فلسطين أون لاين

جرائم العصر

شهد العالم تطورًا كبيرًا ونقلةً نوعيةً في كيفية التواصل بين البشر، بدءًا بالوسائل التقليدية وصولًا إلى التكنولوجيا الحديثة، التي أفضت إلى ظهور العديد من المشكلات، والتي باتت عائقًا أمام تحقيق أهداف التطور والتقدم، ومن هذه المشكلات الجرائم الإلكترونية؛ إذ شهدت انتشارًا كبيرًا في الآونة الأخيرة نتيجة للتطور الحاصل في وسائل التواصل الاجتماعي والإقبال المتزايد على تلك المواقع التي استهدفت العديد من الفئات المجتمعية كالأطفال والفتيات والمراهقين ورجال الأعمال وغيرهم، وقد أصبحنا في عصر انتشار تكنولوجيا المعلومات أكثر عرضةً للوقوع كضحايا للجرائم الإلكترونية، فانتشار التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة يعد سلاحًا ذو حدين، يمكن استخدامها من أجل تسهيل الاتصالات وانتقال الثقافات المختلفة حول العالم، ولكن يمكن استخدامهما في التسبب بأضرار جسيمة لأشخاص بعينهم أو مؤسسات كاملة من أجل خدمة أهداف سياسية أو مادية أو شخصية.

فالجرائم الإلكترونية بدأت في الانتشار الواسع مؤخرًا، ولها عدة سمات أهمها: أنها جرائم عابرة للدول، تمارس ضمن إطار الشبكة العنكبوتية، وتُرتكب من طرف مجرم معلوماتي يتسم بالمهارة والمعرفة والذكاء، كما أنها صعبة الإثبات، ويمكن عدُّها بأنها سلوكيات غير قانونية يقدم على ارتكابها فرد أو مجموعة من الأفراد بواسطة الأجهزة الذكية والمواقع الإلكترونية، بهدف تحقيق مكاسب مختلفة، ويكون ذلك عن طريق ابتزاز الضحية وتهديدها وتخريب صورتها أمام المجتمع الواقعي والافتراضي.

وأطلق عليها آخرون: فعلٌ يتسبب بضرر جسيم للأفراد أو الجماعات أو المؤسسات، بهدف ابتزاز الضحية وتشويه سمعتها من أجل تحقيق مكاسب مادية أو خدمة أهداف سياسية باستخدام الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت، فتكون الجرائم المعلوماتية بهدف سرقة معلومات واستخدامها من أجل التسبب بأذًى نفسيٍّ وماديٍّ جسيم للضحية، أو إفشاء أسرار أمنية هامة تخص مؤسسات هامة بالدولة أو بيانات وحسابات خاصة بالبنوك والأشخاص، فتتشابه الجريمة الإلكترونية مع الجريمة العادية في عناصرها من حيث وجود الجاني والضحية وفعل الجريمة، ولكن تختلف عن الجريمة العادية باختلاف البيئات والوسائل المستخدمة، فالجريمة الإلكترونية يمكن أن تكتمل دون وجود الشخص مرتكب الجريمة في مكان الحدث، كما أن الوسيلة المستخدمة هي التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال والشبكات المعلوماتية، ويقصد بها أي فعل يُرتكب متضمنًا استخدام وسيلة أو نظام أو شبكة إلكترونية بطريقة غير مشروعة تخالف أحكام القانون، والجريمة الإلكترونية المكتملة الأركان فيها جانٍ ومجنيٌّ عليه وأداةٌ للجريمة وتتفق مع أركان الجريمة التقليدية في الركن القانوني المعنوي والمادي، وتتجلى خطورتها في سهولة ارتكابها وتنفيذها وإخفائها في دقائق معدودة.

 لذلك تعد من أخطر جرائم العصر لكونها ذات تطور مستمر وتعد من الجرائم العابرة للحدود، إضافة إلى أنها ذات تأثير يؤدي الى انعكاسات وأضرار على المجتمع في مختلف جوانبه، ومن الممكن أن تكون سببًا لارتكاب جرائم أخرى.