فلسطين أون لاين

من حق غزة أن تعيش

"بدنا نعيش" شعار إنساني وأخلاقي ووطني، شعار يخص كل الشعب الفلسطيني الذي طرده الصهاينة من أرضهم، فصاروا لاجئين، ويخص كل الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعيش فوق أرضه تحت بطش الاحتلال الإسرائيلي، ويعاني التمزق بين مخالب المستوطنين الصهاينة، وهم يحاصرون رغيف الخبز في يد أطفال غزة، وضيقوا الحياة على الشباب، فانعدمت فرصة العمل، وتفشت البطالة، وتراكم آلاف الخريجين بلا مستقبل، واختنقت الحياة على بقعة الأرض الضيقة، حتى عادت لا تحتمل الزيادة السكانية، فازدحمت الشوارع والمستشفيات والأسواق، وضاقت الطرقات على السيارات، وأغلق الباعة المتجولون الأرصفة، وتكدس البشر، حتى صارت غزة أقرب إلى زنزانة في السجن الإسرائيلي الكبير.

"بدنا نعيش" شعار يحاكي الحاجة الفلسطينية إلى الحرية، ورفض الاحتلال، وأتمنى أن أرى الشعار مكتوباً على لوحة كبيرة، ومعلقاً على سرايا غزة، في رسالة إلى المجتمع الدولي، بأن أهل غزة يطلبون حريتهم، ويرفضون الوقوف على قائمة الانتظار، ومد يد التسول للمساعدات الإنسانية، والتسهيلات الحياتية، فأهل غزة أقدر على صناعة غدهم بسواعدهم، شرط رفع الحصار الإسرائيلي، وأهل غزة الأكفأ في بناء مستقبلهم بعيداً عن يد التخريب الإسرائيلية، ويد من جندهم جهاز الشاباك الإسرائيلي. 

اقرأ أيضًا: نتائج الثانوية العامة.. نصر جديد في غزة

اقرأ أيضًا: هل صارت حماس ورشيدة طليب الممثل الشرعي والوحيد؟

"بدنا نعيش" شعارٌ يجب أن يظل مطروحاً على طاولة القيادة الفلسطينية في قطاع غزة على مدار الساعة، فطالما كان الحصار الإسرائيلي هو السبب المباشر لكل مصيبة، فالسؤال الذي يلامس العصب الحسي لتنظيمات المقاومة الفلسطينية كلها: كيف نرفع الحصار عن قطاع غزة؟ ومتى؟ وما أنجع الطرق والوسائل لرفع الحصار؟ وكيف نجبر العدو الإسرائيلي على ترك أهل غزة يمارسون حياتهم، دون قيود، ودون اشتراطات سياسية، تتمثل باعتراف غزة بشروط الرباعية، بما في ذلك الاعتراف بـ(إسرائيل)، وتسليم سلاح المقاومة، والاعتراف بكل ما اعترفت به منظمة التحرير الفلسطينية من اتفاقيات ومعاهدات مع (إسرائيل)، وهذا ما يرفضه جل الشعب الفلسطيني.

في اليومين الماضيين، جسدت تنظيمات المقاومة الفلسطينية نموذجاً رائعاً للوحدة الوطنية، وقد اصطفت مع بعضها البعض في التصدي للفتنة، التي يديرها جهاز الشاباك الإسرائيلي، ومن يتعاونون معه، لقد أيقنت التنظيمات الفلسطينية أن المستهدف هو المقاومة في الضفة الغربية، وذلك من خلال إشغال غزة بنفسها، وعزلها عن مجريات الأحداث المشتعلة هناك، وهذا هو مكمن الخطر على مجمل القضية الفلسطينية، التي تتعرض للعدوان على يد عتاة المستوطنين الصهاينة، وفي الوقت نفسه تتعرض للعدوان على يد أجهزة أمن السلطة، وهي تنقض على المقاومين، تعتقل، وتقتل، وتطارد، وتقتحم البيوت، وتعبئ السجون، وتلاحق طلاب الجامعات، وتعتدي على المفكرين والقانونيين والكتاب والصحفيين، تدوس على الحرمات، وتعترض الشباب في الطرقات، في هجمة وحشية ضد كل من يقاوم المحتلين.

رفع المعاناة عن حياة الناس مقرون برفع الحصار عن غزة، وهذه المسؤولية تقع على عاتق تنظيمات المقاومة، فطالما كان المستهدف من الحصار هو البندقية الفلسطينية، وطالما كان المطوب هو رأس المقاومة، فالمصلحة الوطنية العليا تفرض على تنظيمات المقاومة كافة، أن تشارك حركة حماس في إدارة شؤون الناس المدنية في قطاع غزة، ومثلما تواجد الجميع في غرفة العمليات المشتركة للدفاع عن فلسطين، فالأجدر أن يشارك الجميع في تحمل المسؤولية عن الحياة المدنية للناس، وأن تشكل قيادة وطنية موحدة، تدير شؤون الحياة بشكل جماعي، وهي تتصدى للعدوان السياسي والإعلامي، وتتحمل المسؤولية أمام المجتمع الدولي، كي لا تظل حركة حماس هي المتصدرة للمشهد وحيدة، ومتهمة بـ"اختطاف غزة، والتكسب من الحكم"، في الوقت الذي يدرك الجميع أن حكم غزة مغنم ٌللمقاومة، ومغرمٌ للحاكم.