تجاوزت أجهزة أمن السلطة كلَّ الخطوط الحمراء في اعتداءاتها الممنهجة ضد المواطنين في مختلف مدن الضفة الغربية، التي وصلت إلى حد القتل وإطلاق النار، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الفلسطينية التي تجرّم الاعتقالات السياسية، وتنص على حرية التعبير عن الرأي.
وطالت اعتداءات أجهزة السلطة مستشفى ابن سينا في جنين أول من أمس، في مواجهات مع محتجين على خلفية مقتل شاب في إطلاق النار على سيارته، إذ أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع صوب المحتجين داخل المستشفى.
وسبقها بيوم واحد فقط، اعتدى عناصر من أجهزة أمن السلطة على الصحفيين والطلبة برشهم بالغاز ومصادرة كاميراتهم في تغطيتهم وقفة احتجاجية دعت لها كتل طلابية أمام جامعة الخليل، واعتدت الأجهزة على الطالبات.
ويروي المواطن طلال الشريف والد الطالب "أحمد" أحد أعضاء الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، أن مناوشات كبيرة حدثت بين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية الرافضة لاستمرار الاعتقال السياسي والاعتداء على طلبة الكتلة.
وأكد الشريف لصحيفة "فلسطين"، أن عناصر من السلطة هاجمت الصحفيين واعتدت عليهم، إذ تعرض هو الآخر لاعتداء من عنصر أمن يرتدي لباسًا مدنيًا في أثناء وجوده في الاعتصام، مشيرًا إلى أن أحد أفراد أمن السلطة حاول الاعتداء عليه بـ"حزام جلدي".
اقرأ أيضاً: بالفيديو والصور أجهزة السلطة تقمع بالرصاص المواطنين بمحيط مستشفى ابن سينا في جنين
وقال: إن عناصر السلطة كانت تريد اعتقال نجله أحمد الذي يدرس في قسم الصحافة والإعلام، على أثر تصديه لأحدهم خلال اعتدائه على إحدى طالبات الكتلة الإسلامية بالجامعة، لافتًا إلى أن إدارة الجامعة وجهت لأحمد كتابًا بالفصل، لكنها تراجعت عنه في وقت لاحق بعد تدخل وساطات.
وأكد الشريف أن محاولات السلطة لم تتوقف عن اعتقال نجله أحمد طيلة المرحلة الراهنة، علمًا أنه اعتقل قبل 6 أشهر وأمضى ثمانية أيام في سجن مخابرات السلطة في الخليل تحت التعذيب، بدعوى "حيازة سلاح بدون ترخيص" وهو ما نفاه "جملة وتفصيلًا".
ووصف ممارسات السلطة بـ"المخزية" لكونها تأتي ضمن محاولاتها كتم الأفواه ومنع حرية التعبير عن الرأي، مشددًا على أنها "لا تخدم إلا الاحتلال".
واستمرارًا لمسلسل الانتهاكات اقتحم مسلحون من مخابرات السلطة بالخليل منزل المحرر حازم الفاخوري وزوجته الكاتبة لمى خاطر بسبب موقفهم الرافض للاعتداء على طلبة جامعة الخليل.
واعتدى عناصر جهاز المخابرات على الفاخوري أمام زوجته وبناته بعدما كسّروا باب البيت وحّطموا كل ما وجدوه في طريقهم بالعصي.
تجاوز الخطوط
وأكد الناشط السياسي عبد الله شتات، أن السلطة منذ قدومها عام 1993، وضعت نفسها في مكان مواجهة شعب بأكمله داعم للمقاومة في مختلف مدن الضفة، مشيرًا إلى أن تطور المقاومة وتوسعها يزعج السلطة والاحتلال.
وأوضح شتات لصحيفة "فلسطين"، أن هجوم السلطة تصاعد بعد انتصار جنين في معركتها الأخيرة مع الاحتلال، إذ حاولت إعادة الانتشار وبدأت في تطبيق قوانين لم تطُبق في السابق، واندفعت نحو اعتقال المقاومين والمطاردين ومداهمة بيوتهم وغيرها من الممارسات.
وجدد التأكيد أن السلطة تحاول بكل أدواتها القضاء على نهج المقاومة، في سبيل الحفاظ على الدعم الموجه لها، معتبرًا الأحداث الأخيرة خطيرة وتنذر بسوء قادم يهدف لتغيير مجرى الأوضاع بالضفة والمستفيد الوحيد من الاشتباك مع الشعب هو الاحتلال.
وشدد شتات على أن "التوتير الداخلي حاليًا مقصود ومخطط له، بهدف القضاء على المقاومة وإشغال المواطنين في أزماتهم الداخلية"، موضحًا أن ممارسات السلطة تجاوزت كل الخطوط الحمراء ضد الشعب الفلسطيني.
وبيّن أن السلطة ضربت عرض الحائط بالأعراف الوطنية والقوانين وبكل ما يمس بالشعب الفلسطيني.
وأيّد ذلك المحلل السياسي عدنان الصباح، إذ وصف ممارسات السلطة ضد المواطنين بأنها "نكبة حقيقية".
وقال الصباح لـصحيفة "فلسطين": إنه "في الوقت الذي تتصاعد المقاومة أكثر وتتقدم خطوات للأمام تأتي الصراعات والمأساة التي تشكل الطريق الوحيد للنكبة الحقيقية، التي قد تقود للتهلكة".
وأكد أن المقاومة تمثّل رافعة حقيقية للقضية الفلسطينية وتضع الاحتلال في موضع الباحث عن الحلول، مشددًا على أن "سلوك السلطة مدان ومرفوض من كل أطياف الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن "السلطة لا ترى الحقيقة، إذ إن الاحتلال يريد أن يضعها في مواجهة مع شعبها"، مشددًا على ضرورة "أن ترعى السلطة كل أشكال المقاومة".