فلسطين أون لاين

تقرير "صفوة الحفاظ 2".. حفظة لم تلههم الحياة عن القرآن

...
مشهد حي لسرد حافظات للقرآن ضمن مشروع صفوة الحفاظ 2
غزة/ أدهم الشريف:

عندما بدأ الطبيب خالد أبو محسن بسرد سور من القرآن الكريم كان يجتاز خمسة أجزاء كاملة على الأقل مرةً واحدة، في عبادة قرآنية اعتاد عليها أعوامًا طويلة، جعلته مؤهلًا للمشاركة في مشروع "صفوة الحفاظ 2" للعام الثاني على التوالي.

وانطلقت فعاليات مشروع الصفوة فجر أمس بمشاركة 1471 حافظًا وحافظة للقرآن في قطاع غزة، توزعوا على عدة مساجد منها مسجد الإمام الشافعي في حي الزيتون جنوب مدينة غزة.

كان أبو محسن أحد هؤلاء المشاركين قادمًا من حي الشابورة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة لسرد القرآن كاملًا في جلسة واحدة.

ويعمل أبو محسن (29 عامًا) طبيبًا مختصًا في الطوارئ والحالات الحرجة في مجمع ناصر الطبي بمحافظة خان يونس، لمدة تتراوح بين 8-12 ساعة يوميًا، لكن ذلك لم يمنعه من المواظبة على تلاوة القرآن.

اقرأ أيضاً: تقرير صفوة الحفاظ "2" .. نور القرآن يضيء غزة

يقول لصحيفة "فلسطين"، إنه بدأ حفظ القرآن عندما كان يبلغ 10 أعوام، وأتمَّ حفظه كاملًا ببلوغه 14 عامًا، وواصل بعدها تثبيت حفظه إلى أن وصل مرحلة المشاركة في مشروع الصفوة مرتين.

يضيف أبو محسن وقد ارتدى ثوب الطبيب وهو يسرد القرآن: أن عدة عوامل ساهمت في حفظه، أبرزها التنافس مع اثنين من أشقائه وهما هيثم ومحمد، على حفظ القرآن، وقد شاركا مسمعينِ في مشروع الصفوة بنسخته الثانية.

وكان الطبيب قد شارك في مسابقات لحفظ أجزاء من القرآن تجاوز بعضها سرد 10 أجزاء مرة واحدة، وقد اجتاز وظفر بعدة جوائز، ما جعله أكثر حرصًا على قراءة القرآن وسرده يوميًا ليصبح مؤهلًا لمشروع صفوة الحفاظ.

وتابع أن حفظ القرآن أمر مهم في حياة كل إنسان مسلم، إذ يفتح آفاقًا جديدة أمام قرّائه وحفظته.

تجاوز الإعاقة

أما فراس النجار الذي جاء من جباليا شمالي قطاع غزة إلى مسجد الإمام الشافعي لم تحل الإعاقة التي يعانيها دون قدرته على حفظ القرآن كاملًا ومشاركته في مسابقة السرد.

النجار البالغ 18 عامًا بدأ يتلو القرآن مع أفراد عائلته ويحضر دروسًا لتعلم تلاوته وتفسيره، وشرع بحفظ القرآن وهو في سن العاشرة، وبمرور الأعوام نما شغفه بكتاب الله، إذ كان يقضي ساعات طويلة يوميًا في تلاوته وتحدى نفسه لحفظه بالكامل، مستفيدًا من تشجيع شقيقته إيمان (26 عامًا) الحافظة للقرآن أيضًا واهتمام المحفظين به.

وكان النجار قد أصيب بمرض ضمور العضلات قبل بضع سنوات جعله مقعدًا لا يتحرك إلا بواسطة كرسي كهربائي، وكان ذلك أكبر التحديات أمامه، لكن إصراره لم يتزعزع، واستطاع الاستفادة من أوقات فراغه في مراجعة ما حفظه عبر نسخة إلكترونية من القرآن، يراجعها باستمرار.

وقال: "إن القرآن ساهم في تغيير حياتي كثيرًا، إذ إنني بحفظه أشعر أنني دخلت عالم السعادة الحقيقية، وجلبت الفرح والسرور لعائلتي".

تثبت قصة المقعد النجار أهمية الإرادة في تحقيق حلم الإنسان، وقد أصبح مثلًا يحتذى به في التفاني والاجتهاد وطلب العلم، وحفظ القرآن والتغلب على التحديات وتحقيق ما يصبو إليه من تفوق في الدين والدنيا.

من بين المشاركين في الموسم الثاني من صفوة الحفاظ مهند الشوبكي (29 عامًا) وهو ضابط برتبة نقيب في الأدلة الجنائية التابعة لجهاز الشرطة بغزة.

يقول الشوبكي لـ"فلسطين": إنه لم يصل هذه المرحلة بسهولة، إذ بدأ بحفظ القرآن في عمر 5 أعوام.

تشجيع وأجواء مناسبة

وكانت والدته ختام الشوبكي في الستينيات من عمرها، أكثر المشجعين لابنها مهند الذي استطاع بنصائحها حفظ القرآن كاملًا في عمر 14 عامًا.

وأضاف أنه شارك مسمعًا في الموسم الأول من صفوة الحفاظ، في حين أصر على المشاركة في الموسم الثاني ساردًا للقرآن.

وتابع: المواظبة على تلاوة القرآن وحفظه جعلت عملية السرد سهلة، إذ إنه بعد مشاركته مسمعًا في العام الماضي استطاع سرد القرآن كاملًا، وقد أهله ذلك للمشاركة في "صفوة الحفاظ2".

وبالرغم من متطلبات وظيفته كضابط في الأدلة الجنائية وما يترتب عليها من مشاق وضغوط كبيرة، لم يترك الشوبكي عمله يعيقه عن مواصلة حفظ القرآن، إذ كان يحمل نسخة منه معه في حقيبته، ويستغل أوقات الفراغ لقراءته ومراجعة ما حفظه، وقد ساهمت زوجته أيضًا في توفير الأجواء المناسبة له، كما يقول.

والحافظون والحفاظات المشاركون في "صفوة الحفاظ 2" يبلغ أكبرهم (82 عامًا) وأصغرهم (8 أعوام)، منهم 26 من ذوي الإرادة، و90 ما بين طبيب وحكيم وصيدلي، و51 مهندسًا ومهندسة، و163 معلمًا ومعلمة، و34 رجل أمن.

بدوره أكد رئيس دار الإتقان لتعليم القرآن أحمد موسى أن مشروع "صفوة الحفاظ 2" يأتي نتاجًا لتكاتف وتعاون المؤسسات العاملة في تعليم وتحفيظ القرآن، مؤكدًا أهمية مثل هذه المشاريع في نشر ثقافة تحفيظه.

وأوضح موسى لـ"فلسطين" أن 581 حافظًا وحافظة شاركوا في مشروع الصفوة العام الماضي، أما "صفوة الحفاظ 2" شارك فيه 1471 من أصل 3234 حافظًا وحافظة حضروا لجان الاختبارات في قطاع غزة.

وتابع: إننا بهذه الفعالية نرسل رسالتنا إلى العالم، أن غزة معطاءة ومشرقة، وتصدر الكفاءات والبرامج النوعية والمميزة، وتزاحم في المحتويات الهادفة.