يجد المقدسي نبيل فرعون (64 عامًا) صعوبة كبيرة في التنقل من منزله في بلدة العيزرية شرقي مدينة القدس، إلى المناطق المجاورة والبلدات في الضفة الغربية المحتلة، بسبب الإجراءات الإسرائيلية المفروضة عند مستوطنة "معاليه أدوميم".
و"معاليه أدوميم" مستوطنة إسرائيلية مقامة على أجزاء كبيرة من أراضي بلدتي العيزرية وأبو ديس، وتقع على بعد 7 كيلومترات شرق مدينة القدس، وتأسست عام 1975، وحاليًا تُعتبرها سلطات الاحتلال "ضاحية إسرائيلية" تابعة للقدس المحتلة.
وتجاوز عدد سكان المستوطنة 41 ألف نسمة عام 2018، وقد أنشئت في منطقة الخان الأحمر بداية كمنطقة صناعية، ثم توسعت بوتيرة مستمرة حتى تحولت إلى مدينة استيطانية.
اقرأ أيضا: الاحتلال يسابق الزمن لضم "معاليه أدوميم" للقدس
ويقول فرعون الذي يعمل راعيًا للأغنام: إن المنطقة القريبة من المستوطنة تشهد ازدحامًا مروريا واكتظاظًا مستمرًا وهو ما يعيق تنقله وغيره من المواطنين، واصفًا منطقة المستوطنة بأنها تمثل "عنق زجاجة" إذ تفصل بين شمال الضفة وجنوبها.
ويروي لصحيفة "فلسطين" أن المدة الزمنية التي يستغرقها في تنقله إلى مدينة أريحا تتجاوز الساعة بدلًا من 15 دقيقة في الوضع الطبيعي، بفعل حالة الاكتظاظ التي تسببها إجراءات الاحتلال أمام مستوطنة "معاليه أدوميم".
وبيّن أن سلطات الاحتلال أوقفت التوسع العمراني في بلدة العيزرية، لإفساح المجال لتمدد المستوطنة على حساب أراضي الفلسطينيين، وهذه الإجراءات تندرج في إطار التنغيص على حياة المواطنين، ضمن سياسات التهجير القسري وإحلال المستوطنين بدلًا منهم وإقامة المشاريع الخاصة بهم.
موقع استراتيجي
وأكد الباحث المقدسي خالد عودة الله أن دور مستوطنة "معاليه أدوميم" لا يقتصر على الاستيطان فحسب، إنما تتميز بموقع جغرافي استراتيجي مهم على حدود شرقي القدس بمحاذاة الطريق التاريخي بين المدينة وأريحا.
وأوضح عودة الله لـ"فلسطين" أن رؤية الاحتلال عند بناء المستوطنة في السبعينات كانت ضمن مشروع "ألون" بحيث تكون نقطة امتداد استيطاني للقدس باتجاه الشرق، مشيرًا إلى أنها تجمع بين الدور الاستيطاني الاستراتيجي والجغرافي والاقتصادي، من حيث أنها تربط شمال الضفة بجنوبها، عدا أنها تشكل خزانًا بشريًا لـ"الصهيونية الدينية".
وأضاف أن موقع "معاليه أدوميم" الاستراتيجي يأتي ضمن رؤية إسرائيلية شاملة للسيطرة على الضفة الغربية والأماكن الاستراتيجية فيها، لافتًا إلى أنها تقع ضمن منطقة صناعية أيضًا.
اقرأ أيضا: ضمّ "معاليه أدوميم" للقدس سيفصل شمال الضفة عن جنوبها
ويقول رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي: إن هذه المستوطنة أُريد لها أن تكون امتدادًا لمدينة القدس، بحيث يتم تهيئتها لتُضم إداريًا لها مستقبلًا.
القدس الكبرى
وبيّن الهدمي لـ"فلسطين" أن المستوطنة تُشكل منطقة استراتيجية ضمن مخططات الاحتلال لإنشاء ما يسمى "القدس الكبرى"، ولا سيّما أنها تقع على مساحة كبيرة وقابلة للتوسع بشكل كبير واستيعاب أعداد كبيرة من المستوطنين.
وأوضح أن المستوطنة المقامة على أراضي الفلسطينيين، تضم مستوطنين متطرفين وتحاصر بلدتي العيزرية وأبو ديس وتمنعهما من التمدد والبناء، واصفًا ذلك بأنه "أمر خطير جدًا".
وأضاف أن الاحتلال يريد أن يجعل من المقدسيين أقلية في مدينة القدس، بضم التجمعات الاستيطانية، وأبرزها "معاليه أدوميم"، مشيرًا إلى أنه يعتبرها أحد خيارات حل المشكلة الديمغرافية للقدس.
وشدّد الهدمي على أن "المستوطنة تُمثّل خطرًا استراتيجيًا على أهل القدس، لأنها ستؤدي إلى تهجيرهم والسيطرة عليهم".