أدت الاشتباكات المؤسفة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان إلى موجة نزوح طالت سكان المخيم الذي يضم نحو 80 ألف لاجئ، بعد مقتل مسؤول الأمن الوطني في "صيدا" أبو أشرف العرموشي و4 مرافقين له، ثم ارتفعت حصيلة القتلى في إثر تجدد الاشتباكات إلى 11قتيل.
وصباح أمس، اشتدت الاشتباكات بين عناصر حركة فتح، وفصيل "الشباب المسلم" التي اتهمت مدير مخابرات السلطة ماجد فرج بالمسؤولية عن اندلاع الاشتباكات في المخيم الذي لا تزيد مساحته على كيلو متر مربع.
وتفجرت الأوضاع عقب قيام أحد عناصر الأمن الوطني بقتل عنصر يتبع للإسلاميين بالمخيم، تلاه مقتل قائد الأمن الوطني بصيدا، ومن ثم حدوث اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة رشاشة وقذائف.
وتثير الأحداث أسئلة مراقبين فلسطينيين في لبنان تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين" حول توقيت اندلاع الاشتباكات، التي سبقتها زيارة فرج للبنان بأربعة أيام، معتقدين أن الأحداث مرتبطة بمخططات "خبيثة" تستهدف الوجود الفلسطيني في المخيمات، وتهدف لسحب سلاح الفصائل المقاومة عبر إثارة الفوضى.
وأقر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بأن الاشتباكات جاءت في توقيت "مشبوه"، يندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين.
مخطط كبير
ويعتقد الباحث في الشأن السياسي الفلسطيني محمد أبو ليلى أن إشعال أحداث المخيم يأتي ضمن مخطط كبير وخطير لاستهداف الوجود الفلسطيني وتهجير العائلات، خاصة أن المخيم يُؤوي 20- 25 ألف عائلة، ويضم نحو 80 ألف فرد.
وأشار أبو ليلى لـ"فلسطين" إلى أنه وعبر فترات تاريخية سابقة لعبت أطراف خارجية دورا في زعزعة الاستقرار بالمخيم، نظرا لوجود تكتل بشري وتأثير سياسي، مضيفا أن "المتآمرين" على المخيم لا يريدون بقاء المشهد على حاله، ويمضون بعدة مسارات، الأبرز له علاقة باستهداف أمن المخيمات.
ونتيجة الأحداث الدامية في المخيم، نزح قرابة 50% من سكانه إلى خارجه، فمن يخرج لا يستطيع العودة إليه، وخلفت الاشتباكات دمارًا كبيرًا، في مخطط يستهدف ضعضعة الوجود الفلسطيني، وفق أبو ليلى.
وربطت مصادر مطلعة من مخيم "عين الحلوة" الاشتباكات بزيارة مدير مخابرات السلطة ماجد فرج للبنان قبل اغتيال "العرموشي" بأربعة أيام.
اقرأ أيضاً: 3 أيام من الاشتباكات العنيفة.. ارتفاع حصيلة القتلى في عين الحلوة
وقالت المصادر لـ"فلسطين": إن فرج طلب من الدولة اللبنانية إنشاء شرطة فلسطينية داخل المخيمات، وكان ذلك بمنزلة مخطط لسحب سلاح التنظيمات من داخل وخارج المخيم، والهدف منه وقف تنامي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لكنه لم يحقق أي خرق مهم بشأن هذه المطالب.
وأشارت إلى أنه بعد حادثة الاغتيال جرت حملة شيطنة للمخيم بأنه يضم بؤر إرهابيين، مما يصب في مصلحة مطالب فرج الهادفة لإحداث فوضى، لوضع السلاح الفلسطيني على الطاولة اللبنانية، بالتالي تصب الاشتباكات المتتالية في هذه الخانة، علما أن جهاز الأمن الوطني في المخيمات تابع لمخابرات السلطة.
جهود تهدئة
وفي إطار سعيها لإنهاء الاحتقان ووقف الاشتباكات، تحركت حركة حماس بعدة مسارات من خلال التواصل مع الأحزاب الفاعلة كحركة "أمل" وحزب الله والأجهزة الأمنية والنواب المؤثرين بمدينة "صيدا"، والفصائل والقيادات الفلسطينية المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير، وقد أفضى ذلك أمس إلى وقف إطلاق النار وسحب المسلحين من شوارع مخيم عين الحلوة.
وأوضح مسؤول العلاقات الوطنية بحركة حماس في لبنان أيمن شناعة أن الحركة ومنذ بدء حادثة الاغتيال الأولى تحركت لوقف إطلاق النار، وتوصلت أول من أمس إلى تفاهم حقيقي مع حركة "أمل" لوقف إطلاق النار، تم خرقه من "أيادٍ مشبوهة" تسعى للعبث وتنفيذ مشاريع خارجية قد تكون مرتبطة بوجود اللاجئين الفلسطينيين.
وقال شناعة لـ"فلسطين": إن حماس قادت جهودًا لعقد لقاء فلسطيني لبناني موسع بمدينة صيدا، تم خلاله التفاهم على تثبيت وقف إطلاق النار، وتعاهدت جميع الفصائل على الضغط على القوى الأخرى لذلك.
وبين أن القوى تفاهمت على تشكيل لجنة تحقيق في مقتل "العرموشي" وتسليم المتهمين للعدالة اللبنانية.
وعن الجهات الخارجية التي تعبث بأمن المخيمات، قال: إن ملف اللاجئين موضوع على الطاولة وهناك ضغوط حقيقية لتوطين اللاجئين في لبنان، معربا عن خشيته أن يكون ما جرى مرتبطا بهذه المشاريع بهدف تدمير المخيمات الفلسطينية، وتهجير سكان عين الحلوة، وهو ما تسعى حماس لمواجهته والتصدي له وإفشاله.
وتجددت الاشتباكات بالمخيم بعد نحو شهرين على اشتباكات مماثلة أسفرت عن مقتل عضو في حركة فتح داخل المخيم، الذي يعد أحد أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وفي مارس/ آذار الماضي، قُتل شخص وأصيب آخرون خلال اشتباكات ليلية مماثلة في المخيم.