دون سابق إنذار، وعبر وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا، تلقى اثنى عشر محافظاً قرار إحالتهم للتقاعد، إذ أحال رئيس السلطة محمود عباس للتقاعد في المحافظات الجنوبية، كلًّا من: محافظ شمال غزة، ومحافظ غزة، ومحافظ خان يونس، ومحافظ رفح.
وأحال رئيس السلطة، في المحافظات الشمالية كلًّا من: محافظ جنين، ومحافظ نابلس، ومحافظ قلقيلية، ومحافظ طولكرم، ومحافظ بيت لحم، ومحافظ الخليل، ومحافظ طوباس، ومحافظ أريحا والأغوار للتقاعد.
السؤال المطروح: ما وراء إقالة أغلب المحافظين؟ ماذا يريد رئيس السلطة من هذه الخطوة وبهذه الطريقة المذلة لشخصيات اعتبارية؟
حدد المرسوم الرئاسي رقم (22) لسنة 2003م بشأن اختصاصات المحافظين صلاحيات منصب المحافظ، والتي أهم ما جاء بها أن المحافظ هو ممثل رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس الإدارة العامة، وأعلى سلطة في محافظته، ويشرف على تنفيذ السياسة العامة للسلطة، وعلى مرافق الخدمات والإنتاج في نطاق محافظته، وللمحافظة شخصيتها الاعتبارية وموازنتها الخاصة، ويحصل المحافظ على مرتبة وزير، وينطبق عليه في قانون التقاعد ما ينطبق على الوزير وعضو البرلمان.
اقرأ أيضا: إقالة محافظ نابلس مطلب فلسطيني
أهم اختصاصات وصلاحيات المحافظ:
1. الحفاظ على الأمن العام والأخلاق والنظام والآداب العامة والصحة العامة، وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين.
2. حماية الأملاك العامة والخاصة، وتحقيق الأمن في محافظته، يعاونه في ذلك قادة الشرطة والأمن العام في المحافظة، وأن يكون هناك اجتماعات دورية ودائمة بينهم.
3. العمل على الرقي الاقتصادي والعمراني والاجتماعي في المحافظة، وتحقيق المساواة والعدالة، وضمان سيادة القانون.
4. اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث ذات الأهمية.
وفقاً لما سبق فإن قرار الإحالة للتقاعد بهذه الطريقة لا يندرج ضمن الإصلاحات الإدارية، ولو كان كذلك لربما ذهب رئيس السلطة للبحث عن طريقة لائقة لإحالة تلك الشخصيات، وهي من نخب وكوادر وقادة حركة فتح، بل الطريقة غير اللائقة في هذا القرار تخفي خلفها الكثير مما يمكن أن يقال، وعليه فإن الإجابة على سؤال المقال تدفعنا لحصر الدوافع خلف السيناريوهات الآتية:
الأول- سيناريو تهيئة المناخ لتعيين شخصيات تؤدي الولاء لشخصية يتم تحضيرها لتكون وريثة لرئيس السلطة محمود عباس، ولكن حتى تتمكن تلك الشخصية من أداء دورها تحتاج إلى أدوات تدين بالولاء لها، وقادرة على تنفيذ سياساته في مرحلة ينظر لها المجتمع الدولي والاحتلال الصهيوني بأنها مرحلة قد تكون الأخطر فيما يتعلق بخليفة رئيس السلطة محمود عباس، في ظل الحديث عن صراع خفي داخل أروقة السلطة الفلسطينية حول هوية الرئيس القادم، أضعفت السلطة وهددت فكرة الأمن والاستقرار داخل الأراضي الفلسطينية.
الثاني- السيناريو الإصلاحي، لا يمكن إغفال هذا السيناريو رغم أن الطريقة التي تم بها هذا المرسوم تضعف من هذا السيناريو، إلا أن أداء المحافظين لا يرقى من حيث الإنجاز إلى تطلعات رئيس السلطة والمانحين، وعليه يريد عباس ضخ دماء جديدة تحدث توازنًا داخل أروقة السلطة الفلسطينية، وتنظيم فتح.
الثالث- السيناريو المرتبط بالمطالب الخارجية، وهو متعلق بتوجيهات خارجية تفرضها مؤتمرات العقبة وشرم الشيخ، واتصالات خارجية بعباس وبقيادة المنظومة الأمنية، تريد أن تساهم في بسط السلطة سيطرتها بشكل كامل على محافظات الضفة والقطاع، وهذا يتطلب تعيين قادة جدد قادرين على مواجهة التحديات التي تعصف بالسلطة توجهاتها السياسية، وهذا قد يطول الحكومة أيضاً.
الرابع- السيناريو المرتبط بتداعيات مؤتمر العلمين بجمهورية مصر العربية، والذي يعتبر أضعف السيناريوهات، كونه لم يناقش حسب المعلومات المتوفرة حتى اللحظة، ولم تشكل اللجنة لمتابعة مخرجات مؤتمر العلمين، وعليه فإن فرضية أن يكون المرسوم مرتبط بالمصالحة والشراكة بين فتح وحماس في إدارة الحكم هو من أضعف السيناريوهات، ويكاد يكون منعدمًا.
الخلاصة: إن التفرد بالقرارات لا يمكن أن يحدث استقراراً، وإن الاستقرار لن يجلبه سوى العودة إلى الشعب عبر انتخابات شاملة، يختار شعبنا قيادته بنفسه ويكون المحافظ كامل الصلاحيات، ومنسجم مع توجهات وبرامج ورؤى شعبه، والتحديات التي تعصف بمشروعه الوطني في ظل الفاشية الصهيونية التي تسود داخل الكيان الغاصب.