فلسطين أون لاين

وتجدد محطات التهجير والنكبة

تقرير اللاجئون بمخيم "عين الحلوة" .. اشتباكات مسلحة تضاعف معاناتهم "المأساوية"

...
آثار الاشتباكات على بيوت اللاجئين في مخيم عين الحلوة
بيروت - غزة/ يحيى اليعقوبي:

"أصبحنا نازحين. خرجنا تحت ضربات القذائف وأصوات الرصاص هربًا من الموت" لم يجد اللاجئ بمخيم عين الحلوة أحمد صبحة الذي يسكن بحي "الصفصاف" أحد الأحياء التي شهدت اشتباكات مسلحة، سوى خيار مغادرة المخيم خوفًا على أطفاله من الموت.

تحولت الزقاق التي كان يلهو بها أطفاله إلى زقاق موت وممرات تتطاير منها الرصاص وقذائف العناصر المشتبكة، فكان قراره بالخروج من المخيم محفوفًا بالمخاطر عندما ودع منزله، السبت الماضي، وترك ذكرياته وملابسه، خرج هو وأطفاله بلا شيء، كمشهد مماثل لمشاهد التهجير التي عاشها والده عندما غادر بلدته في فلسطين المحتلة.

"عندما سمعنا صوت القصف الساعة التاسعة والنصف مساء السبت الماضي، رأيتُ أولادي يرجفون ويبكون، في الخارج كنا نسمع صوت بكاء النساء وأطفال الجيران. لم أنسَ مشهد خروجنا من المخيم فلم يكن لدينا وقت لأخذ ملابسنا، ومنذ أسبوع لا نستطيع العودة إلى بيوتنا" تنصت صحيفة "فلسطين" لصوت صبحة وهو يروي آخر اللحظات قبل اتخاذه قرار النزوح.

اقرأ أيضا: تقرير اشتباكات "عين الحلوة".. أيادٍ مشبوهة تعبث بمصير اللاجئين

بصوت يغلف القلق على مصير مجهول، أضاف "لا نعرف إن كان البيت تدمر كليًا أم لا، فحينا أحد محاور الاشتباكات الدائرة ونسمع أن الكثير من البيوت تعرضت للدمار بفعل القذائف، كما أن والدي لم يستطع الخروج معنا بسبب كبر سنه فذهب لحي آخر داخل المخيم، فيعيش وحيدًا بلا رعاية منذ أسبوع كما أنه مريض (سكري)".

مخاوف متجددة

عندما أعلن عن وقف إطلاق النار، الأربعاء الماضي، حمل صبحة نفسه وأولاده ووصل أطراف المخيم مع حلول المساء، ليعيش أطفاله نفس مسلسل الرعب على وقع تجدد الاشتباكات والقذائف، تقفز صور المشهد أمامه: "أصوات الرصاص ضاعفت الخوف والقلق لدى أولادي، فلدي طفل رضيع عمره ثلاثة أشهر امتلأ صدره بالدخان، ابنتي لا تعرف النوم، فترى كوابيس من جراء الاشتباكات".

بلا "أدنى مقومات الحياة" يصف العيش داخل المخيم، فهو متعطل عن العمل، يتدفق القهر من قلبه: "لقد تعبنا من هذا الواقع المرير، فنتمنى الحصول على أمن وأمان، فيكفي أننا متعطلون عن العمل، ونعيش بوضع مأساوي جدًا، ومنذ أن أبصرنا الحياة ونحن نعيش في تهجير وهرب من الموت".

أما محمد حسون الذي يسكن على أطراف المخيم ففتح أبواب منزله لاستقبال أقاربه النازحين من جراء الاشتباكات داخل أربعة أحياء بالمخيم وهي أحياء: البركسات، الصفصاف، التعمير،وحطين، وأصبح المنزل الصغير مكتظًا بالأطفال والنساء الذين هربوا من القذائف والرصاص ولم يسلموا من سماع أصواتها.

 يقول حسون وهو ناشط إعلامي بالمخيم لصحيفة "فلسطين": "فتحت أبواب منزلي لاستقبال الأقارب فتحول منزلي لمكان نزوح، لأن الوضع بالمخيم مأساوي، فهناك أحياء تحولت لمناطق منكوبة، عشرات المنازل تدمرت بالكامل، وأخرى غير صالحة للسكن، قطعت الكهرباء والمياه والانترنت وتضاعفت معاناة من اختاروا البقاء".

ويصف الاشتباكات التي جرت الأسبوع الماضي بأنها الأعنف ولم يشهدها المخيم من قبل، جراء استخدام قذائف أدت لدمار في العديد من البيوت، معتقدًا أن "الأمر مرتبط بمخطط يستهدف تصفية قضية اللاجئين تقوده جهات وأجندات تخدم الاحتلال أمريكا".

اقرأ أيضا: اتهامات لماجد فرج بالتسبب في اشتباكات "عين الحلوة"

جدران ممتلئة بأثر الرصاص، وفتحات كبيرة أحدثتها القذائف، بيوت تدمرت بالكامل، محال تجارية احترقت وأخرى تدمر أجزاء منها وبعضها تعرض لأضرار، مياه تتدفق من خطوط الأنابيب، والظلام احتل أحياءً كانت مسرح اشتباكات مسلحة، هذه صورة للمخيم نقلها حسون أثناء تجوله بالمخيم.

إغاثة محدودة

ويبلغ عدد سكان مخيم عين الحلوة الذي لا تزيد مساحته عن كيلو متر مربع نحو 80 ألف لاجئ، وبسبب الاشتباكات نزح نحو 5 آلاف لاجئ إلى مدينة "صيدا" اللبنانية ومنهم من لجأ للمدارس والمساجد التي تحولت لمراكز إيواء. وفق مسؤول اللجنة الشعبية عن تحالف القوى الفلسطينية خالد زعيتر.

وقال زعيتر لصحيفة "فلسطين": "إن معظم اللاجئين في المخيم يعملون بنظام المياومة، بالتالي من لا يذهب لعمله بسبب الاشتباكات لا يستطيع تأمين حاجته اليومية، وبالتالي حجم المعاناة كبير ولا بد من إيجاد حل".

وقدر قيمة الخسائر بنحو ملايين الدولارات نتج عنها تدمر أعداد كبيرة من المنازل، مبينا أن هناك أحياء أصبحت شبه مدمرة كليا، وأن أعداد النازحين مرشحة بالوصول إلى عشرة آلاف، منهم من لجأ إلى أقارب خارج المخيم ومنهم من يعيش الآن بالمدارس والمساجد.

وتعمل فرق إغاثة، كما أفاد زعيتر، على إغاثة النازحين بالمدارس قدر المستطاع والإمكانيات المتاحة، مؤكدًا أن ما حدث بحاجة لجهود كبيرة ومضاعفة تتطلب إمكانيات إغاثية كبيرة لهؤلاء النازحين، لأن التجار لم يعودوا قادرين على إدخال المواد التموينية بسبب الخوف من تجدد الاشتباكات.

وتفيد معطيات أخرى صادرة عن مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، بتضرر أكثر من 700 منزل ومحال تجاري في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بلبنان، وذلك من جرّاء الاشتباكات المسلحة ما بين عناصر حركة "فتح" ومجموعة "الشباب المسلم".