بدأت الحكاية من مدينة شيكاغو الأمريكية، حين عطَّل أنصار القضية الفلسطينية مؤتمرًا، رفض مشاركون فيه التوقيع على مشروع قرار، يؤكد عدم استخدام الدعم الأمريكي في اعتقال جيش الاحتلال الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين.
وتساوقًا مع الجو العام، ومع غضب الجماهير الذين عطلوا المؤتمر، تدخلت النائبة الديمقراطية عن نيويورك، التي تترأس مجموعة التقدميين في الكونغرس، باراميلا جايابال، وألقت بجملتها التي دوت كقنبلة نووية، حين قالت: إن (إسرائيل) دولة عنصرية، وإن الفلسطينيين يستحقون دولة، ولهم حق تقرير المصير، وإن "حلم الدولتين" بات بعيد المنال.
تصريح النائبة الديمقراطية جايابال، صار عنوانًا لنَشرات الأخبار الدولية، وقد عرَّضها إلى التوبيخ من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، وبشكل يؤكد أن (إسرائيل) خارج إطار النقد، وأنها محمية بشبكة كثيفة من المحرمات الحزبية، إذ لم يشفع للنائبة جايابال تراجعها عن التصريح، وهي تقول: لا أعتقد أن (إسرائيل) كأمّة عنصرية، بالرغم من وجود أشخاص عنصريين، وسياسيات عنصرية واضحة، في حكومة بنيامين نتنياهو، وأضافت: إن المدافعين حتى الموت عن (إسرائيل) “يشعرون وكأنهم فقدوا المصداقية، لأن سياسات حكومة نتنياهو عنصرية جدًا ويريدون إسكات أي نقاش ناقد.
اقرأ أيضًا: تحولات ديمغرافية تقلق (إسرائيل)
اقرأ أيضًا: زيادة تورُّط الاحتلال في التوتر الصيني الأمريكي
ما حدث في شيكاغو، حرك اللوبي اليهودي إلى دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد، ومن ثم اتخاذ قرار يعبّر عن الدعم الكامل لـ(إسرائيل)، ويدين "معاداة السامية" ويؤكد أن (إسرائيل) ليست عنصرية أو دولة فصل عنصري، هذا القرار السريع، حصل على أغلبية 412 مؤيدًا، ضد 9 معارضين فقط.
كان من ضمن المعترضين على القرار النائبة الديمقراطية رشدية طليب، التي تحدثت من على منصة الكونغرس قائلة: إن (إسرائيل) دولة فصل عنصري، وما يخالف ذلك هو إنكار الواقع، واستشهدت بعدد من تقارير منظمات حقوقية، مثل "هيومان رايتس ووتش"، و"منظمة العفو الدولية"، ومنظمة "بيتسيلم".
وكان من ضمن المعترضين على القرار حركة حماس، إذ أدانت بأشد العبارات تصويت الكونجرس الأمريكي على قرار يعتبر فيه الكيان الصهيوني "دولة غير عنصرية" وعدّت ذلك القرار تشجيعًا له على مواصلة جرائمه ضد شعبنا الفلسطيني وفي مقدمتها القتل وسياسة التطهير العرقي.
هذه المعركة التي يخوضها ناشطون مؤيدون للقضية الفلسطينية من داخل أمريكا، ويخوضها نواب داخل الكونجرس الأمريكي، وتَخوضها حركة حماس، تطرح التساؤلات السياسية والمنطقية التالية:
أين منظمة التحرير الفلسطينية من هذه المعركة؟ وأين قيادة السلطة الفلسطينية؟ وأين جامعة الدول العربية؟ وأين منظمة المؤتمر الإسلامي؟ وأين منظمات حقوق الإنسان عن هذا الصراع الإنساني والسياسي والأخلاقي الذي يلامس الضمائر، ويحاكي العدل الذي يتصدى للظلم؟
وهل أضحت حركة حماس ورشيدة طليب هما الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمدافع العنيد عن القضية الفلسطينية؟
وللتذكير، فقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 3379 لسنة 1974 باعتبار الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية، والتمييز العنصري، هذا القرار الذي أقلق قادة (إسرائيل)، فاشترطوا المشاركة في مؤتمر مدريد سنة 1991، بإلغاء القرار، وقد تحقق لهم ذلك مع صدور قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1991، ومن سطر واحد، يقول: تقرر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379.