يتآمرون على غزة سرًا وعلانية، والمطلوب هو رأس المقاومة الفلسطينية، وما التضييق على حياة الناس في غزة إلا جزء من هذه المؤامرة، وما استغلال أوضاع الناس المعيشية الصعبة، والدعوة إلى الحراك في غزة، إلا جزء من هذه المؤامرة، وما الضائقة المالية التي تعانيها حركة حماس، مع الصعوبة في تجميع رواتب الموظفين، إلا جزء من هذه المؤامرة، ولا هدف للمؤامرة إلا تركيع غزة، وإخضاعها بالتجويع، بعد فشل الجيش الإسرائيلي في إنجاز المهمة بعد عدة حروب.
إنها المعادلة الصعبة، التي ألقت على ظهر قيادة غزة وحدها بالمسؤولية عن حياة 2.5 مليون إنسان، وفي الوقت نفسه ألقت على كاهلهم مسؤولية تسليح غزة، وتدريب شبابها، ومقاومة المشروع الصهيوني، معادلة صعبة فرضت على قيادة حركة حماس سرعة الاستجابة للقاء الأمناء العامين في القاهرة، بالرغم من الإدراك المسبق أن السيد محمود عباس لن يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه المبدئية، التي تطالب حركة حماس بالموافقة على شروط الرباعية، والاعتراف بإسرائيل، ونبذ المقاومة، واعتقال المقاومين.
فماذا بيد حركة حماس أن تفعل، ضمن هذه المعادلة الصعبة؟
في يد حركة حماس مشروع الانتخابات، انتخابات ديمقراطية، ترد فيها حماس على كل من يدعي الديمقراطية، ولتكن البداية انتخابات لرؤساء البلديات والمجالس المحلية في جميع مدن وقرى قطاع غزة، وفي حالة تمنع لجنة الانتخابات المركزية عن الإشراف على الانتخابات، فلا بأس من تشكيل لجنة انتخابات قانونية محايدة، تشارك فيها كل القوى والمؤسسات المدنية، والمنظمات الدولية، لتُشرف على الانتخابات البلدية في قطاع غزة، وتعلن عن النتائج تحت سمع العالم وبصره.
اقرأ أيضا: رسالة إلى الفصائل والمجتمع الأهلي في غزة
انتخابات البلدية لن ترفضها التنظيمات الفلسطينية، ومن يرفض المشاركة فيها، يلغي وجوده، وينفي ذاته، ويحترق بشعاراته أمام المجتمع، انتخابات المجالس البلدية سيتقبلها الشعب الفلسطيني برضا تام، وستكون نسبة المشاركة في الانتخابات عالية.
وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، وبغض النظر إن كان الفائز بالانتخابات من العائلات، أو التنظيمات، أو التحالفات، أو الكفاءات الفردية، أو الشخصيات المستقبلة، فالنتيجة هي فوز قطاع غزة بتجربة ديمقراطية، لم يعشها منذ سنة 2006، وستضع هذه التجربة كل أعداء غزة، وكل المتآمرين عليها في حرج شديد، ولا سيما حين يلتقي تجمع رؤساء البلديات على خطة عمل مشتركة، تهدف إلى رفع الحصار عن قطاع غزة، ومخاطبة العالم بلغة فلسطينية موحدة، لغة الفائز بثقة الشعب بصندوق الانتخابات، والقادرة على التعبير عن مشاكل قطاع غزة بدعم جماهيري.
المجالس البلدية المنتخبة، لن تقف في وجه المقاومة، ولن يتآمر رئيس مجلس بلدي منتخب على المقاومة، ولن تستغني المجالس البلدية عن خدمات الشرطة، وعن التواصل مع بقية الوزارات والمؤسسات، بما في ذلك وزارة الحكم المحلي، صاحبة المسؤولية المباشرة عن المجالس البلدية.
وإذا كانت قوة غزة في هذه المرحلة تتمثل بهويتها الوطنية والدينية، والالتفاف الجماهيري حول المقاومة، فإن قوة غزة بعد إجراء الانتخابات ستتمثل بالمجالس المحلية المنتخبة ديمقراطيًا، التي ستفتخر بالمقاومة، وبهويتها الوطنية والدينية، وبقدرتها على إحراجِ كل أولئك الذين يرفضون إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وكل أولئك الذين يرددون عبثًا: غزة مخطوفة من حركة حماس.
انتخابات المجالس المحلية قد تكون المحفز والمحرك لإجراء انتخابات أشمل وأعم.