواء السياحية أو الاقتصادية أو الثقافية، حيث يوجد بها أقدم وأكبر فندق بعد نظيره الذي يقبع في بلدة "صوفر" بقضاء "عاليه" شرقي لبنان.

وعلى ارتفاع 1200 متر عن سطح البحر، تقع "ضهور شوير"، التي كان اسمها سابقًا "مرحاتا" نسبة إلى أمير مرحاتا الروماني، ولا يرجع تاريخها لأكثر من 400 سنة، ولم تُعرف بلدة "الشوير" قبل سنة 1517 م، حين افتتح السلطان سليم العثماني مصر وسوريا.

قبل استعمارها، كانت حرجًا (أحراش) شاسعًا يضم غابات الصنوبر، وبمرور الوقت أصبحت تحيط بهذه الأشجار بيوت من حجر الصوان، واليوم أصبحت هذه المنازل مكسوًة بالقرميد، لتتأهل كي تصبح قرية نموذجية، بحسب رئيس بلديتها إلياس صوايا.

"ضهور شوير" كانت في السابق عبارة عن منطقتين "ضهور" (أي ظهر) و"الشوير" (أي الوادي)، ولم تكن مأهولة بالسكان، وكانت تضم سوقاً كبيرةً مخصصًة، لتجهيز العرائس اللواتي يأتين من القرى المجاورة كافة للتبضع منه.

وكانت العائلات في "الشوير"، التي ترضى عن أولادها، تورّثهم منازلاً وعقارات فيها، أما من كان ابنه عاصيًا فكان الوالد يورثه العقارات في "الضهور" عقابًا له، حسب صوايا.

امتاز معظم أهالي البلدة على صعيد لبنان بأنهم من أوائل المهاجرين إلى الخارج، وعملوا في التجارة بشكل خاص، لكنهم بقوا على تواصل مع ذويهم وأقاربهم في البلدة، لذا ما يميزها عن سائر البلدات هو أن غالبية أهلها ميسوري الحال، ولا توجد عائلات فقيرة فيها.

فندق "القاصوف"

يعتبر "القاصوف" من أقدم فنادق لبنان، ويأتي في المرتبة الثانية بعد فندق "صوفر" من حيث الأهمية والتاريخ الزمني لبنائه، حيث شُيّد عام 1923 لكن إبان الحرب اللبنانية عام 1975 تحوّل إلى مرتع للجيوش والمسلحين (منهم الجيش السوري) الذي احتل لبنان.

وها هو الفندق يستعد للعودة إلى الحياة مجددًا بدعم مالي من وزير التربية الوطنية والتعليم السابق إلياس بو صعب، ومن رئيس البلدية بكلفة عالية جداً تتجاوز 30 مليون دولار.

وكان في حقبة الخمسينات حتى منتصف السبعينات من القرن الماضي، مقراً لكبار الفنانين العرب، ومنهم: كوكب الشرق أم كلثوم التي كانت تحيي حفلات داخله، كما كان مقرًا سنويًا لها خلال موسم الصيف.

وكان ساحة لتصوير الأفلام والمسلسلات، حيث كانت طبيعة "ضهور شوير" وما تزال بمثابة استديو خارجي وداخلي (بفضل بيوتها التراثية والفاخرة)، لتصوير أبرز الأعمال العربية والأغاني المصوّرة.

ومن أبرز الأفلام العربية التي تم تصوير عدد من مشاهدها في "ضهور شوير"، فيلم "سفر برلك" للفنانة "فيروز"، ويروي حقبة العهد العثماني في لبنان، إلى جانب عدد من المسلسلات الحديثة المشتركة.

و"القاصوف" مشيّد من الحجر الصخري المكعّب على مساحة تبلغ نحو 11 ألف متر مربع، ويتألف من 70 غرفة وقاعة جلوس تتسع لعدد يتراوح من 300 إلى 350 فرد.

ويعود الفندق إلى آل "القاصوف"، الذين بنوه عام 1923، قبل بيعه إلى لبناني من آل الخوري، قبل أن يبتاعه أردني الجنسية، إلى أن انتقلت ملكيته مؤخرًا للوزير السابق "بو صعب"، ورئيس البلدية "صوايا".

وأوضح "صوايا" أن تكلفة المشروع تتراوح بين 25 و30 مليون دولار، وسيضم الفندق في حلته الجديدة صالات ومطاعم، بالإضافة إلى شقق مفروشة و106غرف.

تطوير الرياضة والسوق الأثرية

تعتزم البلدة افتتاح أكبر ملعب رياضي، ربما سيكون الأهم في قضاء المتن، وسط جبل لبنان بتكلفة بلغت حتى الآن نحو 3 ملايين دولار، وبتمويل من "بو صعب" و"صوايا".

ومن المقرر أن يصبح المرفق الرياضي الأول، والمتنفس الرئيسي لجميع الشباب في القرى المجاورة، والعمل جار على الانتهاء منه في غضون سنة، بحسب المسؤولة الإعلامية في البلدية نسرين صوايا.

وقالت نسرين، إن الوزير السابق ورئيس البلدية، شرعا فعليًا في ترميم السوق الأثري للبلدة، وهو الأهم والأكبر في منطقة المتن التي تضم أكثر من 40 بلدةً.

وأوضحت أن السوق بناه الرومان، لكنه عانى من الإهمال إبان سنوات الحرب إلى أن قرر الوزير بو صعب (وهو ابن البلدة ) وصوايا تمويل مشروع ترميمه، الذي سيكلّف 150 ألف دولار، كي يستعيد أمجاده، ويعود سوقًا للتبضع في جو تراثي قديم.

من تلك البلدة، تنحدر سلوى نصار، أول عالمة عربية في الذرة والفيزياء، وتوفيت عام 1963 ودفنت فيها، وكذلك الشاعر العربي الراحل خليل حاوي، الذي انتحر عام 1982 بعد احتلال الجيش الإسرائيلي للعاصمة بيروت، ومؤسس الحزب الاجتماعي القومي السوري أنطوان سعادة، وعدداً آخراً من الشخصيات الفنية والسياسية.