فلسطين أون لاين

لقاء الفرصة الأخيرة ومتطلبات القطاع الخاص

تتوجه أنظار أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج إلى قطاع غزه لمتابعة لقاء الفرصة الأخيرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء عقد من الانقسام الفلسطيني، الذي يعد الحقبة السوداء في تاريخ القضية الفلسطينية لما خلفه من آثار سلبية على الاقتصاد الفلسطيني والحياة الاجتماعية ومناحي الحياة كافة، خصوصًا في قطاع غزة, ويأمل مواطنو قطاع غزة أن يكون عام 2017م هو عام الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني إلى الأبد، وعودة اللحمة الوطنية لجناحي الوطن.


ويأمل الغزيون وقف نزف الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة للانقسام الفلسطيني، وما تبعه من حصار وحروب، والتي تجاوزت 15 مليار دولار خلال تلك المدة.


ومن أبرز الملفات التي تتطلب معالجة سريعة وعاجلة أزمة الكهرباء الطاحنة، التي يعاني منها قطاع غزة وكبدت الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة، هددت ما تبقى من القطاعات الاقتصادية وتسببت في ضعف إنتاجها, هذا إضافة إلى استنزاف موارد الموطنين المعدومة في إيجاد حلول بديلة للكهرباء, إذ دفع المواطنين ثمن بدائل الكهرباء الباهظة من قوتهم اليومي، ما يزيد على مليار ونصف مليار دولار، وهذا المبلغ يكفي لإنشاء ست محطات توليد طاقة شمسية تنتج ما يزيد على 1000 ميجاواط, وهي ضعفا احتياج قطاع غزة للطاقة.


ويجب على الحكومة وضع آلية سريعة وعاجلة لفتح معبر رفح دائمًا، لتمكين المواطنين من السفر إلى الخارج للعلاج والدراسة والتجارة , فـ99% من سكان قطاع غزة لا يستطيعون المرور من حاجز بيت حانون وفقًا للإجراءات والمعايير الإسرائيلية.


ويأمل القطاع الخاص الفلسطيني إتمام المصالحة الفلسطينية الحقيقية، وتطبيقها على أرض الواقع، وتمكين حكومة الوفاق من إدارة قطاع غزة، لتقوم بدورها الفاعل في إعادة إنعاش القطاع الخاص الذي تضرر كثيرًا من الانقسام الفلسطيني.


إن حكومة الوفاق مقبلة على العديد من التحديات الاقتصادية، التي من أهمها الضغط على الجانب الإسرائيلي، لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر التجارية كافة، وإدخال كل احتياجاته من الواردات من السلع والبضائع كافة، دون التحكم بالنوع والكم، ودون قيود أو شروط، وإلغاء قائمة السلع المحظور إدخالها إلى قطاع غزة، والسماح بتسويق منتجات قطاع غزة الصناعية والزراعية في أسواق الضفة الغربية، وتصدير تلك المنتجات إلى العالم الخارجي, والمطالبة بإعادة التصاريح إلى آلاف التجار ورجال الأعمال التي سحبها الاحتلال خلال السنوات السابقة, ومعالجة ازدواجية القرارات والقوانين والتشريعات والإجراءات والضرائب والجمارك بين الضفة الغربية وقطاع غزة، التي نمت وازدادت خلال مدة الانقسام, وأثرت على القطاع الخاص في قطاع غزة وساهمت في ضعفه وعدم نموه، وكان لها الأثر الأكبر على الشركات الكبرى التي لها علاقة بين الجانبين، مثل: المصارف وشركات التأمين والشركات المساهمة العامة وبعض الشركات المساهمة الخصوصية.


ويجب البدء الفوري بوضع إستراتيجية عاجلة بعقد مؤتمر اقتصادي بمشاركة الأطراف كافة ذات الشأن والعلاقة بالاقتصاد لمعالجة التشوهات في الاقتصاد الفلسطيني، التي أدت إلى ضعف نموه وساهمت في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لكل الأنشطة الاقتصادية، وتسببت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى معدلات كارثية, فتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخفض معدلات البطالة والفقر من أهم التحديات التي سوف تواجه الحكومة في المرحلة القادمة, ولتحقيق ذلك يجب البدء بإطلاق المشاريع الاستثمارية ذات التنمية المستدامة، وبذل الجهود لإعادة النهوض من جديد بكل الأنشطة الاقتصادية التجارية والصناعية والزراعية والسياحية وغيرها من المشاريع الإستراتيجية، وأهمها في قطاع غزة: (إعادة بناء مطار غزة الدولي، وميناء غزة البحري، ومشروع التنقيب عن الغاز الموجود في شواطئ غزة).


ويجب على الحكومة أن تعمل جاهدة وتضع الخطط السريعة لتسريع وتيرة عملية إعادة إعمار قطاع غزة, فحتى هذه اللحظة بعد مرور ثلاثة أعوام على الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، ومازالت تسير ببطء شديد كالسلحفاة ومتعثرة, وحسب آخر تقرير للبنك الدولي إن نسبة ما لبي من إجمالي احتياجات التعافي في خمسة قطاعات تأثرت بحرب عام 2014م لا تتجاوز 17%, وفي تقرير حديث لـ(أونكتاد) أكدت أن 84% من احتياجات قطاع غزة بعد الحرب لم تلبَّ.


ويجب وضع خطة لإعادة إنعاش وتعويض القطاع الاقتصادي، إذ إنه مغيب كليًّا عن عملية إعادة الإعمار, ومجمل ما رصد للقطاع الاقتصادي لا يتجاوز 6.1% من إجمالي أضراره المباشرة وغير المباشرة, التي قدرت خسائرها بنحو 284 مليون دولار.


وفي النهاية المطلوب من شرائح المجتمع الفلسطيني جميعًا وكل أطيافه _وخصوصًا السياسيين وصناع القرار_ استغلال الفرصة التاريخية للمصالحة، والوقوف صفًّا واحدًا لوضع الآليات الجادة لإنهاء الانقسام والوصول إلى حكومة وحدة وطنية، والحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، والعمل على تحقيق الحلم الفلسطيني بقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف, وتحرير أكثر من مليوني مواطن من أكبر سجن في العالم، وإنهاء أسوأ وأطول وأشد حصار يشهده العالم في القرن الحادي والعشرين, وتجنيب قطاع غزة كارثة اقتصادية, اجتماعية, صحية، بيئية.