حمل اليمين المتطرّف مع وصوله إلى الحكم في كيان الاحتلال، برنامجًا ممنهجًا يستهدف الشعب الفلسطيني، من الأسرى وأبناء الضفة الغربية المحتّلة من جهة. ومن جهة ثانية، فإنّ شخصيات هذا اليمين الديني تشنّ حملات التهويد ضد القدس والمسجد الأقصى، مع السماح للمستوطنين بتمرير طقوسهم التلمودية. ومنذ بداية 2023، اقتحم وزير أمن الاحتلال إيتمار بن غفير المسجد الأقصى 3 مرات، ووصل عدد المستوطنين المقتحمين للمسجد إلى 22456 مستوطنًا في الأشهر الخمس الأولى من العام، في استغلال للمناسبات العبرية المزعومة لتمرير المخططات التهويدية.
"عيد الفصح" العبري
شهد شهر رمضان (نيسان / أبريل 2023) الذي تزامن مع "عيد الفصح" العبري محاولات من المستوطنين وعصابات ما يسمى "الهيكل" في تنفيذ الطقوس التهويدية بـ "رعاية" من حكومة الاحتلال اليمينية. لكنّ المقاومة الشعبية، إضافة إلى مجموعات المقاومة المنتشرة في الضفة الغربية، تصدّت لهذه الهجمة. وكثّف الشعب من حملات الرباط والصلاة في الأقصى طيلة الشهر لإحباط مخطط الاحتلال.
ذكرى "خراب الهيكل" المزعوم
أواخر شهر تموز/ يوليو الماضي، اقتحم 2180 متطرفًا ساحات المسجد الأقصى بزعم الاحتفال بما يسمى "ذكرى خراب الهيكل". أدى المستوطنون، بوجود "بن غفير"، الرقصات وتلوا النصوص التوراتية إلى جانب "السجود" التهويدي جماعيًا. في حين اعتدت شرطة الاحتلال، التي أمّنت الاقتحامات، على المقدسيين والمصلين ولا سيما في مصلى قبة الصخرة. وبين طيّات تصريحات "بن غفير"، الذي ادعى حينها أنّ "المتدينون والعلمانيون إخوة في هذا المكان"، والإمعان في العدوان على الأقصى يأتي أيضًا في سياق التغطية على أزمة الانقسامات الداخلية الكبيرة التي أثارها مخطط اليمين في السيطرة على الجهاز القضائي للكيان.
مخطط "بناء الهيكل"
تتكشّف أيضًا مخططات الاحتلال في البدء بما يسمى "إقامة الهيكل الثالث" مكان مصلى قبة الصخرة. وهي خطوة تهويدية تكتمل حسب الادعاءات الصهيونية عندما تستقدم الجماعات المتطرفة "البقرات الخمس". وحسب التعاليم التوراتية فإن هذه البقرات تختار بعناية، وتكون حمراء اللون ولم تستخدم من قبل في أي أعمال لتُحرق عند جبل الزيتون ثّم ينثر رمادها قبالة الأقصى تمهيدًا لصعود اليهود إلى "جبل الهيكل" وهو المسجد الأقصى الإسلامي. وتخصص حكومة الاحتلال، ولا سيما وزارة المالية التي تسلّم حقيبتها اليميني المتطرّف بتسلائيل سموتريتش مبالغ ضخمة من أجل إتمام هذا المخطط التهويدي.
"صلاة الكهنة" المزعومة
تكاملًا مع مخطط "بناء الهيكل"، تتصاعد وتيرة أداء الطقوس اليهودية في المسجد الأقصى بعد "التسهيلات" التي تحاول الحكومة منحها للمستوطنين. إذ أدّت في الأيام الماضية مجموعة من المستوطنين ما يسمى "صلاة الكهنة" في باحات المسجد الأقصى، وهي من بين الخطوات التمهيدية الخطيرة للمخطط. وبحسب دائرة الأوقاف الإسلامية اقتحم عشرات المستوطنين في 9/8/2023 باحات الأقصى ضمن جولات استفزازية وعُرضت شروحات عن "الهيكل".
في هذا الإطار، شدّد القيادي في حركة حماس علي بركة على أنّ تلك الطقوس "تمثل عدوانًا خطيرًا يستدعي مزيدًا من الجهود والتحرك العاجل على المستوى الفلسطيني والعربي والإسلامي لوقف هذه الإجراءات العدوانية".
الحفريات تحت الأقصى
حذّرت هيئات وجهات مقدسية من خطر الحفريات الإسرائيلية المستمرة تحت المسجد الأقصى، بما أحدث تصدعات في الأبنية والأرضية التحتية في الفترة الأخيرة تهدّد بانهيارات وانجرافات ولا سيما في فترة فصل الشتاء. كما يمنع الاحتلال أي محاولات للترميم منذ بداية عمل آلياته في العام 1996.
المقاومة الفلسطينية والمحور لحماية هوية الأقصى
في الخلاصة، تفضي هذه الخطوات المتتالية والممنهجة من الجماعات الصهيونية المتطرفة وبدعم من المستوى السياسي في الكيان إلى السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى وتقسيمه الزماني والمكاني، مع إنكار كامل لهوية القدس والأقصى العربية والإسلامية.
في المقابل فإنّ القدس خط أحمر ثابت على المستوى الفلسطيني الداخلي، سواء شعبيًا أو فصائليًا، وبحسب المتحدّث باسم حركة حماس حازم قاسم فإنّ " شعبنا في كل المراحل عبّر بنضاله وقتاله عن استعداده للتضحية للدفاع عن الأقصى والقدس، وعدم السماح للعدو بالعبث بهويته"، وقد خاضت الفصائل الفلسطينية معركة "سيف القدس" عام 2021 لحماية المسجد الأقصى ولتأكيد التلاحم بين غزّة – القدس.
أمّا على المستوى الإقليمي، فإن للقدس محورًا مقاومًا يضعها على رأس التزاماته بحماية هويتها العربية والإسلامية. وقد سبق أن أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن معادلة "القدس تعني حربًا إقليمية" انضمت لها تشكيلات المقاومة كافة، وخاصة أنصار الله في اليمن. لذا يدرك الاحتلال أن إمعان العدوان على القدس والمسجد الأقصى يفتح أبواب الحرب متعدّدة الجبهات.